رجال الحزب الوطني: آخر خدمة 'الغز..'
وننتقل الى صحيفة 'الوفد' حيث يصف عاطف خليل في تحقيق خطير له الجمعة ان مصير كل من فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى والأمين العام للحزب الحاكم والدكتور مفيد شهاب وزير شؤون مجلس الشعب وكل من له علاقة بهم اصبح بيد أحمد عز أمين التنظيم في هذا الحزب ومهندس عملية التوريث، على حد تعبيره.
ويصف خليل المشهد السياسي في مصر بانه مرعب ومحزن ومخيف، فمصر أنهكها و'مص دمها' وأضعفها من يسمون بالحرس القديم، الذين تربعوا فوق كراسي السلطة، وتحت دائرة الضوء لعقود طويلة، لدرجة أنهم شابوا فوق كراسيهم، ووهن عظمهم وتساقطت أسنانهم بفعل الزمن، وأوشكت شمسهم علي المغيب . هؤلاء الذين عايشوا عبد الناصر وشاركوا السادات وسطع نجمهم في عهد مبارك، أصبحوا حالياً مثل ' خيل الحكومة ' لم يقدموا شيئا لمصر إلا الفقر والخراب والفساد، لأنهم ليسوا إلا موظفين وظيفتهم هي ' المحلل ' يبررون كل شيء يقوم به النظام حتى ولو كان ضد مصر ومصلحة الشعب المصري .. انهم الآن في انتظار مكافأة نهاية الخدمة وهي ' رصاصة الرحمة ' التي يجهزها لهم أحمد عز ورفاقه من الحرس القديم . لم تقف مصائب الحزب الوطني الحاكم عند هؤلاء، بل امتدت ليزداد الحزن على مصر وشعبها ومستقبلها الذي أصبح لعبة في يد طرفي الصراع داخل هذا الحزب بعد ظهور ' الثعالب الجدد ' الذين يتربصون بالمستقبل السياسي للبلاد، وينتهزون الفرصة لينقضوا على مقاليد السلطة، لخلافة الحرس القديم بعد الاطاحة بهم ولا شك ان الصراع الدائر والمنافسة الشرسة بين ما هو قديم وجديد الآن، هو صراع المصالح الشخصية ليس إلا ..!! وكأن مصر .. لم تنجب لنا سوى تلك الوجوه القديمة وهذه الثعالب ليتصارعوا ويتسابقوا للفوز بمصر والمصريين . نحن لسنا مع أحد، لكن ما يهمنا هو مصر وشعب مصر الذي ذاق الأمرين من خلال حكومة الحزب الوطني منذ أكثر من نصف قرن مضى . وإذا كانت هذه الوجوه لا يوجد غيرها في الحزب الحاكم فعلى الحزب الوطني أن يترك مصر للمصريين ليقرروا مصير بلدهم بأيديهم .. لأننا لا نحب الضباع ولا نريد الثعالب !! إن ما يحدث داخل الحزب الوطني الحاكم هو تزايد نفوذ لجنة السياسات برئاسة جمال مبارك ومن معه سواء في الحزب أو في الحكومة، بل في مصر بأسرها، ففي الحزب الوطني نجد أن أحمد عز هو أمين التنظيم وهو الذي يحدد العضوية والهيئات القيادية وفي نفس الوقت نجد أمانة السياسات هي التي تنفرد داخل الحزب باعداد مشروعات القوانين والوثائق الاساسية للحزب الوطني التي تحدد توجهاته وتصدر من خلال مؤتمره العام، وبذلك تسيطر امانة السياسات على الحزب الوطني، وهي التي ترشح الوزراء الجدد في الحكومة ' رجال الأعمال ' ، وهي التي تقدم للحكومة مشروعات القوانين الجديدة التي تقدمها لمجلس الشعب . وباختصار إن نفوذ جمال مبارك ومن معه يتزايد، بينما يتقلص دور الشخصيات الأخرى خارج نطاق هذه الامانة، ليس ذلك فقط، بل إن استمرارهم في مناصبهم، ووجودهم في السلطة مرتبط بمدى خدمتهم وولائهم لأهداف امانة السياسات وتوجهاتها . وبذلك أصبح مصير د . فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى والأمين العام للحزب الحاكم والدكتور مفيد شهاب وزير شؤون مجلس الشعب وكل من له علاقة بهم على كف أحمد عز أمين التنظيم في هذا الحزب ومهندس عملية التوريث، والذي لم يعد أمامه سوى أن يضحي بالكبار ويطيح بهم الي خارج دائرة الضوء، وبذلك باتت أيامهم في السلطة معدودة . فلماذا يقبل الحرس القديم أن يتلاعب بهم المايسترو أحمد عز؟ ولكن سبحان مغير الأحوال خلال السنوات الخمس الماضية ارتقى المناصب الحزبية بعد دخوله البرلمان حتى أصبح أمين التنظيم في الحزب الحاكم وظهر بشكل كبير علي المسرح السياسي، ولا شك أن في ذلك مؤشرا خطيرا، لأن هذا الصعود السريع والمريب قد يقابله هبوط اسرع الى الهاوية، لأن هذا ' العز ' يجمع بين نقيضين: نفوذ سياسي قوي وآخر اقتصادي اقوى، ورغم أنه رجل أعمال في القطاع الخاص، إلا أنه يضع الموازنة العامة للدولة او على الاقل يشارك فيها، وهنا مكمن الخطورة !! ولا شك أن ' عز ' يحارب شتى الطرق حتى يتمكن ومن معه من حل مجلس الشعب الحالي، ليطيح بالحرس القديم، ويتبوأ مكانة أخرى أكبر واخطر مما هو فيه الآن، لأن ' عز ' يعتبر من كبار مهندسي عملية التوريث، بل المستفيد الأكبر عند انتقال السلطة !! وعلى النقيض من موقف ' عز ' نجد الحرس القديم بزعامة صفوت الشريف ود . فتحي سرور اللذين يدافعان باستماتة عن مجلس الشعب ويرفضان حله . وصفوت الشريف الذي تجاوز من العمر 76 عاما .. قبض على وزارة الاعلام لمدة تزيد على 20 عاما، أفقد خلالها الاعلام المصري كل شيء، بل وهمش دور مصر، ثم تم تصعيده لرئاسة مجلس الشورى، والمجلس الاعلى للصحافة ولجنة شؤون الاحزاب واخيراً أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي، وكأن مصر بلا رجال! ويكفي ' الشريف ' ما قدمه من ' خدمات جليلة ' لمصر والمصريين كان آخرها التأخير في رفع الحصانة عن ممدوح اسماعيل صاحب عبارة الموت التي أودت بحياة 1400 شخص، رفض الشريف بصفته رئيس مجلس الشورى رفع الحصانة عن النائب ممدوح اسماعيل عضو المجلس بحجة عدم كفاية الأدلة، حتى تمكن ممدوح من الهرب الى لندن . لم يبق شيء امام ' الشريف ' الا الرحيل بعيدا عن دائرة الضوء، لأنه آت لا محالة، فالاعتزال افضل من المعاش السياسي .
