أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. أنها رسائل تحتوي في مضمونها على شيء من مخاطبة الضمير وشيء من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .
الرسالة الأولى / إلى الدكتور عزمي بشارة :
استمعت إلى الكثير من التصريحات , وقرأت الكثير من المقالات المجحفة بحق شعب الجنوب , وهي تصريحات وكتابات تتناقض جملة وتفصيلا مع الكثير من القيم والمسلمات السياسية والإنسانية المتعارف عليها.. لكن جميع ما قرأت او سمعت " كوم " .. وما سمعته من عظمة لسان المفكر العربي الكبير الدكتور / عزمي بشارة حول قضية الجنوب .. " كوم آخر " ! ... وهي كذلك نظرا للمنزلة الفكرية الكبيرة التي يحتلها الدكتور عزمي , ولحضوره الطاغي ايضا كرمز للمثقف العربي إضافة للموقع الرسمي الجديد الذي يشغله كمدير لأكبر مركز دراسات عربي للدراسات في الوقت الراهن ... فما الذي جعل الدكتور / عزمي يقول ما قال في شأن قضية الجنوب , في حين ان الظروف التي مر بها كمناضل فلسطيني ضدا للاستعمار والهيمنة والاغتصاب اليهودي تحتم عليه ان يكون الأقرب إلى فهم معاناة الشعوب , وحقها في السيادة الكاملة على ترابها الوطني ؟!!.
في برنامج الضفيري ..( في العمق ) قال الدكتور عزمي في آخر ثواني البرنامج بنرجسية شديدة غير معتادة ما صدمني شخصيا وجعلني اضرب كفا بكف حسرة وألما وأسفا على هذه الدرجة الشديدة من " الاستهتار " التي عبر عنها الدكتور بكل بساطة وعنجهية وغطرسة في حق شعب عربي نبيل كشعبنا في الجنوب ! .. وفي تقديري الشخصي ان وقت البرنامج الذي انتهى قد أسعف الدكتور وحال بينه وبين طرح المزيد من " الترهات " و " التسطيح " و " الاستخفاف " و " الاستهتار " غير المتوقع من رجل في منزلة الدكتور عزمي والتي كان من الممكن جدا تضاف إلى ما قاله بنرجسية شديدة .
قال الدكتور في آخر لحظات البرنامج معبرا عن رؤيته " القاصرة " جدا تجاه قضية الجنوب : انتبهوا ..!! لا تعطوهم أكثر من الحكم الذاتي وبحذر .. لأن المزيد من ذلك يمكن ان يؤدي إلى الانفصال ! .. والله انه لعيب كبير ان تقول يا دكتور هذا الكلام , وانه لأمر محزن ومؤسف جدا ان يصدر مثل القول من شخصية كبيرة في منزلتك , كما إنني لم افهم معنى , ومغزى ان تضع نفسك بما قلت وجها لوجه ضد إرادة شعب عربي كريم , تعلم تماما انه كان يحتكم على دولة عربية كاملة السيادة حتى يوم 21 مايو 1990 م , وانه توحد بإرادته الحرة دولة شعب عربي آخر يوم 22 مايو , وان هذه الحكومة او الدولة العربية التي توحد معها قد انقلبت على هذه الوحدة بالحرب في عام 1994م ما حول هذه الوحدة إلى احتلال صريح .
