الظلم –حاله حال سائر القبائح- لا تكون عاقبته إلا سيئة، في الدنيا قبل الآخرة، ومنها: 1) كل ظلم يرجع إلى نفس الظالم في آخر المطاف، لأن الظلم يبتدأ حينما يتنكر الإنسان للملكات الخيرة الموجودة في ذاته، وهذا التنكر سيجر الويلات على الإنسان. ثم إن الظلم إذا عم –ونتيجة للارتباطات الاجتماعية- فإنه يشمل الظالم، وكمثال على ذلك، إن الإنسان علّم الناس الكذب فإنهم سيكذبون عليه يوماً ما. ولذا تعددت الآيات الشريفة المعبرة عن ظلم النفس كقوله تعالى (ظالمي أنفسهم) النحل: 28،(لا تظلموا فيهن أنفسكم) التوبة: 36، (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) البقرة: 231، (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) الطلاق:1. وإشارة إلى هذه الحقيقة وإن الظلم سيشمل الظالم قال الله تعالى: (والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا) الزمر: 51، وقال تعالىفأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) النحل: 34. وهناك مصاديق بارزة، منها: أ- عدم الأمن للظالم –لا في الدنيا ولا في الآخرة- حيث إنه يشعر بالخوف والقلق الدائم من انتقام المظلومين، فيزيد من حرسه وقوى البطش وهو جاهل بأن العدل هو الذي يوجب الأمن لا الظلم، ولذا نرى الحكام المستبدين يعيشون بين آلاف الحراس وعشرات الدبابات، في حين أن الحكام الديمقراطيين لا يكون حرسهم إلا أقل من القليل. وقال الإمام الهاديt للمتوكل: باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فلم تنفعهم القلل قال الله تعالىإن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن) الأنعام: 82. ب- الضنك في العيش: حيث إن من آثار الظلم الفساد في كل شيء، مما يستلزم صعوبة العيش وعدم الرفاه، قال تعالىفبظلم من الذين هادو حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) وهذه الطيبات مصداق من مصاديق ما حرم عليهم، وهناك مصاديق أخرى من سيطرة الكفار عليهم والقتل والتنكيل فيهم وما إلى ذلك. وفي العصر الحاضر نرى الكيان الصهيوني واليهود في إسرائيل لم يهدأ لهم بال رغم غلبتهم العسكرية وقدرتهم التكنولوجية، فهم يعيشون في قلق دائم وخوف من مستقبل مجهول، وما ذلك إلا نتيجة ظلمهم باغتصاب الأرض وتهجير أهلها وغير ذلك من سائر أنواع الظلم والعدوان. 2) الضلالة وعدم الهداية: إن الذي يمارس الظلم –حيث أنه تنكر لذاته- يحاول تبرير أفعاله بمختلف التبريرات ويتمادى في غيه انتصاراً لنفسه، لأن من يقترف الظلم لا يمانع من اقتراف أي سيئة اخرى في سبيل ظلمه، وهذا الأمر يسبب الضلال وعدم قبول الكلام الحق، وعدم الاهتداء بهدي الله تعالى، فلا ينفعه دين ولا نصح ولا غيرهما. قال الله تعالىوالله لا يهدي الظالمين) آل عمران: 86 وقال عز وجلويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) إبراهيم:27. وليس ذلك جبراً بل معناه أن السنن الكونية التي جعلها الله تعالى، والتي لا يغيرها ولا يحولها، تقتضي أن الإنسان المقترف للظلم لا يهتدي ويضل فهو سبب لإضلال نفسه ولعدم هدايتها بسبب ارتكابه للظلم. 3) الهلاك: قال تعالى: (هل يهلك إلا القوم الظالمون) الأنعام: 47، وقال تعالى (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون)[ القصص: 59، وحيث أن الظلم ينعكس على نفس الظالم فإنه يسبب الهلاك له ولأتباعه لأن الظلم من مصاديق وضع الشيء في غير موضعه وهذا يسبب الفساد والإفساد وهذا الأمر يوجب الهلاك. وما أكثر الظلمة الذي ثار عليهم شعوبهم – ولو بعد حين- فشردوا فعاشوا حياة قلقة أو سجنوا أو قتلوا. بل الأمر تعدى عنهم إلى أتباعهم وذويهم، فتحولت قصورهم إلى متاحف أو خرابات للاعتبار قال الله تعالى (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) النمل: 52، وقال تعالىوكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين) الأنبياء: 11. 4) العذاب الأخروي: وهو من الواضحات البديهيات قال الله تعالى(ولو ترى إذا الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين ، قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جائكم بل كنتم مجرمين) سبأ: 31-32. |