الزنداني في حوار مع الجزيرة نت
حاوره:إبراهيم القديمي-الجزيرة نت
كيف يمكن أن تنطلقوا في دعوتكم للتوفيق بين طرفي نقيض، بين السلطة التي ترفض الحوار مع من تعتقد أنهم خارجون على الدستور والقانون، وبين من يريدون الانفصال وإقامة كيان خاص بهم في الجنوب وصعدة؟
-الزنداني: بعد تلك المؤتمرات والندوات اجتمعت مجموعة من العلماء الذين نظنهم من أهل الاستنباط والقدرة على معرفة الأحكام الشرعية وهدى الله واستعرضوا هذه المسائل فوجدوا أن سبب المشاكل في اليمن يعود إلى سببين داخليين وثالث خارجي:
الأول: سوء تعامل السلطة وأجهزة الدولة مع أبناء الشعب الذي نتج عنه بعض المظالم ومصادرة الحقوق مثل التسريح من الوظيفة العامة وازدياد جرعات الغلاء في وقت تزداد فيه موارد البلاد من النفط والغاز مما أوجد الغضب في نفوس الناس والشعور بالدونية والإقصاء والتهميش، والشعب اليمني شعب حر ومثل هذه الأمور تستفزه فبدا الناس يرفعون أصواتهم ضد هذه الممارسات، وهذا السبب أصبح حقيقة يعترف بها الحزب الحاكم والرئيس شخصيا. وبجوار ذلك الانحلال الأخلاقي والتبشير النصراني الذي بدا يظهر في البلاد والجمعيات الأجنبية ذات الأهداف المشبوهة التي تجند عددا من المواطنين لحمل أفكارها وسياساتها التي تصب في النهاية في تحقيق تلك السياسات هذا كله جعل الناس يضجون وهم يرون هذا الواقع. ما علاج ذلك؟
ولعلاج هذه المظالم اقترح العلماء الأجلاء أن تتشكل لجنة من شخصيات محترمة ذات مصداقية ومكانة تسمى "لجنة رفع المظالم وإعادة الحقوق إلى أهلها" في كل محافظات اليمن وتقوم هذه اللجان باستدعاء كل من له مظلمة والاستماع إليه وإنصافه فما استطاعت أن تحله مع أجهزة الدولة ومصادر الظلم فهذا خير وإن تعذر عليها شيء يستحق حكما شرعيا فالمقترح يقضي بتكوين محاكم مستعجلة في كل محافظة -بحوار لجنة رد المظالم– لتحال إليها الشكوى لتبت فيها فورا ويكون قرارها باتا سواء كان النزاع مع أطراف من الدولة أو الأفراد الذين يقال إنهم متنفذون وعندئذ ستحل الكثير من الإشكاليات التي تبعث على هذا الأنين.
كما اقترح العلماء أن تقوم الدولة بدعم المواد الغذائية والدواء والأمور الضرورية من ثروة الأمة فالكثير من الناس يجدون مشقة في توفير لقمة العيش فلماذا جرعات الغلاء؟ والبترول يتدفق والغاز يزداد ما السبب؟ فساد مالي فهذا مال الأمة والفقراء أولى الناس به وإذا وقع ذلك فسوف تتحرك الحياة الاقتصادية وسوف يجد كل إنسان شيئا يستطيع العيش به دون التعرض للسؤال أو الهجرة.
الثاني: أن اليمن قبل بالأحزاب والتكوينات السياسية وبالتداول السلمي للسلطة فنشأ عن ذلك أن قامت أحزاب وتكتلات سياسية، لكل حزب مشروع يرى أنه الأولى بالسلطة وهذه بديهية لكن لم نأخذ ببقية الخطوات اللازمة لهذا ولم يتيسر ذلك في الواقع وبقي الذي بيده السلطة متمسكا بها لا يمكن أن يسلمها فوجد آخرون ممن يريدون الوصول للسلطة أنهم يظلمون في الوصول إلى حقهم فعبروا عن ذلك بالخروج المسلح في صعدة والمطالبة بالانفصال في الجنوب والمواجهة التي قد تصبح عسكرية وعبروا عن ذلك بالمسيرات.
فما هو الحل لهذا ؟
-لن نأتي بجديد في هذا المجال لأن الدول سبقتنا فيه وضمنت إقامة انتخابات حرة ونزيهة وضمنت منع الظلم في البلاد فنصت مبادرة العلماء على:
- ضرورة إقامة قضاء مستقل استقلالا كاملا عن السلطة التنفيذية حتى لا يوجه القضاء بالتلفونات والضغوط والمقصود بذلك الاستقلال المالي والإداري والقضائي ويكون هناك مجلس للقضاء يدير أمره يتم اختياره بالطرق التي تحقق وضع الأمور في يد أهلها حتى يجد المظلوم من ينصفه.