ثم إنني أريد ان أسألك يا دكتورنا العزيز .. هذه ال " انتبهوا " .. التي قلتها في روشتتك العظيمة .. توجهها لمن ؟؟ من الذي عليه ان ينتبه ؟ وممن عليه ان ينتبه ؟!!.. من الواضح أنها موجهه إلى من اغتصب حقنا , واحتل أرضنا , وانتهك سيادتنا , ونهب ثرواتنا , وبدد كرامتنا , وشتت شملنا , وفرق جماعتنا , وإذكا الفتن بيننا , ونشر الجهل في أوساطنا , وحلل دمائنا , واستباح حرماتنا , وقتل شبابنا , ونكل بمناضلينا , وألب الأمم علينا ليقفوا ضدنا .. كما فعلت أنت وتفعل حاليا !! .. فمالذي بقي عليه أن يفعل؟ .. ولم يفعل حتى تأتي " أنت " بعقليتك الكبيرة هذه لتنبهه ان يكون حذرا معنا ؟ .. ان تفكيك عباراتك " المعيبة " يادكتور تقول بصريح العبارة / انتبهوا يا أهل صنعاء .. انتبهوا يا أركان نظام الجمهورية العربية اليمنية فلكي تحافظوا على هذه الوحدة " نموذجنا المشرف " نحن القومجيين العرب .. انتبهوا ان تقدموا لهؤلاء الجنوبيين " حلا لقضيتهم " أكثر من حكما ذاتيا " محدودا " !! لأن حكما ذاتيا " مطلقا " يمكن ان ينتهي بهم إلى " الانفصال " !! ما يعني ان الوحدة " ستنتهي " ..ونحن لا نريد لهذه ( الوحدة – الاحتلال ) ان تنتهي ... أليس هذا ما تقصد ان تقوله يا دكتور عزمي ؟
ترى هل يمكن ان تقبل ان يأتي " احدهم " ويقول لك , وهو في منزلة عليمة او سياسية كبيرة مثل هذه العبارة مصروفة إلى قضية الشعب الفلسطيني البطل وحقه الأكيد في السيادة على كامل ترابه الوطني ؟ .. ان الاحتلال ومعانيه البغيضة يا دكتورنا العزيز واحدة سواء كان فاعلها هذا " الأخ الشقيق " ام ذلك " العدو البعيد " .. لأن نتيجتها بطبيعة الحال واحدة وهي حرمان شعب من حقه الكوني في السيادة على أرضه ووطنه كما هو حالنا في الجنوب اليوم.
ان الذي جعلني أثير ما قاله الدكتور عزمي بشارة قبل أكثر من شهر في برنامج ( في العمق ) بعد هذه المدة الزمنية , يعود إلى ما شهده تراب الجنوب يوم الأحد الماضي يوم 14 أكتوبر من طوفان شعبي هادر ,اجتاح بصخبه وعنفوانه كامل أراضي بلادنا تعبيرا عن إرادة شعبنا التي لن تقهر بحول الله , ومضيها قدما نحو الاستقلال والتحرر .. فهل أسعف الوقت او ( قناة الجزيرة ) الدكتور عزمي بقليل ممن تجسد على ارض الواقع في هذه المناسبة الوطنية الجنوبية ام ان رئيس المركز العربي لدراسة السياسات لم يعد يكترث لما بحدث على ارض " الواقع " ولا ..لإرادة الشعوب ونضالتها الكريمة !! ترى هل يمكن ببساطة شديدة ان يتم تجاهل إرادة شعب الجنوب وقد تجلت في رابعة نهار يوم الأحد الماضي ؟ .. وماذا يعني هذا التجاهل ؟ ..
إنني أرجو من زميلي صاحب جريدة وموقع ( عدن الغد ) ان يرفق مع هذا المقال صورا ومقاطع " فيديو " تبرز ما اجترحه شعب الجنوب يوم 14 أكتوبر هدية منا للدكتور عزمي بشارة ولأرشيف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات .. كما أرجو ايضا ان تقدم رفقة كل ذلك صور للشاب الجنوبي / احمد محمد محسن بن مشوش والتي تبرز ما تعرض له هذا الشاب الجنوبي من تعذيب وتنكيل في سجون حجة وصنعاء .. فقط لأنه قال / انا جنوبي !.. لنسأل بعدها ان كان للدكتور عزمي ان يقبل لوحدة من هذه النوعية ان تستمر ولو على حساب كرامة الإنسان ؟!!
ختاما ... أتوجه إليك يا دكتور عزمي بدعوة رسمية لحضور احتفالات شعبنا القادمة يوم 30 نوفمبر لترى بأم عينك ماذا تعني لنا قضية الجنوب .. ولتتعرف على شعب عربي حر , يملك إرادة لا تقهر وعزيمة لا تنكسر و قناة لا تلين وإصرار لايتزعزع وهو لن يتوقف بحول الله فيما يمضي إليه بثبات ... والمعذرة ان قسونا في نقدنا .. فلا يوجد في هذه الدنيا ما يمكن ان يضاهي كرامة شعبنا ولا يوجد لدينا ماهو اغلي ولا اعز من حريتنا واستقلالنا .
