ياسين النقيبنائب المدير اللهم أرني الحق حقاً وأرزقني اتباعه,وأرني الباطل باطلاً ورزقني اجتنابه
عدد المساهمات : 1740
تاريخ التسجيل : 16/02/2009
| موضوع: الجنوب اليمني والانزلاق نحو الأسوأ,بقلم/ حمزة عليان الأربعاء 21 أبريل - 22:49 | |
| ملتقى جحاف - القبس الكويتية هناك انزلاق نحو الأسوأ في اليمن، ما لم تتم معالجة «حالة الجنوب» بقرار سياسي من رأس الدولة.
الحديث اليوم يذهب باتجاه أي الخيارات يمكن اللجوء إليها لمنع الانفصال وبأقل تكلفة سياسية واقتصادية ممكنة؟ هل يكون الحل دولة فدرالية من إقليمين، شمالي وجنوبي؟ أم حكومة وحدة وطنية وانتخابات حرة ونزيهة؟ أم إعادة الحزب الاشتراكي المغيب عن الحكم وإدارة الدولة؟ لم يخرج الخطاب السياسي للسلطة الحاكمة في اليمن من دائرة المراهنات السياسية الضيقة والمناورات على القوى الحزبية العاملة على الساحة الجنوبية.
يتوازى هذا النهج مع التهديد بأن اللعب بالنار ستكوي أصحابها، والمقصود هنا «دعاة التقسيم»، على اعتبار أن الوحدة القائمة منذ عشرين عاما لم تتأثر بعد بالهزات التي أصابتها، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد احتجاجات خارجه عن القانون والنظام! الفساد يبرر مطلب الانفصال أهالي الداخل في صنعاء يتحدثون لغة مختلفة أكثر قربا من الواقع، وهم الذين يمثلون شريحة كبيرة من الحزب الحاكم ومقربون جدا من النظام.
محمد علي أبو لحوم، عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، يعترف في تصريحات صحفية بـ«أن الإخوة في هذه المحافظات لم يسمعوا منا خلال السنوات العشر الأخيرة سوى وعود لم ينفذ منها شيء.
لذلك، إذا عدنا إلى الوراء وتابعنا ما يدور في المحافظات الجنوبية نفهم لماذا خطاب الانفصال بدأ يتصاعد في السنوات الأخيرة».
وفي تقرير لصحيفة «الخليج» الإماراتية، حول الصفقات السياسية والمطرقة الأمنية، يقر الشيخ عبد المجيد الزنداني، زعيم تيار سلفي متشدد تتهمه واشنطن بدعم الإرهاب في اليمن، بأن الظلم وغياب العدالة واستشراء الفساد وسوء الإدارة، بالإضافة إلى غياب الحزب الاشتراكي من معادلة الشراكة الوطنية، كلها عوامل أدت الى المطالبة بالانفصال وفك الوحدة.
».
هذا على مستوى النخب السياسية ذات الثقل القبلي والحزبي والديني، والتي تقدم صورة مغايرة تماما لما يروج له من جهات نافذة في السلطة بكون ما يحصل ما هو إلا مجرد أعمال شغب «وحفنة من الانفصاليين» المتمردين، إلى ما هناك من أوصاف تستخدمها الأنظمة الحاكمة في مواجهة قضايا مصيرية ومفصلية.
الوحدة في خطر وحدة اليمن في خطر.
هذا الكلام صار روتينيا.
الثقافة السياسية لتاريخ الصراع كأنها لم تتبدل من فوق بالرغم من التصدعات التي أصابت جسد الوحدة وبنيانها من تحت.
هناك إصرار على أن الوحدة مازالت بخير، بينما أهل الجنوب كأنهم نفضوا أياديهم من الوحدة التي سعوا إليها عام 1990 وأفضت إلى انتكاسة عام 1994 ثم عاودت الاستمرار لكن بعد أن طفح الكيل.
ياسين سعيد نعمان، رئيس مجلس النواب اليمني الأسبق، يعتبر أن «حراس ثقافة الصراع» أقاموا جدارا حول الوحدة بعد أن ربطوها بالسلطة وبتوسيع النفوذ كسمة لتجارب سابقة في ديار العروبة.
وهذا مكمن العلة والذي أدى إلى التفكك.
مشكلة الوحدة أن القائمين على المشروع لم يتمكنوا من الإفلات من ثقافة النفي للآخر والإلحاق بالقهر.
فبعد عشرين عاما من عمر الوحدة، لم تكن هناك محاولات جادة لتصويب وتصحيح الأخطاء، بل تركت الممارسات القهرية تتراكم إلى أن أخذت بالانفجار من داخل الشعب.
الاحتقان.
