قرأت منذ يومين تصريحاً للأخ عبدالمجيد الزنداني رئيس جامعة الايمان في صنعاء يدعو فيه الى الوحدة والتسامح والى ماهنالك من قيم راقية حتى لحسبت انه يخاطب الشعب النمساوي او السويدي وليس الشعب الجائع المريض الرازح تحت ضعظ الفساد المنتن. على العموم الله أعلم بالنوايا قد يكون الأخ عبدالمجيد فعلاً حريص على وحدة الشعبين اليمني والجنوبي على إعتبار أن في وحدتهما مقدمة لتوحيد باقي الامة التي لم تتوحد منذ عهد الخلفاء الراشدين ومن ثم الاستعداد بعد ذلك لتحرير فلسطين والشيشان قبل غزوة المريخ المباركة بإذن الله.
ماعلينا، الذي لفت نظري في تصريح الأخ عبدالمجيد هو تعليقه بإن لفظة الدحباشي لفظة جاهلية لاتنبغي أن تصدر من مسلم لأخيه المسلم. الذي لفت نظري وأثار دهشتي هو أن الدحبشة والدحابشة لا علاقة لهما بالجاهلية فأنا قد قرأت الكثير من الشعر الجاهلي بل وقرأت كتاب طه حسين "في الادب الجاهلي" الذي شكك فيه في الشعر الجاهلي ولم ألمح أي ذكر لأي دحباشي، لم أسمع عن عمرو بن أبي دحباش مثلاً أو عكرمة الدحباشي أو حتى أي دحيبيش صغير كما لم أقرأ عن أعرابي يخاطب أخر بيقوله: لاتتدحبش يا أخ العرب أو يالك من دحباشي أرعن!!
إذن الاخ عبدالمجيد أخطأ كثيراً بإرجاعه أصل "الدحبشة" للعصر الجاهلي السحيق وأهل الجاهلية على ما فيهم من فسق وفجور وكفر كانوا أبرياء من تهمة الدحبشة براءة الذئب من دم سيدنا يوسف.
قد ربما يكون مقصد الأخ عبدالمجيد أن إطلاق لفظ دحباشي على أشخاص ذو سلوكيات محددة يشابه من حيث فظاعته فسق وفجور اهل الجاهلية، وهذا لعمري إن صح مقصده فهي الدحبشة بعينها. فكل المضطلعين على الثقافة اليمنية المعاصرة يجدها مبنية على عدة عناصر كالقات، والترهات وإضاعة الاوقات والدحبشة. فالدحبشة ليست كلمة عرقية يقصد بها سكان منطقة معينة بل هي تلخيص لسلوكيات متخلفة بدائية شبيهة – مصادفة غريبة – لسلوكيات أهل الجاهلية، عندما تطلق على شخص يقصد بها أن هذا الشخص يتصرف بطريقة بدائية غبر حضارية ، فأنا على سبيل المثال عندما أقود سيارتي بطريقة بدائية أخالف فيها قوانين السير – كالسواقة في صنعاء مثلاً – تصرخ زوجتي في وجهي إن كانت معي: توقف عن الدحبشة رجاءً !!
كذلك عندما يصبح نظام الحكم وأركانه بدائيون – مثل أهل الجاهلية – يصبح نظام حكم دحباشي لا يلتزم بقانون ولايعرف غير الرعونة والوساخة السلوكية والعفن السياسي والكذب والمكر والخداع والسرقة واللطش، فعندما يطلق على هذا النظام بأنه دحباشي فهذا هو الوصف المناسب واللائق الذي يلخص كل سلوكياته الجاهلية وعندما يطلق لفظ دحباشي على كل الكائنات الاخري التي تساند نظام كهذا فهذا هو التوصيف المناسب لهم جميعاً بغض النظر عن انتماءاتهم للشمال أو للجنوب...فكما قال مبتدع شخصية دحباش التلفزيونية الشهيرة "الدحبشة معيار في ساحة الافكار".
فليطمئن الأخ عبدالمجيد بأن لفظ دحباشي ليس باللفظ العنصري بل هو لفظ حضاري أفضل بكثير من التكفير وفتاوى القتل والتفجير. من يدري ربما إذا أعجبه