الرسالة الثانية / إلى مندوب الأمم المتحدة إلى اليمن السيد / جمال بن عمر :
لك ان تعلم يا سيدي العزيز انه إذا ما لمع اسم السيد / جمال بن عمر في إي لقاء ( جنوبي – جنوبي ) على إي مستوى كان , وفي إي مكان .. في داخل الوطن او في خارجه , فان هذا اللمعان دائما – وليس غالبا – ما يقترن بتذكر الدور المشبوه لسلفكم السيد / الأخضر الإبراهيمي في مهمته " الأممية " التي كانت من ذات النوع تقريبا أثناء حرب احتلال الجنوب صيف عام 1994م . فلا زالت الذاكرة الجنوبية تحتفظ بين جنباتها , بأبغض الذكريات وأسوأ الانطباعات عن السيد/ الإبراهيمي الذي – وبلا أدنى شك – لعب دورا متواطئا إلى حد بعيد إلى جانب قوات نظام صنعاء أثناء تلك الحرب المشئومة التي انتهت باحتلال الجنوب .
وفي حقيقة الأمر ان أكثر الاحتمالات حسنا للظن في دور , وموقف الأخضر الإبراهيمي , ربما يرجع ذلك إلى موقف الرجل " القومجي " تجاه مفهوم " الوحدة " ورغبته في بقائها تحت أي ظرف كان .. بينما يمكن ان يعود الأسوأ منها إلى غير ذلك من الأسباب التي لا نريد ان نخوض فيها حتى لا نصيب أحدا بجهالة . لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدال ان موقف الرجل لم يكن محايدا ولا كان عادلا بأي صورة من الصور . ففي الوقت الذي كانت فيه القوات الشمالية تسرف في استخدام القوة وتسفك الدماء أثناء تقدمها في أراضي الجنوب " جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية " كان الإبراهيمي يتلكأ متعمدا في باريس ما يقارب العشرة ايام دون مبرر مقنع لتأخره وعدم مباشرته لمهمته على وجه السرعة المطلوبة . كما ان الرجل الذي زار صنعاء والتقى برئيس النظام حينها / علي عبدالله صالح وبقية الأطراف الشمالية لم يجد الوقت .. ولا " الفرصة المناسبة " !! .. للقاء القيادات الجنوبية الا في مرحلة متأخرة وفي المكلا فقط حينما قابل السيد / علي سالم البيض حينها, رافضا بعد ذلك الذهاب إلى عدن للوقوف على حقيقة الوضع المأساوي هناك ولمشاهدة ومعاينة رأي الشعب في الجنوب الذي كان يعد العدة حينها للخروج إلى الشارع ترحيبا به وبمهمته السياسية !
أخي العزيز السيد جمال بن عمر / ... يقول احد الكتاب اليمنيين حرفيا , في مقالة له بصحيفة ( الجمهورية ) الرسمية التابعة لنظام الاحتلال عن مهمة الإبراهيمي ما يلي : في لقاء جمعني بالأخضر الإبراهيمي في صنعاء بجناحه الخاص بفندق شيراتون أثناء زيارته لليمن ومشاركته في العيد العاشر للوحدة , قال لي مبررا موقفه السلبي في حرب 1994 م و" تواطئه " مع قوات الشرعية حينها لحصار عدن ودخولها عسكريا .. قال : (( نحن عندما لاحظنا أن قوة الطرف الشمالي هي الموجودة على الأرض , وأن قوات الشرعية تتقدم إلى عدن , (( تركنا )) لها المجال للحسم ! .. ويكمل الكاتب اليمني بالقول : وبالفعل قدم الأخضر الإبراهيمي خدمة " غير شريفة " لأحد أطراف الصراع والحرب حينها , وكانت النتيجة كارثة حرب 94م التي نتجرع نتائجها المدمرة حتى اليوم .. ! انتهى الاقتباس من مقالة الكاتب اليمني في صحيفة يمنية رسمية .. هي صحيفة الجمهورية التابعة للنظام ... نتمنى الا تكرر بما تفعل ما فعله الابراهمي لينتهي دوركم بتقديم " خدمة غير شريفة " تبقي الاحتلال على ارض الجنوب ولا تقدم حلا نهائيا لمختلف تعقيدات الوضع السياسي القائم بشكل عام !!
