كل ما يجري باسم التحرير والاستقلال وغياب دور الإعلام الجنوبي يسهل للإعلام المعادي استغلال حصيلة النشاط لصالح جهات تسعى إلى ضرب القضية الجنوبيةعدن - ملتقى جحاف - خاص
استطلاع/ رائد الجحافي: (الحلقة الأولى)إلى العاصمة عدن كانت زيارتنا هذه المرة، عدن الجمال والمدنية والسياسة والعلم، عدن الحضارة والفن والثقافة والصمود، لا ادري من أين أبدأ استطلاعي هذا...
سيارة الأجرة الصغيرة بلغت أخيرا مدينة ريمي بالمنصورة، كان عليّ أن أترجل من السيارة في جولة القاهرة الواقعة بين مدينتي الشيخ عثمان والمنصورة، استقليت سيارة أجرة أخرى وطلبت من سائقها أن يوصلني إلى خور مكسر حيث هناك سأحط رحالي بمنزل احد أقاربي، اتجهت السيارة صوب الجسر البحري، لكن كان على سائقها أن يسلك طريق آخر داخل احد أحياء مدينة ريمي حاولت أن أوضح له لكنه قاطعني ليخبرني إن الطريق الرئيسي المار وسط الشارع الرئيسي مقطوع، فهناك احتجاجات متواصلة منذ أكثر من شهر وهناك على مقربة منا يقيم الآلاف مخيم اعتصام لهم أدركت الحقيقة ولازمت الصمت ليعاود سائق السيارة حديثه ها نحن نضطر لعبور هذه الأزقة حتى نبلغ الطريق الرئيسي حتى هذه الأزقة أحيانا لا تسلم من التقطع، وأردف حديثه بينما يشير بيده اليسرى صوب بقايا رماد وأسلاك شائكة وأحجار في تقاطعات الشوارع الخلفية لساحة الرويشان انظر هذه الأحجار والإطارات المحترقة التي خلفها الشباب الغاضبون بالأمس، هنا بالذات سقطت القبضة الأمنية من أيدي السلطة ولم يجرؤ جنود الأمن أو الجيش من الاقتراب من هذه المنطقة، لكن وعلى مقربة من مدخل الجسر البحري لمحت عدد من الدبابات والآليات العسكرية التي كانت فوهاتها متجهة صوب أحياء المدينة، ثمة جنود هناك يقطعون الطريق ويمارسون أشبه بالعبث مع السيارات المارة والركاب، أنها نقطة أمنية مستحدثة يمارس أفرادها أشبه بالانتقام من النشاط المتنامي هنا وهناك هكذا أكمل السائق عبارته وشرع يمرق طريق الجسر البحري المؤدي صوب مدينة خور مكسر، الطريق مكسرة ولحظات أوشكنا على دخول المدينة التي استقبلتنا بصمت مطبق ولكأنها خالية من السكان صرنا بالقرب من حي السلام داخل منطقة الشابات إطارات السيارات ملقية هنا وهناك وسط الطريق وفي منتصف ساحة العروض تزاحمت عدد من سيارات النجدة والأمن والجيش وعدد من الدبابات تفترش العشب المجاور للمنصة، أنهم يخافون سيطرة الشباب على هذه الساحة وتحويلها إلى مخيم اعتصام لهم،هكذا بدأ لي المشهد، أقبلت ساعات المساء وأضيئت عدن فانعكست مشاعلها على سطح البحر حتى بدت كعروسة في ليلة زفافها، لكنها لحظات حتى انهار سكون المدينة على وقع أزيز الرصاصات التي مزقت هدوء المدينة تصاعدت أصوات الرشاشات وثمة انفجار في هذه المنطقة وآخر في تلك، نهضت باكراً على أصوات الرصاص أيضا، قيل لي إن عصيان مدني يجري تنفيذه في المدينة سالت عن الجهة التي تبنت العصيان قالوا إن الحراك الجنوبي هو الذي ينفذه خرجت مهرولاً إلى الشارع وهناك استوقفني بعض الصبية الذين طلبوا مني عدم مواصلة طريقي بسبب العصيان اقتربت منهم وسألتهم عن سبب العصيان قالوا إن الحراك الجنوبي ينفذ عصيان مدني كل يوم سبت وأربعاء كل أسبوع، أخبرتهم إن الحراك الجنوبي سواء كان المجلس الأعلى للحراك أو مجلس الحراك بمحافظة عدن لا يتبنى مثل هذا العصيان وانه فقط ينفذ الإضراب شهرياً ضمن خطته الشهرية، لكنهم أسكتوني وأصروا على إن الحراك الجنوبي هو الذي ينفذ العصيان في عدن وأنهم سيواصلون تنفيذه وتصعيده حتى رحيل الاحتلال..
في المخيمالساعة تدنو من الرابعة عصراً من يوم السبت الماضي اتجهت بمعية بعض الأصدقاء صوب منطقة المنصورة وهناك نريد زيارة مخيم الاعتصام، قبل الدخول إلى ساحة المخيم استوقفنا احد الشباب وشرع بتفتيشنا والتأكد من عدم وجود أي سلاح أو ما شابه ذلك في حوزتنا، دخلنا إلى ساحة المخيم ثمة لافتة كبيرة كتب عليها الشعب يريد إسقاط النظام، حزنت كثيراً، أليس الأولى أن ترفع شعارات التحرير والاستقلال في ارض كالعاصمة عدن، اقتربت من المكان حتى شاهدت وجوه الشباب الشجعان وهم يرددون شعارات الحرية والاستقلال تقدم احدهم ممن اعرفهم واقتادني بيدي للقاء شباب آخرون قام بتعريفي عليهم ثم سألتهم عن سبب سيطرة المشترك على ساحات الاعتصام أنكروا كلامي وقالوا إن شباب الجنوب هم من بأيديهم الأمور ومجرياتها.
