قلنا أكثر من مرة أن حرب 94 في الجنوب كانت خطيرة ومدمّرة, لكن الأيام أثبتت لنا أن ممارسات نظام صنعاء بعد الحرب أخطر من الحرب نفسها و انعكاساتها أكثر تدميرية ووحشية, فما تتعرض له مدينة عدن هذه الأيام من هجمة شرسة وفوضى أمنية متعمدة شيء يدعو للقلق ويبشر بقدوم أيام سوداء غابرة تلوح في الأفق, الأحوال المعيشية في عدن تزداد تدهوراً والأوضاع العامة تزداد تفاقماً, والجو محموم وملتهب بسبب الطغيان الأعمى والإذلال الذي يُمارس بحق المواطن الجنوبي, وهو أمر قد يبدو طبيعي في بلدٍ محتل يديره تحالف قبلي عسكري استخباراتي, ويتصدره مجموعة من اللصوص, لكنه يبقى غريباً وموحشاً بالنسبة لمواطن مدني بسيط نهل من كأس التاريخ العريق رفاهيةً وحرية وثقافة.
المنصورة تلك المديرية الساكنة أصبح لا يغمض لها جفن ولا تنام لها عين لما يحفها من أصوات الرصاص المدوي فوق رؤوس العزل من أبناءها, وسماؤها باتت سوداء مسمومة لا تعرف إلا البلاء والهلاك في وضح النهار الأحمر, وعلى مرأى ومسمع من العالم وتحت ظل خطاب إعلامي يمني يتكفل بتكوين صورة فجّة وغير واقعية لا تعبر ولو 1% عن حقيقة ما يجري على الأرض.
4 شهداء جنوبيون حصيلة أربعة أيام وعشرات من الجرحى في محيط ساحة الشهداء بالمنصورة, تلك الساحة التي نذرت حبها وولاءها للجنوب عندما نزفت على أرضها دماء المئات من شبابها الأحرار ونساءها الأطهار, مازالت تدفع ثمن صمودها وتحديها لإجرام وإرهاب السلطة اليمنية لليوم, في الوقت الذي يحتفل به المئات في العاصمة اليمنية بفوز المرشح المصري "مرسي" بإطلاق الألعاب النارية, وما بين نارٍ ونارٍ عار يلاحق كل من يرى ويسمع بقنص المواطنين الآمنين ويصمت.
عليكِ السلام يا مدينة البهاءِ والجمال, يا أرضاً غادرها الأمان بلا وداع, قومي وشدي عليكِ الجرح بدل الضياع, لتكوني أقوى وأمنع بكل البقاع .