وفي ذات السياق ورد في تقرير رسمي للسفير / عبدالله محمد الصايدي – السفير والمندوب الدائم للجمهورية اليمنية في نيويورك ما يلي : عند عودة السيد / الإبراهيمي إلى نيويورك قدم تقريرا مفصلا إلى مجلس الأمن ولم يتضمن توصيات قد تفضي إلى إيجاد آلية وقف إطلاق النار وإرسال قوات حفظ سلام ! علما بأن أطرافا إقليمية كانت على استعداد بأن تقوم بتمويل هذه القوات نيابة عن الأمانة العامة للأمم المتحدة ... ويذهب السفير إلى القول : وفي اعتقادنا ان الوحدة اليمنية كانت " محل تقدير " كل من الدكتور بطرس غالي ومبعوثه الخاص الأخضر الإبراهيمي , الذي " اتهم " بتعمد تأخير التقرير بغية إعطاء فرصة للقوات الشرعية لاستكمال مهمتها القتالية !
الأخ الأستاذ / جمال بن عمر ... هذه مقتطفات يسيرة , تسلط الضوء اليسير على " الدور المشبوه " .. " غير العادل " الذي قام به سلفكم السيد / الأخضر الإبراهيمي عام 1994م .. ونحن نعتقد ان موقعكم الرسمي في الأمم المتحدة ومهمتكم الخاصة في اليمن حاليا سوف تتيح لكم " الفرصة الكبيرة " للاطلاع على تفاصيل التفاصيل لملابسات " الأزمة السياسية " التي انتهت إلى حرب احتلال الجنوب عام 1994م , وكذلك الدور البغيض – بالنسبة لنا كجنوبيين – الذي قام به السيد الإبراهيمي حينها .
السيد بن عمر / هاهو التاريخ اليوم يعيد نفسه ساخرا منا جميعا , وكأنه بما يقدم من أزمات حقيقية هائلة , يسخر أكثر ما يسخر من " تواطئ " الأخضر الإبراهيمي . وكأنه يقول له بصريح العبارة .. ان " العدل " هو أفضل الطرق لحل الخلافات , وان التذاكي والقول بالتعاطي مع " معطيات الأمر الواقع " على حساب العدل والإنصاف لا يمكن ان تقدم " حلا دائما – مستمرا " .. وأن أقصى ما يمكن ان يقدمه مثل هذا السلوك , هو " حلا مؤقتا " لا يلبث ان تنكشف عورته وقصور رؤيته مع مرور الزمن , إذ انه لا يتجاوز في تأثيره وفعاليته دور " المسكن المؤقت " لمرض خطير لا يجوز معه الا العلاج الناجع مهما كانت قسوته ومهما كانت مرارته .
والآن .. والآن أيها السيد العزيز .. إننا في الجنوب " نخشى " ان تسير في نفس الطريق الذي سار فيه سلفك الأخضر الابراهمي ! .. خاصة و أن جميع الدلائل والمؤشرات التي نرصدها في تحركاتكم تنبئ بأن ما هو قادم لن يكون أفضل مما كان " امميا " على الأقل !.. إذ ان أكثر من ( 90 % ) من جهودكم الدبلوماسية وحواراتكم السياسية وجولاتكم الميدانية وربما تقاريركم الأممية تتركز حول مختلف القوى السياسية لمنظومة دولة " الجمهورية العربية اليمنية " .. الدولة العربية القطرية التي " احتلت " أراضي دولة عربية قطرية , أثناء " تنفيذ " مشروع وحدة اندماجية فورية بين الدولتين ! ... ويؤسفنا جدا توصيفكم للحراك الجنوبي في تقريركم الأخير بالحراك المسلح !
