قصة
الطالب في جامعة عدن حبيب الصبيحي الذي صدر ضده قرار بالإيقاف لمدة عامين
مع النفاذ
ملتقى جحاف -
بقلم : عماد الضالعي
في الآونة الأخيرة دأبت السلطة على انتهاج
أساليب جديدة ( مقززة ) أكثر تطرفا وعنجهية لمواجهة الفعاليات والأنشطة
الطلابية في الجامعات ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر الانتهاكات
المتكررة لحرم الجامعات من قبل قوى الأمن بشقيه السياسي والعام ناهيك عن
تجنيد أساتذة جامعات وطلاب لممارسة أدوارا رقابية (استخباراتية) ضد طلابهم
وزملائهم, ولا يخفى على الجميع ما حدث ويحدث في جامعة صنعاء من اعتداءات
صارخة بحق الطلاب وصلت حد القتل لأحد الطلاب داخل حرم الجامعة, أما ما يحدث
في جامعة عدن بمختلف كلياتها فحدث ولا حرج, اعتقال بعض الأساتذة من أعضاء
هيئة التدريس في الجامعة كحالة الدكتور حسين العاقل مثلا وملاحقة عدد من
أعضاء هيئة التدريس في بعض الكليات كالذي حدث مع بعض الأساتذة في كلية
التربية – الضالع, بالإضافة للخصميات والاستقطاعات الغير قانونية لرواتب
العديد من الأساتذة وعدم صرف مستحقات طائفة منهم.
لكن الخبر الذي يبعث على الضحك –
والمحزن في نفس الوقت – هو استخدام نظرية (كبش الفداء) للضغط على الطلاب
والحيلولة دون تنظيمهم لأي اعتصامات أو احتجاجات سلمية للتعبير عن رفضهم
لقرار هنا أو مرسوم هناك وهو ما حدث للطالبين الجامعيين وافي صالح وحبيب
احمد سالم الصبيحي الذين صدر بهما قرار بالإيقاف من قبل الجامعة بسبب
أنشطتهم في الفعاليات الطلابية السلمية.
تابعت حالة الأخير لمعرفة
الأسباب الكامنة وراء صدور مثل هذا القرار الجائر بحقه وزميله والذي منعهما
من مواصلة الدراسة كبقية زملائهم. فحبيب الصبيحي من مواليد 1988م كرش – م/
لحج وهو من الطلاب المتفوقين علميا فقد حصل على الشهادة الثانوية في العام
2006م بتقدير عام ممتاز ومعدل 91% لكن درجته المرتفعة هذه لم تشفع له في
الحصول على منحة دراسية إلى خارج الوطن ضمن الطلاب المتفوقين في نطاق
محافظته فعلى حد تعبيره فان اللجنة ذات العلاقة بررت عدم قبوله بقولهم إن
درجته متدنية في حين فاز بالمنح من هم دونه من أبناء التجار والمسئولين.
في العام 2007م تقدم للدراسة في
معهد الدكتور أمين ناشر للعلوم الصحية بعدن وحصل على 69% في امتحان القبول
لكنه فوجئ بأنه مرفوض من التخصصات التي يرغب دراستها, فاتجه صاحبنا حبيب في
العام نفسه صوب كلية الحقوق جامعة عدن وتم قبوله لكن ظروفه المادية حالت
دون مواصلته للدراسة ما اضطره للتوقف مؤثرا توفير لقمة العيش له ولأسرته
فعمل في مناشير قطع الأحجار متنقلا بين تعز وعدن والحبيلين في مهنة شاقة
جدا فوالده عسكري متقاعد في العقد السابع من العمر براتب متواضع لا يتجاوز
24000الفا من الريالات لم يستطع استساغة قضية ترك ابنه للدراسة فالتزم له
بان يعطيه ستة آلاف ريال والتزم له أخوه الأكبر - يعمل جنديا - بخمسة آلاف
أخرى وكفاية أسرتهم وأن يعود هو للدراسة فسرَّ لذلك حبيب وعاد بكل إصرار
ومثابرة إلى كلية الحقوق ثانية في العام 2008م وتم قبوله لكن بدون سكن, فضل
يكافح ويتجشم عناء السفر بين قريته في كرش وبين كلية الحقوق يخرج من بيته
صباحا يقطع عشرات الكيلوات إلى مدينة الشعب وكذلك يعود إلى كرش مساء, استمر
على هذه الحال قرابة الشهرين إلى أن تعرف على بعض الطلاب في الكلية الذين
أفسحوا له مكانا للسكن معهم رغم زحمتهم.