- ضمانات حقيقية لإقامة انتخابات حرة ونزيهة.
- إقامة حكومة وحدة وطنية من جميع أطياف الشعب تشرف على هذه الانتخابات.
–تفعيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا نحفظ أخلاقنا وديننا وقيمنا ومثلنا.
ثم نقول للقوى السياسية في الساحة يجب أن تحترموا شعبكم وتسلموا له في اختيار من يريد إن كنتم حقا تريدون صلاح الأحوال واستقرار الأمور، أما أن تعدلوا عن هذا إلى الحرب والانفصال واستعداء جزء من الشعب ضد جزء آخر ونشر ثقافة الكراهية بين أبناء شعب واحد مسلم ومد اليد إلى القوى الأجنبية التي لا تريد إلا تمزيقنا وتحويلنا إلى كيانات ضعيفة عاجزة تقع تحت نفوذها الاستعماري فهذا لا يقبله شعبنا ولا يقره ديننا.
من جانب آخر الإصرار على إفساد الانتخابات وتزوير إرادة شعب هو أمر سيوصل الناس إلى اليأس من أن يأتي الإصلاح بالطرق السلمية فيكون ذلك سببا لتفجير الأوضاع وإشعال البلاد بالحروب والفتن.
الثالث: لقد ظهر جليا فيما أعلنه البنتاغون في مشروعه "الشرق الأوسط الكبير" أن المطلوب هو تقسيم البلاد العربية -بما فيها اليمن– إلى دويلات صغيرة وسلطنات، ومن يرجع إلى التاريخ يرى أن هذا هدف من أهداف مؤسس الكيان الصهيوني هيرتزل الذي قال إن جزيرة العرب حينما تقوم دولة إسرائيل، يجب أن تكون دويلات صغيرة عاجزة عن الوقوف أمام إسرائيل ومشغولة بالتناحر فيما بينها.
*هل تعتقد أن هذه المعالجات والأفكار ما زالت ممكنة وقابلة للتطبيق على الرغم من اعتقاد البعض أن الأحداث ربما تجاوزتها وأنها تسير باتجاه "اللاعودة" خاصة حينما نرى ما يحدث في الجنوب وصعدة؟
-الزنداني: هل سير الأحداث في طريق "اللاعودة" في صالح اليمنيين؟ الإجابة لا. إذن يجب أن نبحث عن مصلحة أبناء اليمن والوطن ويجب أن نقدمها ونسعى لتحقيقها حتى لا نقع في الهاوية.
*ما رأيكم فيمن يعتقد أن العلماء بمن فيهم الشيخ الزنداني هم -ربما- امتداد للسلطة ويتحدثون باسمها وبشروطها خاصة أنكم وقفتم عام 1994 مع السلطة ومع الرئيس صالح؟
-الزنداني: هناك تشويه متعمد لشخصي وللعلماء عندما تتجه الأحداث إلى أمور كبيرة ومخاطر عظيمة الهدف منه إسكات هذا الصوت لأنه ليس في مصلحة من يريد فعل تلك الأحداث، فقد رأينا هذا في عام 94 حينما قامت صحيفة الشورى الناطقة باسم اتحاد القوى الشعبية بنقل فتوى عني زعمت فيها أني أفتيت بها لصحيفة ألمانية أكفر فيها أبناء الجنوب وادعت الشورى أن صحيفة الحياة اللندنية نقلت الفتوى فلم أترك لهذه الصحيفة كذبها وتدليسها وأحلت دعوى إلى القضاء وأنا يوم ذاك كنت عضو مجلس الرئاسة وأخذت أقاضيها حتى صدر الحكم لصالحي وحكمت المحكمة بإغلاق الشورى مدة ستة أشهر وتأديبها وفرضت عليها الاعتذار لثلاثة أعداد وظهر أنها أكذوبة حاقدة ظالمة. لمصلحة من هذا؟ لمصلحة إثارة الأحقاد والكراهية بالباطل والزور.