أخي العزيز / .. ان لقائتكم " القليلة – الشحيحة " مع الأطراف الجنوبية لا تتجاوز اللقاءين او الثلاثة على الأكثر ! .. كما ان حضوركم لمشاهدة الإرادة الشعبية الجنوبية في إي مناسبة وطنية رصيدها ( صفر ) .. وهي أفعال من حيث نوعيتها ومقاصدها السياسية لا تختلف نهائيا عن جوهر لقاءات الأخضر الإبراهيمي مع بعض القيادات الجنوبية أثناء حرب الاحتلال ورفضه الالتقاء مع إرادة الجماهير في الجنوب ..كما يمكنني القول ان دوركم واجتماعاتكم مع الجنوبيين , إنما تأتي للقول فقط : إننا قد التقينا مع هذا الطرف الجنوبي أو ذاك , وهي فوق كل هذا وذاك – مع الأسف الشديد – لقاءات ترمون من خلالها إلى " تبليغ " رسالة سياسية إلى هذه الأطراف الجنوبية مفادها : ان عليكم فورا ان تنخرطوا في العملية السياسية خلال المشاركة في الحوار الوطني ! ... والأغرب من كل ذلك هو ان تقترن هذه الرسالة بتهديدات مبطنه بمواجهة عقوبات تحت ذريعة " عرقلة الحوار " !! .. فأي عجب أكثر من هذا ؟ .. وأي مدعاة للأسف أكثر من ذلك ؟ .. فما دخل الجنوب بمبادرة وقعت في الرياض لم نكن طرفا فيها ؟؟!!
ومن جهة أخرى أجده مناسبا ان أذكرك يا سيادة المندوب .. ان هذا الحوار المسخ الذي تدعونا للمشاركة فيه , إنما يعني في مفهومنا الوطني " لقضية الجنوب " ان نقبل خيانة قضيتنا والتضحية بدماء وأرواح ألآلاف الشباب الذين قدموا أغلى ما لديهم في ساحات النضال السلمي الشريف سعيا خلف حقهم المشروع في الحرية والاستقلال .. أنها تعني يا سيدي العزيز / ان تتنازل دولة عربية كاملة السيادة عن حقها في الحوار ( ندا لند ) مع الدولة العربية الأخرى التي تحتل أرضها وتنتهك سيادتها إلى المرتبة (( رقم 6 )) بحسب تصنيف اللجنة الفنية لأطراف الحوار اليمني ... فأي مسخرة اكبر من هذه التي تدعونا للمشاركة فيها!! .
ثم عليك ان تتذكر – ولا تنسى - أخي العزيز .. ان جميع الأطراف الجنوبية الفاعلة على الساحة السياسية في الجنوب قد عبرت عن مواقف واضحة من هذا الحوار اليمني , فلقاء القاهرة الذي حضره أكثر من 600 مندوب جنوبي من داخل الوطن وخارجه , ابلغوا اللجنة الفنية للحوار .. ولرئيسها – مهندس حرب الاحتلال – عبدالكريم الا رياني في القاهرة وجها لوجه قبل أكثر من ثلاثة أشهر , إننا لن نقبل الا حوار بين طرفين " شمالي – جنوبي " وتحت رعاية إقليمية او دولية .. وعلى ان يكون خارج اليمن ! كما ان التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي الذي تشكل مؤخرا في عدن , عبر هو الآخر عن رؤيته للمشاركة في إي حوار وهي رؤية لا تختلف عن الرؤية السابقة من حيث المضمون .
أما أقوى الفصائل الجنوبية وأكثر تأثيرا في الشارع الجنوبي – وأنت بلا شك تعلم ذلك – فقد عبرت أثناء مؤتمرها الوطني الذي انعقد يوم 30 سبتمبر في عدن وحضره أكثر من 1200 مندوب عن رفضها المطلق لهذا الحوار ورحبت بحوار ما بين ممثلين للجنوب مقابل ممثلين للشمال وصولا إلى تحقيق حق شعب الجنوب في الاستقلال وفك الارتباط وهو الحق الشرعي لهذا الشعب العريق الذي عبر عنه في أكثر من مناسبة بشكل صريح وواضح . كما ان موقف السيد الرئيس علي سالم البيض وبقية القوى السياسية والشخصيات الجنوبية الكبيرة تنسجم تماما مع هذا الحق الشرعي , ولاترى في خلاف ذلك سوى نوعا من العبث وإضاعة للوقت ... وهنا يفرض السؤال التالي نفسه : من هو الذي يمكن ان يشارك في هذا الحوار ممثلا للجنوب ؟؟ ... هل هو عبدالله الناخبي ؟؟ .. أم هو علي حسن زكي ؟؟ ..وأنتم تعلمون إي وزن لهما في الشارع الجنوبي بعدما قبلا المشاركة في هذا التواطؤ المقيت .