في عدن حضرت قضية الجنوب بقوة وغابت قادة الحراك:في عدن ثورة تحرير بكل ما تحمله الكلمة من معنى, في عدن شباب مفعمون بالحياة ومشبعون بالحماس الثوري, هناك في عدن يحضر الجنوب بقوة وتفوح نسائم القضية الجنوبية؛ لكن ما يجري فيها يكون في ظل غياب قادة الحراك الجنوبي, فلا وجود للتنسيق بين الشباب وقادة الحراك على الإطلاق لذلك يتربص الآخرون بهم ويحاولون تسخير جهود الشباب تحت مسميات أخرى منها ثورة التغيير لذلك لا تزال لافتة كبيرة كتب عليها "الشعب يريد إسقاط النظام" تعتلي ساحة الاعتصام في مخيم المنصورة.
في عدن مسيرات يومية ترفع فيها أعلام الجنوب وتردد فيها شعارات جنوبية تطالب برحيل الاحتلال وتنشد استقلال وحرية الجنوب.
أسباب إبراز "إسقاط النظام" دون التحرير إعلامياً:من أسباب الترويج الإعلامي لإسقاط النظام في عدن دون نقل الحقائق تكمن في غياب التنظيم والتنسيق بين قادة الحراك والشباب من جهة, وبين غياب الدور الإعلامي الميداني للحراك من جهة أخرى, حيث ليوجد أي دعم لصالح الإعلام, يقول الشاب غازي علي علوي معظم المسيرات التي تخرج في عدن تخرج لصالح القضية الجنوبية وجميعنا الذين نخرج فيها ننشد الاستقلال والتحرير, لكن مجموعة من عناصر الإصلاح والاشتراكي يدخلون للمشاركة ويعمدون على البقاء في مكان محدد يتجمعون فيه ويرددون شعارات إسقاط النظام بينما يقف مصور تابع لهم بالقرب منهم ويقوم بتصويرهم لذلك تنتقل أصواتهم القريبة إلى التسجيل ويحاولون المغالطة أثناء بثها في قناة سهيل أو عبر المقاطع التي يقومون بإرسالها إلى قناة الجزيرة والقنوات الأخرى.
توجهنا إلى الناشط الشاب "أبو نبراس الضالعي" وسألناه عن الدور الذي يلعبه الإعلام الجنوبي في ساحات الاعتصام قائلاً: ((عن أي إعلام تتحدث ما يجري هنا من نشاط إعلامي هو عبارة عن مجهود ذاتي وأحيانا لا نمتلك أجرة التنقل من منطقة إلى أخرى داخل عدن, لذلك اغلب ما نقوم به من مجهود يضيع سدى)), ويضيف الشاب أنور الكازمي: ((بعثنا أكثر من مرة بمقاطع فيديو إلى قناة الجزيرة عبر "شارك" ونتفا جئ ببث مقاطع مدبلجة أخرى يبعث بها عناصر التغيير ومنهم القادمين من المحافظات الشمالية)).
الناشط الإعلامي في الإعلام الجنوبي الشاب ياسين النقيب يقول: إن مراسلي الجزيرة في اليمن حينها يعملون وبالاتفاق مع أطراف في أحزاب المشترك وآخرين على إظهار صورة ما يجري في عدن بعكس حقيقتها من خلال بعث الصور ومقاطع الفيديو ومن خلال انتقاء شخصيات جنوبية معروفة بمواقفها الموالية لسياسة المشترك وإعطاء أرقام هواتفهم لقناة الجزيرة التي تقوم بالاتصال بتلك الشخصيات, وإلاَّ لماذا لم يجري التواصل مع الآخرين من المتواجدين الحقيقيين في ساحات الاعتصام ومع السياسيين المتعارف عليهم رسميا على أنهم ممثلون لقوى الحراك الجنوبي...على الأقل أن يجري الخلط بين أشخاص من هنا وهناك عند كل قضية تثيرها قناة الجزيرة، ولم يقتصر الأمر على قناة سهيل بل حتى مواقع الانترنت التابعة لأحزاب المشترك وصحفهم والصحف والأقلام الموالية لهم ينتهجون هذه السياسة، بالإضافة إلى نشر الشائعات وبقوة داخل صفوف الشباب، وكاد الكثير من شبابنا إن يتركوا رفع الأعلام الجنوبية وان يمتنعوا عن ترديد شعارات التحرير والاستقلال، يجب أن يكون لدينا إعلام موازي يقابل الإعلام المعادي والمضاد فالحرب الإعلامية قوية على أبناء الجنوب وعلى قضيتهم من إعلام السلطة ومن إعلام المشترك ومن الأقلام المأجورة وغيرها، وغياب الإعلام الجنوبي الناجح يدلل على عدم وجود قيادة في الحراك الجنوبي بمستوى الحدث وبحجم القضية الجنوبية.
الخميس 21 أبريل - 1:27 من طرف شمسان الثورة