يحكى
أن...يا سادة يا سيدات يا صغار ويا كبار – أنه وقع في مطلع السنة الهجرية
من العام 1431- الموافق أواخر شهر 12 للسنة التاسعة بالقرن الواحد
والعشرين، أن السلطان عفاش النباش، كان متسلطن على مشيخة جزر واق الواق ما
وراء النقيل والآفاق - على غير عادته صحا الفجر بدري رغم أن الخميس عطلة،
كما لو أن شيء عظيم من شواغل المشيخة العليا يشغله، وجاءته بشارة:
- سويناها ونفذنا لك المحرقة، تأمر بحرائق أخرى!
- ناهي وحقكم على جنب...واصلوا واحرقوا طريق طريق، لا قدك رايح كثر بالمذابح!
قال
الراوي: شل عفاش النباش نفسه وحط لما سمع نجاح ما سماها (بعملية المحرقة
المعجلية الموفقة) ودق له واحد أكسير بلا ثلج هذه المرة من "أبو خطوة"
المفضل - بعد أن أفرغ محتويات الإكسير الأخير رجع على عجل إلى نومه
السريري الأبدي العميق، و أصدر تعلمياته السامية لحجابه وحجاميه، ومنهم
معالي حاجبه لشؤون برع، وكذا زيره وحاجب كلامه، الناطق بلسانه لتسويق
هدرته وهذيانه - بمنع أي واحد يذهنه مهما حصل أو صار في المشيخة، حتى لو
جاءه للتهنئة أحبابه من "تنظيم الجالسة" في الغرف المجاورة داخل قصره!
قال الراوي:
واحد
ثاني معروف صحا حسب عادته والشمس في الضحى، هو معالي الحاجب الأول لعفاش
النباش. قال في نفسه قدام المراية بعدما مطمط ذراعه ومرّن أضلاعه:
- اليوم راحة، ما فيش أحسن من الراحة، الخميس أنيس. وفتح مذكرته في
الهاتف الجوال ليشوف مواعيده الهامة وقرأ: اليوم موعد مع الأصحاب علس وبلس
وغلس. قبل الظهر لعب جولف و تنس. وبعد الغداء تخزينه وبعده ملس...!!
لكنه ما درى ألا وجاه تلفون مفزوع مرعوب من حاجب دفاع عفاش:
- هلوه.. هلوه .. شلوه.. شي سمعت خبر الفجر ولا أنا غلطان؟
-خير؟ ولا أسمع ألا صوتك الآن...أيش في؟! رد الحاجب الأول حق عفاش
-سمعت انهم أحرقوا المعجلة وما حواها...! قال حاجب دفاع عفاش
-أيش من معجلة؟! سأل الحاجب الأول لنباش العفاش
-المعجلة، المعجلة في عدن أبين وشبوه! أجاب بزعل واستغراب حاجب الدفاع
-يا رجال أتكلم بوضوح من سحق من؟ سأل الحاجب الأول ببراءة معهودة فيه
-هم هم سحقوا معجلة باكازم، نعيتك ناعي ؟!!! رد حاجب الدفاع بضيق
-ومن أصدر أوامر السحق والمحق؟ سأل الحاجب الأول
-قالوا جلالة السلطان أصدر الأمر وآخرون لا نعلمهم، الله يعلمهم....أجاب حاجب دفاع النباش
هنا حك الراوي رأسه وواصل:
راح
الحاجب الأول حق عفاش النباش يبحث على خارطة العالم السياسية عن المعجلة
ومناطق باكازم وعدن أبين وشبوه وما في شرقها وغربها! فاكتشف بثاقب بصره
وخبرته الطويلة في العلم المساحي أنها تقع بنصها وفصها في بلاد أخرى لا
علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بمشيخة عفاشه النباش! فشخط من حله في
الجوال وكان با يكسر الشريحة والغلاف كمان من شدة غضبه على حاجب الدفاع
العفاشي، وحذره:
-أنت ما لك ومال التدخل في الشؤون الخارجية للبلدان الأجنبية،،،أنت عسكري عسكري وبس، من الآن وصاعد انتبه لشغلك...خل لنا حالنا...!
-لكن المعجلة لحنا منها وفيها، لحنا من تاك البلاد، شلينك!
-كنا، أما اليوم فلحنا..! حنبت الكلمة في حلق الحاجب الأول وصعب عليه يكملها
-طيب
على الأقل خلنا نعتذر رسمي لأهالي الضحايا النساء والأطفال والشيوخ في
المعجلة من شأن يقولوا: ونـِعْـم لحنا والله ...! واستحى هو الآخر
يكملها...
-كيف تقول، راحوا فيها نساء وأطفال وشيوخ...!؟ سأل الحاجب الأول
- يه،
يه جني شلها مسؤولية معانا لا وجه لها ولا قفا، سحقوا فيها ذي ذكرت،
وذبحوا زيده الغنم والبل والنحل ونوبه ويعسوبه، وخلطوا لحم البهائم
بالبشر، ولصقوه على شجر الشوك و السمر...
يا سادة يا سيدات يا صغار يا كبار!
قبل
ما تصل الحكاية إلى بدايتها، قال الراوي: من حله نط الحاجب الأول وحاجب
الدفاع حق عفاش، واتصلوا و لكن متأخرين بسلطانهم النائم المغمىعليه في
حالة... - وبوسوا ركبته يمكن يعتذر ولو بكلمة أخيرة لمحرقة المعجلة من باب
المجاملة والمواساة لقتل النفس الآمنة عمد في بلاد أخرى مجاورة! لكنه
بصوت مبحوح مسعول بالكاد يفهم، شتمهم شتيمة:
-من تكونوا حتى تطالبوني بالاعتذار من هنوط باكازم وصومال عطن وأنطنوس المكلا، واخطام المهره و...و...؟
-هاه
من انتوا؟ أنتوا وما حواكم كلكم من شرذمة "البدون" لا أصل ولا حسب، مقيمون
عندنا برخصة أمددها لكم كل سنة، كلوا واملوا البطون...واحمدوه... ولا با
تغسلوا بعدها الصحون!!!
هنا
سكتت شهرزاد عن الكلام المباح وفي نفسها تواصله لا الصباح، لكنها حلفت
يمين أن تبطل خطب وحكاوي ومحازي بعد محرقة زنجبار و المعجلة والحبيلين
وغيرها كثير موثق، ومسكت شهرزاد ركن مكين لتحامي عن بقية النساء
والأطفال والشيوخ! وتنهدت من قاع رجلها وقالت: عويله لعلباكم عنيتكم كنكم
شعكم رعكم هككم بككم...ما دام هبت المرجله، توقعوا ألف معجله ومعجله...!
عاشق الجنوب –
عدن
1/1/2010