أخي العزيز ... إننا نناشد ضميرك الصاحي ان شاء الله , وعقلك الحكيم .. ضرورة التعامل مع " قضية الجنوب " وليس " القضية الجنوبية " كما تقولون من منطلق جوهرها الحقيقي .. الذي يقول انا قضية دولة عربية وطنية تم استباحة مقدراتها في ثنايا ملابسات وحدة فاشلة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى . كما انه من الواجب عليكم التفريق مابين " الأزمة السياسية " التي نتجت عن ثورة الشباب في صنعاء والتي جاءت " المبادرة الخليجية " لمعالجتها , وقضية الجنوب التي لم تأتي إي مبادرة من إي نوع كان لمحاكاتها ومعالجتها ,, وأخيرا لن نزيدكم الا تذكيرا لحقيقة كبيرة تقول : ان إرادة الشعوب لا تقهر ... ونقسم لك يا أخي العزيز إننا في الجنوب لن نكون " الاستثناء " لهذه القاعدة التاريخية المتعلقة بالسلوك السياسي للبشر .
الرسالة الثالثة : إلى جميع قيادات ووجهاء واعيان وسلاطين ورجال دين وأمراء ومشايخ ومثقفي ونخب ورجال أعمال الجنوب ..إلى كل من لديه المقدرة على المساهمة في تحرير الجنوب بلا استثناء .
الشئ الأكيد ان " الجنوب " كوطن عربي .. أو كدولة عربية وطنية نالت استقلالها وسيادتها على أرضها عام 1967 م لا يشكل " حالة استثنائية " في الكيفية او في الظروف السياسية التي تشكلت فيها ما سمي بعد ذلك اصطلاحا بالدولة العربية الوطنية او " الدولة القطرية " كما ورد في كراريس الأحزاب العربية القومية . لكن الأكيد ايضا ان هذا الوطن شكل في مرحلة ما بعد الاستقلال " حالة استثنائية " تختلف تماما في تجربتها عن سائر تجارب الدول العربية الأخرى الممتدة من المحيط إلى الخليج في كل شئ تقريبا .
ولعل العنوان الأبرز للنتيجة النهائية لمسيرة هذه الدولة وهذا الشعب , تتمثل في إننا نقف اليوم أمام حالة تحول فيها شعب الجنوب إلى الشعب العربي الوحيد الذي لا يملك وطن !! .. أو الشعب العربي الوحيد الذي لا يملك إي سيادة على ترابه الوطني !! ... إذا نحن أمام حالة لشعب عربي تجاوزه " الشعب الفلسطيني " المحتل بمراحل في حيثية سيادته على أرضه وتمكنه من قراره الوطني .. فهاهو محمود عباس يحكم في الضفة الغربية بينما يحكم إسماعيل هنية في قطاع غزة !.. في حين لا يملك اليوم السلطان العفيفي أو الرئيس ناصر او الرئيس حيدر او الرئيس البيض او الأستاذ الجفري او الشيخ صالح بن فريد او الزعيم باعوم او السلطان غالب او السلطان الكثيري او الأمير شعفل او الشيخ النقيب .. أو .. أو .. إي سيادة على إي ذرة من تراب دولة الجنوب ... أنهم يملكون (( لا شئ )).. أنهم ومتى وطئت أقدامهم ارض الجنوب لا يتجاوز وضعهم في معظم الأحوال وضع " الزائر – المؤقت – المرحب به " من قبل قومه .. وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز حالة أو وضع " المناضل " الذي يملك طموحات في صدره وفكره , ولا يملك " حيله أو وسيلة " لترجمة تلك الطموحات إلى واقع نضالي على الأرض !
