أساء الكثيرون إدراك الكيفية الحقيقية لحب الوطن،فجعلوها ألحاناً وترانيم،وطقوساً وشعارات لا تمت إلى الوطنية الصحيحة بصلة،فنشأت أجيالٌ هزيلةٌ في ولاءاتها ساذجة في مخزونها الفكري بل والعاطفي!!
إذ سرعان ما تتنكر لأمتها،وتبادر إلى بيع ولاءاتها لمن يدفع أكثر!!
ذلك أن العلائق الدنيوية ، والمصالح المادية ، لا يمكن أن تصنع ولاءً صادقاً بل سرعان ما تذوب تلك الولاءات عند أول تيار ساخن يعصف بها كما أن تلك الوطنيات المزعومة سرعان ما تسقط عند الدفعة الأولى .
والحب الحقيقي للوطن هو الذي يُقدس العقيدة ويرسخها في الأجيال ، فينشأ عنها حب الوطن لإيمان أهله وإسلامهم وخلو أرضهم من مظاهر الشرك والبدعة لا الحب المُعظم للحجارة والأتربة والمناخ والتضاريس والحدود الجغرافية !
إنَّ الحب الحقيقي للوطن يتجلى في أمور منها :
أولاً : الحرص الأكيد ، والعمل الجاد في نشر العقيدة الصحيحة لتعم أرجاء الوطن كي يتمتع المواطنون بالإيمان الحقيقي بالله تعالى ويصدقون في حُبه والاعتماد عليه وحده دون غيره حتى إذا ما حاولت قوة في الأرض الاعتداء على دينهم وعقيدتهم أو استباحة أرضهم وأموالهم إذا بهم ينتفضون انتفاضة الأسد دفاعاً عن الدين والعقيدة وذباً عن الأعراض،والأوطان،معتمدين على الله تعالى دون غيره،موقنين بأن قوته الباهرة كفيلة بهزيمة أي عدو غاشم ، وعقر كل جواَّظ غليظ ، وقهر كل صائل أثيم !!
ثانياً : القضاء المحكم على أسباب الشر والرذيلة ، وعوامل الخلاعة والميوعة التي تغرق المجتمع في أوحال الفساد والخنا، فتنشأ الأجيال الشهوانية العابدة لملذاتها ومتعها الرخيصة بحيث يتعذر عليها القيام بأدنى دور ذي بال يحفظ لها كرامتها وشرفها عند تعرضها للامتهان على يد عدو متربص وصائل حاقد .
فضلاً عن جهاده ومقاومته وطرده ودحره !
إذ أن تجفيف منافع الفساد والفتنة هو الكفيل بصنع الرجال الحقيقيين المحبين لربهم ودينهم المدافعين عن وطنهم المؤمن الموحد ، بصدق وعزيمة .