امتحن حبيب الفصل الأول وعداها
على خير وحصل على درجة 87,25% ثم واصل دراسته بكل نشاط ومثابرة إلى أن جاء
موعد امتحانات الفصل الثاني فسارت الأمور على خير وحصل على 84% لكنه لم يدر
بأنه قد صار ( كبش فداء ) وعبرة لزملائه!, هكذا أراد المعنيون بالجامعة
فقد صدر قرار من الجامعة قضى بإيقافه وزميله عن الدراسة لمدة عامين في
27/5/2009م قبل موعد امتحانات الفصل الثاني التي تمت في 10/6/2009م.
يتمتع حبيب الصبيحي بأخلاق عالية
في الكلية بشهادة زملائه وأساتذته فهو طالب ذكي ومثابر برغم المعيقات التي
تقف في وجهه, يقول حبيب لم اعلم بالقرار إطلاقا إلا بعد أن تم تعليقه على
لوحة الإعلانات في الكلية وبعدها سلمني العميد إشعارا بالقرار في
29/9/2009م فأصبت لذلك بالذهول مالذي اقترفته حتى يصدر بي قرار كهذا؟!
عندها لم يكن باليد حيلة سوى الذهاب إلى عمادة الكلية فطلب مني العميد
تعهدا بعدم المشاركة في أي أنشطة داخل الكلية فاضطريت لفعل ذلك مع أن
الاحتجاجات السلمية مكفولة دستوريا, ومع ذلك فلم يكن التعهد كفيلا بإقناع
سلطات الجامعة فطلب مني عميد الكلية الذهاب إلى احمد عبدالله المجيدي أو
عبدالقوي محمد شاهر شيخ الصبيحة للتوسط عند رئيس الجامعة ثم قال لي: أنا
سوف ارفع عنك تقرير كويس ولكن خذ صورة الالتزام واذهب إليهم ضروري إذا تريد
تتعلم ...!! يقول حبيب مع العلم أنني لا اعرفهم ولا استطيع الذهاب إليهم
ولا أين يقيموا في أي بلد من البلدان!.
وهنا نتساءل هل قرار القبول
والرفض في الجامعة بيد شيخ الصبيحة أم بيد الجامعة؟ لماذا أصبح كل شيء حتى
طلب العلم مربوط بوساطات ومحسوبيات وعشائريات... يا جماعة ارحموا الناس
شجعوهم على التعلم...
والسبب يقول حبيب في اعتقادي هو
أنني شاركت مع الآلاف من طلاب الجامعة في اعتصامات سلمية استنكارا للحصار
المفروض على ردفان والضالع وكرش وكذا للتنديد ضد اعتقال الدكتور عبد الحميد
شكري والطالبين شرف باعباد وشايع محسن وهيب, لكن المفارقة العجيبة هنا
لماذا أنا وزميلي فقط صدر بنا هذا القرار الظالم؟ هل لأننا لا نملك المال
للاسترضاء أم أن المسالة أمنية بحتة؟ فلو افترضنا ذلك لماذا يصدر ضدنا هذا
القرار بدون أي إدانة؟ لماذا لم نقدم إلى محاكمة عادلة إذا كنا جناة - حسب
زعمهم – ونترك لمواصلة دراستنا كبقية العالم.