أيها السادة .. علينا ان نعترف إننا بما فعلنا , وبما نفعل حاليا , إنما نمارس " الخطيئة الوطنية " في اسوأ معانيها وأشكالها ان جاز التعبير .. علينا ان ندرك ان ننساهم من حيث لا ندري ولا نعلم في اغتصاب إرادة شعب الجنوب في حريته وكرامته وسيادته على أرضه ... أيها السادة علينا ان نتمعن جيدا وبهدؤ في أدوارنا وممارساتنا وأفعالنا وأنشطتنا وسلوكياتنا وتحركاتنا , وفي كل ما نطلق عليه مجازا " نضالنا " الوطني .. لنجد إننا بما نفعل , ابعد ما نكون عما يجب ان يكون من قبلنا كرجال عليهم تحمل المسئولية التاريخية لانتشال هذا الوطن وإنقاذ هذا الشعب من هذه الكارثة التي قدر لها ان يعيش فيها منذ عقود نتيجة لرعونة الأداء السياسي لمن حكموا هذا الشعب وهذا الوطن خلال العقود الماضية.
ان لدي إيمان كبير لا حد له , انه لايزال في إمكاننا ان نفعل من اجل هذا الوطن أفضل بكثير مما كان .. كما ان لدي يقين عميق في ان الفرصة لازالت سانحة أمام هذا المجموع الجنوبي الذي ذكرت والذي أوجه له هذه الرسالة , لكي ينتفض على هذا الواقع ( الجامد - البارد ) , ولكي ينتصر على نفسه وعلى حساباته الصغيرة وتكتيكاته العقيمة التي لا يمكن الا ان تعيد إنتاج الماضي بكل صوره وإشكاله المؤلمة والمخزية .
كما إنني لا اعتقد انه ليس نهاية لطموحاتنا المشروعة ان الله لم يقوض من بين صفوفنا من هو في منزلة ومكانة الزعيم التاريخي " نيلسون منديلا " ليقود المسيرة .. او من هو في منزلة " المهاتما غاندي " ليصيغ ويبلور سلوك شعب في مرحلة نضالية , او من هو في طموحات الزعيم الأفريقي " لوثر كنج " الذي حرر السود في أمريكا بعبارة واحدة : يوجد لدي حلم !! .. فليس شرطا ان يتصدر المشهد النضالي لدينا " زعيم تاريخي " لا يشق له غبار ! .. فهاهي الأمم والشعوب تنطلق في مسيرات ناجحة دونما " زعامات تاريخية " ..ولا " فصيل سياسي قائد او رائد .. أو شرعي " او غير ذلك من مصطلحات الفشل والتخبط والخواء الفكري الذي نعاني منه حاليا . ان الكثير الدول حققت الحرية والاستقلال والاستقرار والتقدم والرخاء دون ان يتحرك أمام عربتها زعيم او رئيس أو صنم او حزب رائد !
ان بداية الطريق الصحيح لمسيرة جنوبية ظافرة , تكمن في ان يتوفر لدينا ككل الإيمان الكبير في ان " مفتاح النصر " هو بين أيدينا جميعا , وان مسئولية معالجة وحل قضية الجنوب في مفهومها الوطني التحرري إنما هي مسئولية جنوبية خالصة لأن أساس وسبب وجودها كقضية وطنية , هو نحن وليس غيرنا. .. علينا ان نؤمن إيمان لا يتزعزع , ان (( 99 % )) من عوامل الانتصار بأيدينا نحن كجنوبيين وليست بيد غيرنا , فلا حاجة لنا نهائيا ان نناشد هذه الدولة او تلك لتتفهم واقع قضيتنا العادلة , ولسنا بحاجة لأن نقنع هذه المؤسسة الدولية او الإقليمية او تلك بعدالة قضية الجنوب .. ولا حاجة بنا لأن نلهث خلف جمال بن عمر الذي يلهث خلف كل شئ في صنعاء لسبب وحيد يتمثل في أنها تفرض " الأمر الواقع " على الجنوب ... الم يقل سلفه – سيئ الصيت – الأخضر الابرهيمي إنني تعاملت في حرب 1994 م , مع " الأمر الواقع " الذي فرضته " صنعاء " على " عدن " ! .. لماذا لا ندرك ونفهم هذه العبارة السهلة .. ونعمل معا من اجل " ان نفرض امراً واقعا "على " صنعاء " من " عدن " .
