رائد الجحافيمؤسس الملتقى
عدد المساهمات : 2797
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
العمر : 45
الموقع : الجنوب العربي - عدن
| موضوع: آخر الغرائب: خالد مشعل يتوسّط بين اليمن وإيران! بقلم :محمد صالح مجيّد الإثنين 14 ديسمبر - 5:24 | |
| تأتي الأخبار بما يجعل سامعها يندهش، ويستغرب متسائلا إن كان صدقا ما يسمع، أو مجرّد تهويمات صحفيّة لا تخلو من مبالغات أو شطحات لا غاية لها إلا ملء الصفحات أو الإبهار لشدّ السامع أو القارئ أو المشاهد.. ومن كثرة الأخبار الطريفة في عالم السياسةلم يعد المتلقّي يتفاعل معها بالضحك أو الابتسامة، وحتّى إن فعل فضحك كالبكاء. آخر الأخبار السياسيّة الطريفة حدّ البكاء والعويل، ما تردّد عن زيارة السيّد "خالد مشعل" إلى اليمن بغاية التوسّط بين هذا البلد وإيران! فقد نقلت وكالات أنباء كثيرة أن "زعيم حماس" قد شدّ الرحال إلى اليمن لتهدئة الخواطر بين "اليمن" وإيران بعد التوتّر الحاصل بين البلدين بسبب المعارك في الجنوب بين الحكومة والحوثيين، ويزداد الأمر غرابة عندما ننظر مليا في المشهد الفلسطينيّ المُوشّح بالصراعات والخلافات بين حماس وفتح. فهل فضّ السيّد "خالد مشعل" كلّ مشاكله الداخلية حتى يتفرّغ لمهام الوساطة بين اليمن وإيران؟ فمَنْ يريد أن يكون عرّاب سلام ما عليه- بداهة- إلاّ أن يُنجز بعضه في أرضه، إذ لا تجوز الصّدقة بالسّلام إلا بعد أن يرتوي الفلسطينيون منه! الذي نراه على الأرض اقتتال داخليّ، وانتحار على أسوار الخلافات والحسابات الضيقة. والجميع يعلم أنّ دماء الفُرقة والغدر لم تجفّ بعد بل ما زالت آثارها وشما في ذاكرة الفلسطينيّ الذبيح. فما الجديد الذي طرأ حتى يتكلّم السيد خالد مشعل باسم السّلام بعيدا عن أرضه؟؟ هل جاء إلى اليمن رافعا شعار "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"!؟ ألا يخجل هؤلاء الذين يلبسون ثيابا فضفاضة تتجاوز أجسادهم النحيلة من تسجيل حضورهم في مواقع أكبر منهم ومن حجمهم الحقيقي!؟ ألم يكن من الأجدر أن يمدّ السيّد "خالد مشعل" يده إلى الفلسطيني الآخر الذي يتبادل معه التهم، وأن يبحث معه، بعيدا عن التأثيرات الخارجية، عن سبل حقن الدماء بين الإخوة الأعداء!؟ لم يعد هناك مجال للشكّ في أنّ القادة الفلسطينيين من الجانبين يمارسون أدوارا سياسيّة حسب الطّلب؛ فهم وقود لمعركة أكبر من أحلامهم البسيطة- وإن كَبُرَتْ- يتّخذون مواقف، ويسلكون طرقا تُمْلىَ عليهم علاماتها وإشارات مرورها، ويتحرّكون وِفْقَهاَ بـ"الروموت كنترول"!. أمّا المواطن الفلسطينيّ المسكين فهو أسير هذا الطرف أو ذاك حسب "السّجن" الذي اختارته له الصّدفة؛ فإذا شاء القدر أن يكون بـ"دولة رام الله وما جاورها من قُرى" اضطُرّ لمبايعة أُولِي الأمر فيها، والخروج للشّارع كي يرفع لافتات مطلوب إليه أن يعلن من خلالها ولاءه. وإذا أراد له القدر أن يقطن "جمهوريّة غزّة الإسلاميّة" فهو مطالب بأن يُطلِق لحيته، وأن يتبرّك بكرامات زعماء حماس الذين يفكّرون في مكانه ويكفّرون كلّ مَن يعارضهم، ويختارون له نمط عيش ليس له أن يرفضه أو أن يناقشه!. ومن الجانبين يتبدّى أنّ الفلسطينيّ لا يملك قراره.. فهو مجبر على أن ينتظر إملاءات مشروطة، وليس له أن يسأل عمّن يدفع ثمن تنقّل "خالد مشعل" إلى اليمن! وعمّن خوّل لعباّس أن يختار صائب عريقات وريثا له! لعلّ السيد "خالد مشعل "آلمه ما يقع في جنوب اليمن، وما انجرّ عنه من تلاسن بين "إيران" واليمن فتطوّع من ماله الخاص لأداء هذه المهمّة النبيلة!! ما مصلحة الفلسطينيّ البسيط من هذه الزيارة؟ هل ستُعيد إليه الكهرباء المفقودة أم الماء الذّي عزّ وصوله إلى المنازل؟ ما هي المصلحة الفلسطينيّة من هذه الزيارة؟ فهل حُلَّت كلّ مشاكل الفلسطينيّ حتّى يتفرّغ بعض قادته لحلّ مشاكل الآخرين؟ وبمثل هذه الممارسات يتأكّد أنّ القادة السياسيين في فلسطين لا ينطلقون من رغبة صادقة في خدمة أبناء شعبهم؛ إن هم إلا دُمى تحرّكها قوى إقليميّة ودوليّة لا يعنيها أن تعرف مأساة الفلسطينيّ نهاية! فكلّما طال عناء هذا الشّعب، وتكبّد مصائب الدنيا، استرجعت دول مجاورة أنفاسها، وضمنت طول إقامة حكامها في السلطة. فما جدوى هذا الدور الوهمي الذي يلعبه "خالد مشعل"؟ وهل أنّ الشغل الشاغل للفلسطينيّ اليوم هو -فعلا- توقف الحرب بين الحكومة والحوثيين في اليمن؟. ويبدو أنّه لن يُغمَض لمشعل جفن إلا بعد أن يتأكّد أنّ الحرب في هذا البلد الشقيق قد وضعت أوزارها، وأنّ روع السّكان قد هدأ وعاد الجميع إلى ديارهم سالمين، ولا غرابة في أن يعلن تطوّعه لتوطين السّكان الفارين من المحرقة في غزّة ضيوفا على إخوانهم الذين ينعمون بالأمن وبعسل الديمقراطية! هل وجد الفلسطينيّ المسكين الأمن لنفسه حتى يطلبه للآخرين أم هكذا هو الفلسطيني المسكين مطلوب إليه أن يحمل أعباء كل الأزمات في هذا العالم الغريب؟. يبدو أنّ الأخبار كلّما توغّلت في الغرابة والعجيب أضحكت؛ إذ ما الفرق بين خبر "خالد مشعل" وهو يتوسّط بين اليمن وإيران وخبر "اريتريا" الدولة الإفريقيّة الصغيرة -مساحة ونفوذا- وهي تدعو الولايات المتحدة إلى ضبط النفس بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟! اختلفت الأماكن وتغيّر الشخوص لكنّ السخرية هي نفسها ترسم لوحة قاتمة عن النفاق السياسيّ، وعن العبث بأحلام المحرومين الجياع الذين ينتظرون الخبز المغمّس في الصدق من أيدي عابثين يسرقون، ليلا، الأمل ويضحكون، نهارا، بأنياب الأسد.
momjaied@alarab.co.uk
|
|