اكتب لقضية أو هاجس أؤمن به أما وقد تحولت بعض الأقلام الجنوبية نحو الآخر الجنوبي بصورة تنذر بالعودة إلى المربع الأول الذي تبع الاستقلال الوطني في 1967م فلا أرى لي مكانا في هذه الزوايا فهي لا تستهويني ولا أؤمن بها بأي صورة من الصور.
هناك مسلمات في قاموس أي منا يعمل عقله، وهي أن الناس يمكن أن تتناحر باختلاف الأهداف لكنها لا تتناحر بسبب اختلاف الآليات إذا كان الهدف واحد، وفي حالة الجنوبيين فان الهدف واحد وان اختلفت الوسائل، وإذا استنفذنا طاقتنا في صراع على الآليات المحققة للهدف فماذا سنبقي من طاقات للهدف ذاته؟.
أن أكفرك سياسيا أو أخونك أو اشكك في انتمائك لمجرد أن تختلف معي في الوسيلة في حين تتفق معي في الهدف فذلك منتهى الغباء السياسي حتى لو جاء ذلك من أضخم جثة واكبر رأس جنوبي.
أكاد اجزم أن حالنا أصبح مثل حال المتأسلمون الجدد الذين تركوا الجوهر وذهب كل منهم خلف شيخه، فهذا خلف البيض وذاك خلف علي ناصر وآخر خلف العطاس ورابع خلف الجفري وحتى شباب الحراك أصبح لكل جماعة أمام يتبعونه، هذا بخلاف أتباع الشخصيات المستقلة ورجال الثقافة والفكر والإعلام على الرغم من أن كل هذه الرموز تلتقي عند نقطة حق شعب الجنوب في تقرير ما يراه ويقتنع به، فهل يخبرنا احد على ماذا نختلف؟.
التكتل الجنوبي، مثلا، أرى فيه زراعة لثقافة القبول بالرأي الآخر وتلبية لمطالب لا زلنا ننادي بها وهي وحدة الصف الجنوبي، وبدلا من أن نشد على أيدي أطرافه ونسعى لتوسيعه انبرى نفر للهجوم عليه وكأن هناك غنيمة أو مكسب سيسبق إليه.
مثلا، ماذا لو تشكلت تكتلات جنوبية أخرى وأصبح حوارنا بين تكتلات بدلا من مكونات كثيرة؟ ماذا لو فتحنا حوار حول وثائق التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي و مستهدفاته وما إذا كانت تلبي طموح الجنوبيين، أليس ذلك أكثر جدوى للقضية الجنوبية؟ ماذا لو تحققنا من الدعم الخارجي الذي قيل انه حصل عليه، فأطراف هذا التكتل زملاء لنا نعرفهم جيدا ومن السهل معرفة ما إذا كان هناك بوادر نعمة ظهرت عليهم، هل يستطيع هذا التكتل أن يفتح قناة فضائية أو يصدر جريدة؟ هل يستطيع أن يخفي موارده المالية؟ هذا على الرغم من أن هذا ليس جوهر القضية فالأهمية تكمن في أن هناك وحدة جنوبية ممكنه إذا صدقت النوايا وابتعدنا عن الشخصنة.
قالت الأخت دلال الحمزه من على شاشة عدن لايف أن الإعلام الجنوبي يباعد ولا يقارب بين الجنوبيين وإننا بحاجة إلى إعلام يصنع وحدة جنوبية، وقالت الدكتورة سناء مبارك من على منبر عدن الغد أن المفكر نعوم تشو مسكي قال ما معناه (أن تشتيت جهود الأمة بقضايا جانبية يلهيها عن الهدف الأساسي الذي يجب أن تلفت إليه) ولعمري إننا في الجنوب نعيش ملهاة كبيرة تصرف انتباهنا عن الهدف الأساسي.
شكرا لبناتنا سناء ودلال فقد قرعت كل منهن جرس إنذار نرجو أن تسمعه قيادات وقواعد الجنوب جيدا.