رائد الجحافيمؤسس الملتقى
عدد المساهمات : 2797
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
العمر : 45
الموقع : الجنوب العربي - عدن
| موضوع: العنف ضد الأطفال دون رعاية أبوية الخميس 23 يوليو - 16:41 | |
| | بتاريخ : 2009-06-03 الكاتب : نيجيل كانتويل | | | صورة تعبيرية | ملايين الأطفال في العالم فقدوا مصدر حمايتهم الرئيسي: الأبوين. لذا، فإن الرعاية البديلة لهذه الفئة من الأطفال ينبغي أن تلبي خصوصيتهم كفئة متضررة فيما له صلة بتوفير بيئة سليمة للتنشئة، لكن أبحاث ودراسات وتقارير الأمم المتحدة عن العنف ضد الأطفال تؤكد ما كان يخشاه الكثيرون حيث أن الأطفال دون رعاية أبوية فئة معرضة بشكل كبير الى خطر السقوط ضحية العنف بشتى أنواعه. يعود فقدان الأطفال للرعاية الأبوية الى أسباب عديدة منها: الفقدان النهائي للوالدين. الغياب المؤقت للوالدين ( بسبب المرض أو السجن أو الهجرة ). قرار التخلص الاختياري للأبوين من الأبناء ( بسبب ظروف اقتصادية، الإعاقة ...الخ). تفويض أمر الأبناء لجهة أخرى من طرف السلطات لأسباب مثل إساءة الأبوين وعدم أهليتهم. إن رعاية الأطفال في مراكز إيواء، أو إلحاقهم بأسر حاضنة أو بأسر لهم بها صلة أو قرابة هو إضرار مضاعف لهم لكونهم "معزولين"في وسط معيشي مغلق من جهة وبسبب ظروفهم الشخصية وملابسات إلحاقهم وانتسابهم الى ذلك الوسط. الرعاية في مراكز الإيواء: يركز المهتمون عادة على احتمال تعرض الأطفال للعنف في مرافق الإقامة الجماعية خاصة في الدور والمراكز الكبيرة التي ما زالت موجودة في أنحاء مختلفة من العالم بما فيها تلك التي تعمل دون ترخيص وتتهرب من الرقابة والتفتيش. إن الدلائل المتوفرة حتى الآن في إطار بحوث ودراسات الأمم المتحدة تشير إلى أن هذا التخوف وهذا الهم في محله. ينظر عادة الى المشكل من زاوية سوء معاملة الموظفين أو العاملين للأطفال. وقد سجلت "منظمة أنقذوا الأطفال" (Save the Children) تصاعد أعداد التقارير التي تتحدث عن هذا الصنف من سوء المعاملة خاصة في الغرب مصحوبا بتعاظم حجم الاهتمام الإعلامي بهذا الموضوع. ورغم تسجيل حالات سوء المعاملة اليومية، وأساليب عقابية تغلب عليها الشدة، إضافة الى سلوكيات الإهانة والاستغلال في كل العالم، إلا أن مظاهر العنف بين الأطفال فيما بينهم في مؤسسات ومراكز الإيواء تبقى موضوعا يكتسي نفس الدرجة من الخطورة. في الواقع، أثبت المراقبون مؤخرا أن الأطفال قد يكونون عرضة للاعتداءات البدنية والجنسية من طرف زملائهم الأطفال المقيمين معهم أكثر مما قد يتعرضون له من طرف الموظفين والمشرفين. وهذا يعني أن الموظفين والعاملين لا يكتفى بأن يكونوا مناسبين ومؤهلين فحسب بل أيضا مدربين على حل المشاكل والنزاعات وقادرين على ضبط أنفسهم للتعامل مع أكثر الأوضاع خطورة. ويعني ذلك أيضا ضمان عدم اختلاط الأطفال الضعفاء بالذين يمكن أن يستغلوا ضعفهم الأمر الذي قد يكون صعبا للغاية في المرافق والمؤسسات التي تحتضن مقيمين من نوعيات مختلفة. في العديد من البلدان، توفر وحدات الرعاية العاجلة ومراكز التقييم قصير المدى الرعاية للأطفال من كلا الجنسين من سن 3 الى 17 عاما والذين يمكن ان يكونوا ضحايا الإساءة، أو المشردين، أو المهاجرين غير الشرعيين أو المجرمين غير البالغين. إن ظروف الإقامة في مراكز إيواء جماعية مثل الطعام غير المناسب، وانعدام الخصوصية، أو قلة أوقات الدراسة والترفيه تساهم في خلق أجواء تشجع على العنف. كما أن الأحوال