رائد الجحافيمؤسس الملتقى
عدد المساهمات : 2797
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
العمر : 45
الموقع : الجنوب العربي - عدن
| موضوع: الباحثة الصينية: أن السلام أساس الإسلام في معرفة الشعب الصيني ...ليو يويتشين: النبي محمد منفذ دبلوماسية السلم الخميس 23 يوليو - 16:46 | |
| | بتاريخ : 2009-05-30 الكاتب : | | | الحوار الصيني العربي | تونس: آمال موسى * تجاوبا مع الجهود الكبرى التي بُذلت من طرف عدة جهات، تؤمن بضرورة دفع الحوار العربي الصيني إلى المزيد من الآفاق الرحبة والمجالات الخصبة، وفي إطار تجسيد توصيات وبرنامج منتدى التعاون العربي الصيني الذي انطلق منذ ثلاث سنوات، انتظمت أعمال الندوة الثالثة حول العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، وذلك في تونس أخيرا وبمشاركة مسؤولين وكفاءات مختصة من الجانب العربي والصيني في مسألة العلاقة بين الحضارتين العربية والصينية. ولقد تناول المشاركون العرب والصينيون خلال جلساتهم العلمية ثلاثة محاور كبرى: 1- الصين في الثقافة العربية والعرب في الثقافة الصينية. 2- القيم الإنسانية والطبيعية في الثقافتين العربية والصينية. 3- العلم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة ـ التعاون الصيني العربي. ولم يغب موضوع الإسلام عن اهتمامات المشاركين الصينيين، لذلك فقد اخترنا في هذه الورقة التوقف تحديدا عند أهم ما قيل حول الإسلام سواء في ما يتعلق بتاريخ دخول الإسلام إلى الصين أو من حيث القواسم المشتركة بين الثقافتين الإسلامية والصينية. الباحث داي شياوتسي من جامعة الدراسات الدولية ببكين تناول مسألة تكيف الإسلام في سياق الثقافة الصينية التقليدية مركزا بالخصوص على ثقافة الإسلام في قومية «خوي» (متناثرة في أنحاء الصين) وفي قومية ويغور ( تتجمع في ولاية شينغيانغ في أقصى شمال الصين الغربية). بالنسبة إلى قومية «خوي» محور البحث يذكر الباحث أنها تشكلت من المسلمين الوافدين من مصادر مختلفة من غربي آسيا ووسط آسيا بعد تمازجهم مع الثقافة الصينية التقليدية، حيث تعتنق الإسلام، ويرجع تاريخها إلى 651 ميلاديا، وتمثل رابع أكبر قومية بين القوميات الست والخمسين الموجودة حاليا في الصين. وفي ما يتعلق بتاريخ نشأة الإسلام الصيني أشار صاحب المداخلة داي شياوتسي إلى أن البداية كانت عندما بدأ عشرات الآلاف من المسلمين يستوطنون في عواصم الصين وموانيها لتجارة الأحجار الكريمة والبخور عبر طريقَي الحرير بريا وبحريا في عصرَي تان وسونغ. ثم توارد مئات الآلاف من المسلمين من آسيا الوسطى كجنود مع جيوش منغول إلى الصين وشاركهم في المعارك لاحتلال الصين فرابطوا في مختلف الأماكن حسب الوضع العسكري آنذاك فاستقروا فيها. وتحول نمط حياة الجنود المسلمين من الوظيفة العسكرية إلى استصلاح الأرض في مكان الإقامة نفسها بعد استقرار الوضع السياسي لأسرة يوان، فتشكلت القرى والأحياء الإسلامية. كان المسلمون الرجال كقوام الجنود يتمتعون بالدرجة الثانية بعد قومية منغول الحاكمة وينضمون إلى الجماعة الحاكمة، ولهم امتيازات كثيرة، غير أنهم اضطُرّوا إلى التزاوج مع نساء صينيات لتكوين الأسرة مما دفعهم إلى «التصيين» من حيث العرق والثقافة. تعجلت عملية «تصيينهم» في أسرة مينغ بعد تحولهم