أما الدكتور فتحي سرور الذي اقترب عمره من نهاية السبعينيات، فان مواقفه ثانوية في كافة القضايا الجوهرية، يتفادى الصدام دائما لضمان الاستمرار والبقاء على كرسيه، ورغم أنه دائما ما يؤكد عدم وجود علاقة له تربطه بالحرس القديم او الجديد، الا انه على يقين أن بقاءه على كرسيه مرتبط ببقاء الرئيس مبارك في الحكم، لأن الحرس الجديد لن يقبل وجوده اذا ما اتيحت لهم الفرصة في القفز على كرسي الرئيس . ولهذا يدافع د . سرور عن مجلس الشعب وأجرى حوارات وتصريحات صحافية في صحف ومجلات عدة مؤكدا خلالها رفضه القاطع لحل مجلس الشعب، وأن كل شيء بيد الرئيس . بدأ مخطط الاطاحة بالحرس القديم بكمال الشاذلي الذي بدأ حياته السياسية عضواً صغيرا في الاتحاد الاشتراكي، وكان وقتها يسرع الخطى الى أي مكان يزوره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عساه يفوز بنظرة أو ابتسامة عابرة من الرئيس . ولما تغير الزمان انقلب الشاذلي من عضو بالاتحاد الاشتراكي يؤمن بملكية الدولة لأدوات الانتاج والقطاع العام، الى رجل يدافع بحماسة عن الخصخصة وعن الرأسمالية والقطاع الخاص . وصعد الشاذلي الى قمة الحياة البرلمانية وصار لعقود طويلة هو الحاكم بأمره تحت القبة، بل وصل به الحال الى تحريك نواب الوطني بغمزة من احدى عينيه، او اشارة من اصبعه الصغير . ورغم حالة الصعود السريعة إلي القمة في البرلمان والحزب الوطني الحاكم، إلا أن سقوط الشاذلي وخروجه من دائرة الضوء كان مدويا، حيث انحسرت عنه الاضواء، وصار مجرد نائب في مجلس الشعب يكتم غيظه داخله، وهو يرى أحمد عز يمارس نفس الدور القديم الذي ظل يمارسه لعدة عقود . وكانت مصائب الشاذلي عند شهاب فوائد، فالدكتور مفيد شهاب كان أكثر المستفيدين مما حدث للشاذلي، إذ سارع شهاب بالالتصاق بالحرس الجديد، وصار الناصح المخلص والتابع الأمين لمجموعة جمال مبارك، التي كافأته بمنصب وزاري في حكومة ' نظيف ' فاستحدثوا له حقيبة وزارية لم نسمع عنها من قبل وهي وزير الشؤون القانونية للحكومة، ولكن إلي متى يستمر شهر العسل بين آخر أفراد الحرس القديم مفيد شهاب وبين الحرس الجديد؟ ! مغانم الدكتور ' رفعت السعيد ' رئيس حزب التجمع، يرى أن مسألة الحرس القديم والجديد تتكرر في بلاد كثيرة وليس في مصر فقط، لكن من الضروري أن يكون هناك تجديد لدماء أي حزب او حكومة بشرط ان يتصف الجدد بالفاعلية، وإلا سيدخلون وهم عاجزون ويكبرون وهم عاجزون ايضا .
وأشار محمد أنور عصمت السادات - وكيل مؤسسي حزب الاصلاح والتنمية - إلى أن النظام الحاكم في المرحلة المقبلة سيحتاج الي هذه الفئة من كبار السن، الى أن يتم ' التوريث ' وتستقر الامور، وبعدها يمكن الاستغناء عن هؤلاء، لأن دورهم سيكون قد انتهى، وسوف تتسم تلك المرحلة التي سيتم توجيه الشكر فيها للقدامى بالهدوء بمعنى أن النظام الحاكم لن يحاسب هؤلاء فلا يسألهم ولا يسألونه.
ويقول نبيل عبد الفتاح : اعتقد أن حالة التساكن ستستمر بين الحرس القديم والجديد الى حين اجراء انتخابات الرئاسة في 2011، ووقتها سوف يقوم النظام المصري بتقديم المكافآت الشكلية من خلال اطلاق بعض الألقاب، واعطاء بعض النياشين والمناصب غير المؤثرة لمجموعة الكبار التي سينتهي دورها وتحال الي المعاش السياسي قريبا، بعد أن تأخر ذلك كثيرا .