السيئة للطاقم المشرف يؤثر بشكل واضح على عوامل تحفيزه، ونتيجة لذلك يتأثر أداؤه وطريقة تعامله مع المقيمين. الرعاية داخل الأسر الحاضنة: تعد المعلومات المتوافرة عن ظاهرة العنف داخل الأسر الحاضنة للأطفال قليلة. وعموما تعتبر نسبة حوادث العنف البدني والنفسي في هذا الوسط منخفضة، حيث تم توثيق الحالات "العارضة" فقط. والشعور السائد هو أن الأطفال المحتضنين في أسر لهم احتكاك بالعالم الخارجي أكثر من قرنائهم المقيمين في مراكز إيواء وبالتالي فإن فرص تعبيرهم عن اهتماماتهم تبقى أكبر. إلا أن ذلك لا يعكس الواقع بشكل كامل. فعلى سبيل المثال، لوحظ صعوبة إخضاع العائلات الحاضنة للمراقبة، كما تم التوصل الى أن الأطفال المحتضنين في أسر صغيرة تقل شكاواهم مقارنة بشكاوى أطفال مراكز الإيواء الذين يصعب ضمان سماع شكاواهم. ففي الوقت الذي يرشح فيه نموذج الرعاية داخل الأسر الحاضنة كنموذج مفضل عن الإقامة في مراكز الإيواء باعتباره تطورا في أسلوب الرعاية بشكل عام، فقد حذرت "الجمعية الوطنية لمنع العنف ضد الأطفال" (National Society for the Prevention of Cruelty to Children) في إنجلترا من أن الأطفال في الأسر الحاضنة هم " أكثر عرضة للعزلة" على عكس ما هو سائد. كما أن نسبة الفرار والتغيرات المتكررة داخل الوسط الحاضن تنبئ بكل مالا يدع مجالا للشك أن ثمة مشاكل. جرت العادة أن ينظر الى الرعاية داخل الأسر الحاضنة نسبيا على أنها قليلة الكلفة. في الواقع، فإنه مطلوب اختيار الحاضنين بعناية فائقة: فلا بد أن يكونوا مدربين ومؤهلين، كما يجب أن يخضعوا لرقابة دقيقة، أضف الى ذلك ما يحتاجونه من الدعم، هذا إذا كانوا يرغبون في أداء هذا الدور الصعب بكل أريحية، وإلا ستكون نتيجة عدم القدرة سببا مولدا لردود أفعال عنيفة: في هذه الحالات، فإن "قليل الكلفة" يصبح معناه "الرداءة" و"المجازفة". الرعاية داخل أسر مقربة: معظم الأطفال الذين لا يتلقون رعاية من الأبوين هم بصفة غير رسمية تحت رعاية الأقارب، وهذا ينطبق على الأغلبية العظمى من الأطفال المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة HIV/AIDS في دول جنوب الصحراء الكبرى، كما أن الأمر ينطبق على دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية حيث يقيم 2.1 مليون طفل مع أحد الجدين أكثر من 90% منهم بصفة غير رسمية. في العديد من البلدان الصناعية وبشكل متزايد، تفضل المحاكم والسلطات المكلفة بالرعاية الاجتماعية أسلوب رعاية الأطفال مع أقارب لهم بدلا من وضعهم في أسر حاضنة "مجهولة". في نيوساوث ويلز في أستراليا مثلا، بلغت نسبة احتضان الأطفال مع الأقارب الى 14% خلال 1991/1992 ثم ارتفعت الى 24% خلال 1995/1996، ثم تليها في الدرجة الثانية حضانة الأطفال في أسر غرباء. ورغم ذلك، يجب عدم اعتبار أسلوب الرعاية مع الأقارب هو النموذج المثالي. فقد سجلت "جمعية أطفال دوربن" بجنوب أفريقيا حالات لأطفال تحت رعاية الأقارب يتعرضون لـ"متلازمة سيندريلا" (Cinderella Syndrome) حيث يشعرون بأنهم لا يمنحون الطعام أو أية موارد الا بعد إشباع حاجات الأطفال البيولوجيين وأنهم يقومون بجل الأعمال المنزلية إن لم تكن كلها. كما أن بعض أنواع الترتيبات الخاصة بالإقامة مع الأقارب يمكن أن ينتج عنها استغلال للطفل كما هو الحال في "بنين" حيث يوضع الأطفال المعروفون بـ "الفيدوميغون"(Vidomégon) مع أقارب وغرباء في المدن الكبرى وبذلك فهم يشكلون الفئة الأكثر عرضة للاستغلال في