من الطبقة الخاصة إلى الطبقة العامة، وبدأت المعاملة المتكافئة مع قومية هان الأغلبية العظمى من الصينيين وازدادت مظاهر التزاوج المختلط من الصينيين: منها تبديل الأسماء الصينية بأسمائهم الأصلية، واستخدام اللغة الصينية كلغة المخاطبة، ولبس الأزياء الصينية، والتأقلم بالثقافة الصينية التقليدية، وبقدر ما تعمق تمازجهم مع الثقافة الصينية ازداد وعيهم بأزمة أصالتهم وازدادت حركات حماية الأصالة. اتخذت أسرة مينغ سياسة الإغلاق للحدود بريا وبحريا كسياسة أساسية فقطعت صلات المسلمين الصينيين مع ثقافتهم الأصلية، كما اتخذت عمدا سياسة تخفيف الإسلام لتذويب المسلمين في أنحاء الصين فاستيقظ وعي أبناء قومية «خوي» لهويتهم وقاموا بجهود متتالية لحمايتها: ظهور التعليم الإسلامي متوازيا مع التعليم الرسمي للثقافة الصينية، وظهور عدد متزايد من المترجمين والباحثين للعلوم الإسلامية من الكتب العربية والفارسية لتأويل الإسلام بالأفكار الصينية. ومع ازدياد الحملات العسكرية المفرطة من الأسرة الحاكمة ضد المسلمين في أوائل أسرة تشينغ تعمق وعيهم بالانتماء الجماعي بشدة، ومع فقدان المسلمين لغتهم الأصلية وتبديل الصينية بها تقبلوا العلوم الإسلامية المفسرة بالصينية فتشكلت قومية «خوي» وتثبتت أخيرا. ازدهار الإسلام الصيني ودور قومية «خوي»: بدأت أسرة تشينغ تمارس سياسة الشوفينية الثقافية بعد أواسط عصر تشينغ لتذويب الثقافات المخالفة لها مما دفع أبناء «خوي» إلى المقاومة، فقاموا بثورات متتالية في أنحاء الصين ضد الحكومة، كما قاموا بمزيد من دراسة ونشر ثقافتهم مما أيقظ الوعي الجماعي لقومية «خوي»، إلا أن فشل كل هذه الثورات أسرع في تمازجهم مع الثقافة الصينية السائدة. وأعلن سو يات صان أبو جمهورية الصين شعار «اتحاد القوميات الخمس» لإنقاذ الصين المتأزمة، ومنها قومية «خوي» وأصبحت خوي الباسلة قوة بارزة لطرد الغزاة الأجانب، فنشأ كثير من الجيوش المسلمين وخاضت المعارك بشجاعة وحقق كثير من المناطق الإسلامية حكما ذاتيا فارتفعت مكانة القومية ارتفاعا كبيرا، ونشط التعليم الحديث ونشر الثقافة بينها وازداد وعي الثقة بالنفس. وتحققت المساواة التامة بين قومية «خوي» وجميع القوميات الصينية الأخرى بعد تأسيس الصين الجديدة خصوصا بعد تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، فحظيت ثقافتها الدينية باهتمام وعناية وشملت المعاملة بينها وبين جميع القوميات بجميع المجالات، وازدهرت ثقافتها يوما بعد يوم كما ازداد وعيها بالنفس وتطورها. وحول موضوع ظروف تلاقي الثقافتين الإسلامية والصينية (أي عملية نشأة ثقافة «خوي») توقف الباحث عند عامل البيئة الخارجية قائلا في هذا الصدد: «كانت الإمبراطورية العربية قوة جبارة في عصرَي تان وسونغ، حتى وصل نفوذها حدود الصين غربا وكانت أسرة يوان وحدت الاثنتين معا ووفرت الفرصة الوحيدة في تاريخ الصين لتطور الإسلام فحققت الاتصالات والنقل المباشرة بينهما بلا قيود ودخل كثير من المسلمين الصين (منهم ابن بطوطة) مما أرسى قاعدة متينة لقومية «خوي» من حيث العدد البشري. كانت الثقافة العربية الإسلامية القوة العظمى الوحيدة في جهة الغرب من الصين في عصري مينغ وتشينغ مما واصل تغذية المسلمين الصينيين ماديا وبشريا وروحيا»، في حين أن عامل البيئة