و«الاحتلال» شعرت بالذهول من ردود الفعل على ما كتبته قبل أسبوعين عن أسوأ سيناريو لانفصال الجنوب عن اليمن، وشعرت أن هناك لغة عند أهل الجنوب تعبر عن حالة من الاحتقان والظلم لم نعهدها من قبل، تذكر بواقع الشعب الفلسطيني، بمراراته وعذاباته، مع الفرق الجوهري والأكيد بين الحالتين.
لكنني أتحدث هنا عن لغة الناس وما يشعرون به ويفكرون فيه.
لقد وصلت الحال بأبناء اليمن إلى حد القول، وعبر تعليقات تنشر على أكثر من موقع الكتروني، «إننا لن نهدأ طالما الجنوب محتل»، وإن «الشعب خرج عن بكرة أبيه يرفض الاحتلال والذل والإقصاء والتهميش والاعتقالات».
وهناك تعليقات أخرى تقول إن هؤلاء سيربون أبنائهم على حب الجنوب وكره الوحدة «لأن الوحدة تحولت إلى احتلال» ولم يعد لها وجود، وإن «القوة المسلحة» السبيل الوحيد إلى فك هذا الاحتلال! سنفترض أن هذا الكلام غير مسؤول، لكن الوقائع ومجريات الأحداث تقول جملة واحدة: إن الوحدة تعرضت للعطب والانكسار وإن هناك صراعا بين ثقافتين ومدرستين ومشروعين انتهى بهما المطاف إلى طريق مسدود وحائط فولاذي يحتاج إلى خطوة جريئة بحجم إعلان الوحدة الذي اتخذ عام 1990 قد تكون سبيلا إلى «صيغة ما» ترمم وتبني مشروع الوحدة على أسس تضمن لها البقاء والاستمرارية.
البكاء على الأطلال تتوجه الأنظار إلى ما ستحمله الأيام المقبلة، وإلى أين ستقود اليمن بعد الصدمة الثانية (الأولى حصلت عام 1994).
فهل نصدق التاريخ ونكرر أن اليمن وحضرموت لم يكونا متحدين إلا في أوقات الغزوات والكر والفر، وإن «دولة الجنوب» قبل أن يحكمها الاشتراكيون والقوميون كانت تسمى الجنوب العربي ولم تكن جزءا من اليمن حتى عام 1967. ستكون أول المشاريع الوحدوية الصامدة في العالم العربي إذا بقيت وحدة اليمن قائمة لأن تاريخ ما سبقها انتهى بسقوط مدو في أول امتحان يتعرض له.
البكاء على الأطلال أشبه بحالة جلد الذات في هذه الحال.
فالمشاريع الوحدوية المعاصرة منذ عهود الاستقلال، أي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، باءت كلها بالفشل وأنتجت ثقافة اليتم لدى الشارع وعند المواطن، جعلته ينظر إليها من باب الطرائف والعجائب.
فمشروع الوحدة بين سوريا ومصر عام 1961 وقع من الضربة الأولى وانهار الحلم العربي آنذاك.
تبعه قيام وحدة ثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في عام 1963، لكنها لم تعمر سوى على الورق.
بعدها دخلت ليبيا على الخط، ولم تترك دولة إلا وأقامت معها مشروع وحدة حتى وصلت إلى القارة الافريقية.
تبعها العراق الذي وجد ضالته بسوريا عام 1978 في عهد حافظ الأسد، لكن انقلاب صدام حسين على أحمد حسن البكر سرعان ما أطاح بالحلم .
وحدة العالم وتفكك العرب ربما تكون هذه المشاريع الوحدوية غير متطابقة مع مشروع وحدة اليمن تبعا لظروف ومعطيات كل حالة.
لكن الواقع يقول إن الوحدات التي تأتي من فوق، أي من الأنظمة لخدمة هذا الحاكم أو ذاك، أو للهروب من استحقاق سياسي ما، لن يحمل في ثناياه بذور التطوير والاستدامة.
انهيار الاتحاد السوفيتي والفكر السياسي الذي بنى عليه مجده وإمبراطوريته أدى إلى تفكيك العديد من الدول المنضوية تحت رايته أو البعيدة عنه بعكس اليمن الذي نشد الوحدة في اللحظات التاريخية الصعبة.
فهل يعود إلى ما قبل عام 1990 أم «يجدد» صيغة الوحدة بعقلية دولة الشراكة الحقيقية؟ سيكون من الصعب على الواقع العربي الهزيل أن يشهد أكثر من انفصال بعد السودان الذي يستعد للاستفتاء وحق تقرير مصير جنوبه العام المقبل، في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى الوحدة والتوحد.
|
|