مجال عمالة الأطفال في المناطق الحضرية. في البلدان الصناعية، تبين البحوث أن الأقارب الذين يرعون أطفالا قد يكونون مسيئين أو مهملين لهم لأنهم هم أنفسهم من نفس الأسر "المضطربة". أيضا، يمكن أن يعاني الأطفال من العنف النفسي حينما يصبحون موضع نزاعات عائلية داخلية حول الحضانة والمسؤولية. كل هذه المشاكل تعتبرها الأسرة تحديا يواجهها مما يدفعها إلى اختيار الأسلوب غير الرسمي في الرعاية لتجنب تدخل السلطات المسؤولة تحديدا لدرجة أن عددا كبيرا من هذه الأسر في العديد من الدول تحول دون الرقابة وتمتنع حتى من الاستفادة من خدمات الدعم التي توفرها السلطات المكلفة بالشؤون الاجتماعية. هنا يتضح أن الجهود المطلوب أن تبذل في مجال عمليات التسجيل والتوعية والتوجيه لا بد أن تصاغ وتكيف حسب ما يلائم كل مجتمع على حدة. الأسر التي يقوم عليها أطفال: تعتبر الرعاية في الأسر التي يقوم على شؤونها أطفال رعاية بديلة لا يعار لها كثير من الإعتبار. وبالرغم مما تتعرض له تلك الأسر من أنواع التهميش، والعنف، والإستغلال وعدم الأمن ، فإن هذا النوع من الرعاية أضحى خيارا رئيسيا يتنامى عدديا: إذا أخذنا النموذج الأكثر تعقيدا، وهو نموذج رواندا، تفيد التقديرات أن أعداد هذه الأسر تضاعفت 3 مرات خلال الفترة ما بين 1997 و 2001 لتصل الى 227,500 أسرة أي 13% من إجمالي الأسر في البلد بأكمله. واعتقادا منها بأن هذه الأسر يمكنها أن تكون شكلا من أشكال الرعاية القابلة للتطبيق - إذا تم الاعتراف بها والعمل على حمايتها - فإن لجنة إصلاح القانون في جنوب أفريقيا اقترحت أن يتم الاعتراف بها قانونيا كشكل من أشكال رعاية الأطفال اليتامى بما في ذلك اللوائح المطلوب توفيرها لضمان الدعم والإشراف المناسبين. إن أية سياسة أو تشريع باتجاه تقليص نسبة تعرض هؤلاء الاطفال للعنف والاستغلال لابد أن يتخذ على نطاق أوسع. كيف نعالج العنف في محيط الرعاية: إن جهود تقليص العنف اتجاه الأطفال في أوساط الرعاية خارج البيت لا يمكن أن تحصل في فراغ: إن العنف الحاضر على نطاق واسع في المجتمع يرجح أن يضاعف الى أضعاف في محيط الرعاية المغلقة. فالأطفال الذين يوضعون في مرافق لا تتلاءم مع احتياجاتهم رغم عدم الحاجة الملحة الى ذلك، هم عرضة لخطر التعبير عن إحباطاتهم بواسطة العنف أو بالمقابل السقوط ضحايا لعنف الآخرين. من بين أهم المشاكل انعدام فرص تعبير الأطفال عن أنفسهم وإسماع أصواتهم للآخرين، فنادرا ما تكون لديهم آلية فعالة لإيصال شكاواهم أو شخص مميز يشعرون بأنهم يثقون به. وكثيرا ما لا يكون لديهم رأي في نوع الوسط الرعائي الذي وضعوا فيه أو رغبتهم في ذلك أصلا. من المزعج حقا أن يلاحظ المرء الدرجة التي يتحكم فيها الفقر المادي في وجود حالات الرعاية الخارجية وبالتالي تفاقم حالات العنف ضد الأطفال. إن الفقر لا يدفع الأبوين الى الإستغناء والتخلي عن أبنائهم للأقرباء أو للمؤسسات فحسب، بل يقدم مسوغا للجهات المسؤولة لاتخاذ قرارات عدة لانتزاع الأبناء من تحت كنف آبائهم. إن التغيير في طريقة العمل مثل توفير الدعم للأسر بدلا من توجيه موارد نحو أشكال بديلة للرعاية يمكنه أن يكون طريقة معتبرة لتقليص العنف اتجاه الأطفال في مواقع الرعاية البديلة. ترجمة: محمد أدردور نائب مدير الإدارة الاجتماعية ورئيس قسم الأيتام قطر الخيرية Global Future الربع الثالث 2005 ص: (10-11) إصدار منظمة World Vision. Nigel Cantwell مستشار دولي في مجال حماية الطفولة (جنيف) . |
|
|