الداخلية فسره الأستاذ داي شياوتسي بأن عصر تان اعتُبر قمة الازدهار للصين فوثّقت الحكومة الثقة بالنفس وتسامحت مع كل الثقافات الواردة ومنها الإسلام، خصوصا أن الثقافة الصينية تقوم على الأخلاق ولا تفكر كثيرا في الغيبية فلا تتصارع في المفاهيم الغيبية، وهذا النسق الروحي للثقافة الصينية، يساعد كل الديانات على التمازج مع الصينيين والاستيطان على أرض الصين. وأجهد المسلمون أنفسهم بلا توقف في إيجاد نمط مزيج بين الثقافتين العربية والصينية فكونوا أصول الإسلام في الصين والأخلاقيات والعادات والتقاليد الخاصة، وأهمها ما يلي: 1- عملية خلق الكون: توحيد أصول الإسلام والطاويّة في كيفية نشأة الكون واعتبارهما من نفس المصدر فاستعاروا مفهوم الطاوية من الطاوي إلى الواحد على الكائنات المتنوعة، وكونوا تعابير جديدة في مفاهيم عملية ظهور الكون. 2- علم معرفة الله: أضافوا إلى العلوم الإسلامية مفهوم «تي يي»، أي يمكن للإنسان معرفة الله عبر الطريق المعاكس لعملية خلق الكون. 3- الأخلاقية: تقبلوا العلاقات الخمس للكونفوشية (الحاكم والمحكوم، الوالد والولد، الأخ الكبير والأخ الصغير، الزوج والزوجة، الأصدقاء)، إلا أنهم خالفوا مدى الأهمية بين هذه العلاقات، فاعتقدوا أن «علاقة الزوج والزوجة» هي الأولى لا الرابعة. إن للفرائض الخمس والعلاقات الصينية الخمس هدفا واحدا، وكلتاهما طريق لتحقيق المثل العليا للإنسان. الأولى شكل ظاهر ملموس والثانية جوهر داخلي مجرد. فأصبحت الطاعة عند المسلم الصيني اثنتين: طاعة الله وطاعة الإمبراطور. 4- تقدير الكتب الدينية الصينية فضلا عن العربية: لأنها هي الطريق الرئيسي لمعرفة العلوم الإسلامية. 5- تعديل نمط التعليم: من التعليم المسجدي إلى التعليم المدرسي الخاص إلى التعليم الإسلامي الحديث. تحديات الإسلام في الصين: وحول واقع الإسلام في الصين اليوم أبرز الباحث داي شياوتسي من جامعة الدراسات الدولية في بكين أن العلاقات الصينية العربية تشهد حاليا أحسن وضع في التاريخ فتمثل القوة الدافعة الكبيرة لتنمية قومية «خوي»، إذ تتزايد القوة الصينية وتصعد مكانة العالم العربي الإسلامي كما تكون علاقة قومية «خوي» والقوميات الصينية الأخرى في أحسن حال حيث السياسية الصينية لقومية «خوي» (الحكم الذاتي) ناضجة وتنفيذها حاسما. وقد أحرز أبناء خوي إنجازات كبيرة فظهر عدد متزايد من المثقفين والمؤسسات العلمية والجمعيات الثقافية، وبدأت الثقافة تنمو على وجه شامل ووعيها بالذات يتعمق. الرؤى المشتركة للسلام في الثقافتين الصينية والعربية: ليو يويتشين الباحثة في معهد دراسات غربي آسيا وإفريقيا بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية تناولت موضوع الرؤى المشتركة للسلام في الثقافتين الصينية والعربية، مبينة أنه في معرفة الشعب الصيني أن الأمة العربية هي أمة مسالمة، رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) هو نبي ينشر الأفكار السلمية. السلام هو أساس الإسلام، هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تتعلق بالسلام، حتى تمتد أفكار السلام إلى الحياة اليومية للمسلمين، إن رسول الله محمدًا (صلى الله عليه وسلم) هو داعية للسلام ومنفذ للدبلوماسية السلمية. بين الثقافتين الصينية والعربية من جهة والثقافات