ان " فرض أمر واقع جنوبي " .. هو البداية الصحيحة التي على أبناء الجنوب ان يسعوا إلى تحقيقها , وهي استحقاق وطني , يتطلب جهدا ذاتيا من مختلف القوى السياسية الجنوبية , على اعتبار ان فرض " أمر واقع جنوبي " سوف يقود حتما إلى ما تنادي به حاليا بعض القيادات الجنوبية من ضرورة ان تتبنى دول مجلس التعاون الخليجي " مبادرة خليجية " لحل قضية الجنوب !! .. في حين ان الحقيقة السياسية تقول ان دول مجلس التعاون الخليجي او المجتمع الدولي لا يمكن ان يتبنى إي مبادرة سياسية لحل قضية الجنوب وفقا لطموحات شعبنا في التحرر والاستقلال الا في حال ان يفرض الجنوبيون أنفسهم أولا وقبل كل شئ " امرا واقعا " على أرضهم
هذا هو مربط الفرس .. وهذه هي نقطة الانطلاقة الصحيحة والسليمة ,وهذا هو مضمون رسالتي هذه إلى جميع من ذكرت , عطفا على وجود ظروف سياسية على ارض الجنوب تمثل في حقيقة الأمر " فرصة تاريخية " .. أخشى الا تتكرر والتي تتمثل في وجود " إرادة شعبية " لم يشهد لها تاريخ الجنوب مثيلا من قبل حتى في مرحلة النضال من اجل طرد الاستعمار البريطاني !.. فماذا تنتظر هذه النخب أكثر من هذه الفرصة ؟؟
ان فرض " الأمر الواقع الجنوبي " لن يكون الا من خلال حشد جميع طاقاتنا الوطنية جميعها في مسار نضالي واحد حتى تصبح قوة حقيقية تفرض نفسها ولا يمكن تجاهلها او القفز عليها .. وحشد الطاقات الجنوبية لا يمكن ان يكون الا من خلال ان تتفق هذه القيادات على " ثوابت وطنية " ..قلناها ونقولها وسنقولها مرارا وتكرار ! .. فأي أمة على وجه الأرض قامت وأسست دولتها دون ان تكون لها ثوابتها الوطنية ؟؟؟ .. ان عدم اتفاقنا كجنوبيين على " ثوابت وطنية " سوف يبقي الطريق سالكا لبعض القوى الجنوبية للسفر يوميا إلى صنعاء ! .. وهذا يعني انه سيبقى دائما امرا ملتبسا على الجميع التمييز ما بين معنى " قضية الجنوب " .. ومفهوم " القضية الجنوبية " !.
لأن مفهوم " القضية الجنوبية " يعني انه يحق للطفي شطارة وللناخبي وزكي .. أن يقلبوا " ملف قضية صعدة " على طاولة مايسمى ب " الحوار الوطني " تماما كما يقلب على نفس الطاولة وبنفس الحق الوطني حميد الأحمر حيثيات " القضية الجنوبية " ! في حين ان مفهوم " قضية الجنوب " تقتضي ان يتحاور حول حيثيات هذه القضية طرفان اثنان .. احدهما طرف من دولة الجنوب والآخر طرف من دولة الشمال .. وشتان مابين هذه وتلك .
إننا بحاجة إلى رجال يبعث بهم التاريخ ليحلوا بين ثنايا سجلاته , مسطرين أروع الملاحم في الرفعة والسمو والعطاء والإيثار والتضحية والنضال والإقدام والإصرار والجلد والمثابرة والصبر والتحمل وسعة الصدر وسعة الأفق ... وإنني بالمناسبة لا اصدق انه لايوجد من بين جميع من أوجه لهم هذه الرسالة من هو جدير بحمل هذه المهمة التاريخية على عاتقه ... فهل من مجيب لهذا الوطن وهذا الشعب أيها الأحرار ؟؟ .. هل من فريق ؟ هل من رجال !! سيقولون نعم نحن لها ... ان من يتحمل هذه الأمانة على عاتقه عليه ان يدرك انه سينجح بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى لسبب واحد فقط .. لأنه سيقف خلفه شعب جبار ... وسوف نكون نحن والكثير من الشرفاء خلفه ومعه مهما كانت التضحيات ومهما عظمت المهام .
ملاحظة ختامية : ستتضمن المقالة الختامية بعض المقترحات العملية لمن تخصهم هذه الرسالة ..