والآن في هذه الأحداث زعمت صحيفة الأيام أني التقيت وزير العدل مع مجموعة من العلماء وأصدرنا بيانا بتكفير الشعب الجنوبي للمرة الثانية ونقلت هذا عن أحد قيادات الحراك فأصبح قرآنا منزلا على الرغم من أني لم أقابل وزير العدل إلى يومنا هذا ولم يجمعني به أي مجلس، وهو كذب وافتراء لكنه من أساليب من يريد إسكات صوت يعلم أنه يصدع بالحق فيريد أن يعبئ النفوس ضده حتى لا يستجيب له أبناء الجنوب.
*إذا اتجهت الأحداث في الجنوب إلى الكفاح المسلح عوضا عن النضال السلمي فهل يعقّد ذلك جهودكم؟
-الزنداني: الذين يعرفون حقائق الأمور لا يستغربون هذا الانتقال من حال إلى حال، ليس بجديد عليهم فالذي يطالب بفك الارتباط -وهي مغالطة وتحوير للأمر عن حقيقته- هناك وحدة تمت برضا الشعبين وأقيم لها دستور واحد وأجريت لها انتخابات متعددة لمجلس نواب ثم يأتي اليوم من يسميها فك ارتباط ومن يصل لهذا الهدف هو قطعا قرر المواصلة في طريق الانفصال يبدأه بالمظاهرات والمطالبة بالحقوق ثم ينقله للصدامات فالعمل المسلح واستدعاء الأمم المتحدة بالتدخل ثم استدعاء القوى الأجنبية لإنقاذه والدفاع عنه كما فعل عملاء الاستعمار في العراق جلبوا الاستعمار وكانت النتيجة ملايين الشهداء والأرامل والمشردين من العراقيين، فالمطلوب إدخال اليمن في حالة شبيهة بحالة العراق.
والسير في هذا الطريق حتما يعقد المسائل -كما تفضلت– لكن إذا تحرك العلماء ومشايخ البلاد ووجهاؤها والأحزاب الوطنية المخلصة وتراجعت الحكومة عن بعض تصرفاتها واتفق الناس على مشروع هذه الحلول أو غيرها زيادة أو نقصا فإننا نرجو أن نتجنب هذه الفتن وسوف يتوقف التدليس والتلبيس على أبناء شعبنا.
*إذا اتجهت الأحداث في الجنوب إلى الكفاح المسلح عوضا عن النضال السلمي فهل يعقّد ذلك جهودكم؟
-الزنداني: الذين يعرفون حقائق الأمور لا يستغربون هذا الانتقال من حال إلى حال، ليس بجديد عليهم فالذي يطالب بفك الارتباط -وهي مغالطة وتحوير للأمر عن حقيقته- هناك وحدة تمت برضا الشعبين وأقيم لها دستور واحد وأجريت لها انتخابات متعددة لمجلس نواب ثم يأتي اليوم من يسميها فك ارتباط ومن يصل لهذا الهدف هو قطعا قرر المواصلة في طريق الانفصال يبدأه بالمظاهرات والمطالبة بالحقوق ثم ينقله للصدامات فالعمل المسلح واستدعاء الأمم المتحدة بالتدخل ثم استدعاء القوى الأجنبية لإنقاذه والدفاع عنه كما فعل عملاء الاستعمار في العراق جلبوا الاستعمار وكانت النتيجة ملايين الشهداء والأرامل والمشردين من العراقيين، فالمطلوب إدخال اليمن في حالة شبيهة بحالة العراق
. *كيف سيكون تعاملكم في حالة عدم قبول قوى الحراك الجنوبي التعاطي معكم تحت سقف الوحدة؟
- الزنداني: نحن لنا دين يحكمنا وما أفتى به علماؤنا واطمأنت إليه نفوسهم فسوف نتبعه بإذن الله.
هل تتوقع حدوث حرب شاملة لا سمح الله؟
-الزنداني: وحرب صعدة ما هي؟ وهذا الإعلان عن التحول من النضال السلمي في الجنوب إلى العنف واستخدام القوة هو مؤشر على الخطر.
. هل نستطيع القول -رغم كل ما يحدث- إن اليمن لا يزال بخير وإن الأمور يمكن أن تعود إلى نصابها أم أن الوقت قد فات؟
-الزنداني: الذي جعلك تسأل هذا السؤال هو شعورك بأن الأخطار قد كبرت وأنها لم تعالج في بداياتها وأرجو أن يكون سؤالك هذا نداء إلى أبناء اليمن أن قوموا وتحركوا فإن الخطر عظيم وأملنا في الله كبير إن تبنا إليه وتحاكمنا إلى شرعه واستغفرنا من ذنوبنا وأصلحنا شأننا وأقمنا الحق فيما بيننا فإنه قادر على تغيير أحوالنا السيئة إلى ما هو خير منها.