الغربية من جهة أخرى صدام عنيف في المجالات العديدة. في أواخر القرن الـ19 بدأت القوى الغربية تقسيم الصين، حيث غزت الصينَ القواتُ المتحالفة الغربية في عام 1900، مما أدى إلى المعاناة الضخمة للشعب الصيني، قام الغزاة بجرائم القتل والاغتصاب والنهب والسلب والتدمير، مثلا ثلث مدينة Tianjin تم تدميره بالإحراق وتحول بعض الأحياء في بكين إلى أنقاض. سرقت القوات المتحالفة الغربية كثيرا من الآثار والجواهر من القصر الإمبراطوري، وقتلوا آلافا من الجماهير العُزْل. تعرضت الثقافة العربية لصدمات الثقافات الغربية والغزو الغربي مرارا بسبب الاقتراب من أوروبا جغرافيا. في عام 1798، وصلت القوات الفرنسية بزعامة نابليون إلى الإسكندرية المصرية، مما يرمز إلى الغزو الغربي على العالم الإسلامي. في أواخر القرن الـ19 بات معظم الأراضي في العالم الإسلامي مستعمرات أو شبه مستعمرات للإمبراطورية الغربية. وفي هذا السياق من مداخلة الباحثة ليو يويتشين توقفت عند ملاحظة أن الدول الغربية تعاملت مع الثقافتين والحضارتين الصينية والعربية بشكل وحشي في محاولتها للسيطرة على الحضارات العريقة كافة كافة. سوء الفهم للإسلام في الدول الغربية: خلافا لمعرفة الشعب الصيني للثقافة والحضارة الإسلاميتين فإن سوء الفهم للإسلام يعد ظاهرة طاغية في الدول الغربية، ومن أبرز مظاهرها الشكوك والافتراء على الإسلام وتبنّي نظرية التهديدات الإسلامية. كما يربط بعض الناس بشكل مخطئ الإسلام بالحرب واللجوء إلى القوة والتطرف. إن أحداث 11 سبتمبر (أيلول) صدمت العالم، وألحقت الضرر بالنظام الدولي. قد لخلف انتماء المرتكبين إلى الإسلام تأثيرات سلبية ضخمة على الإسلام. ولكن هذا لا يؤثر على المبادئ والمقاصد السلمية للإسلام. وواصلت الباحثة التعمق في هذه المسألة قائلة: «لدى بعض الباحثين الغربيين مفهوم غامض، ألا وهو الخلط بين الأصولية والتطرف والتشدد، في الحقيقة. كلما ذكر الغربيون الإسلام، الكثير منهم يربط بشكل خاطئ الإسلام بالعنف والإرهاب. وهذه المعرفة الخاطئة تشكل ضررا لصورة المسلمين وكرامتهم، ولا بد من تصحيح هذا الخطأ. التصرفات المتطرفة لأقلية المسلمين المتشددين تخالف مبادئ التسامح في الإسلام، وتصرفاتهم أعطت الذريعة للذين لهم حكم مسبق للإسلام لشن الهجوم على الإسلام. وفي الحقيقة، في كل الأديان متشددون، ليسوا فقط في الإسلام. ينبغي أن نفرق بين الإسلام والإرهاب، وإعادة الصورة الطبيعية للإسلام المسالم. في العالم الإسلامي أكثر من 50 دولة، وهي الكتلة الدينية، وفي نفس الوقت الدول المختلفة، فهناك فرق بين الكل والجزء. يتقدم العصر ويتغير مفهوم الجهاد، إنه أمر غير منصف توجيه الاتهامات للإسلام بسبب ارتكاب قلة قليلة من الناس الجرائم». وختمت الباحثة ليو يويتشين مداخلتها بدعوة الباحثين العرب إلى تحمل المسؤولية والقول بصوت عالٍ إن السلام هو أساس الإسلام، وإن الإسلام لا يساوي العنف، ولا يعني الإرهاب، وإن الجهاد ليس بمعنى اللجوء إلى الحرب، بل وسيلة للقضاء على الحرب وتحقيق السلام، مبرزة أن المطلب الأساسي اليوم هو العمل على نشر هذه الحقائق وتفنيد الأفكار الرائجة ضد الإسلام وضد حقيقة دعوته إلى السلام. لثلاثـاء 01 جمـادى الثانى 1430 هـ 26 مايو 2009 العدد 11137 الشرق الاوسط |
|
|