د. حسين مثنى العاقل.
رسالة خاصة إلى القابعين في السجن المركزي بصنعاء الأعزاء المناضلون (بجاش الاغبري، وعبد الكريم علي لالجي، وحارس صحيفة الأيام أحمد العبادي المرقشي، والمستثمر الضحية عبيد باقيس ).
بمشاعر يلفها الحزن والأسى، وحواس تمزقها ذكريات القهر والضيم والمعاناة، يحز على نفسنا وضمائرنا أن نمارس طقوس العبادة وترتيل آيات كتاب الله الكريم في هذا الشهر الكريم، خاشعين متضرعين إلى الخالق الرحمن الرحيم بالمغفرة وثواب الخطايا والذنوب، وأنتم أيها الصابرين على الجور وأهوال السجون، تنتظرون أرادة الله العلي القدير أن يفرج عنكم كربة المحن وأحقاد الفاسدين. فإذا كان قد شاء لنا الله بفضله وبفضل الاحتجاجات السلمية لجماهير حراكنا الجنوبي، الخروج من ذلك الإسطبل الموحش، إلا أننا نعيش مع الأهل وذوي القربى وجماهير شعبنا الجنوبي أيام شهر رمضان المبارك ونحن جميعا أيها المظلومون والبعيدون عنا نكابد ظروف معيشتنا المثقلة بهموم الفقر والعوز بفعل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، يحاصرنا في وطنا المسالم والذي حوله المحتلون إلى سجن كبير (الخوف والرعب والحروب المستعرة)، تفتش خطواتنا نقاط التفتيش المنتشرة على طول مسارات اتجاهاتنا، تلاحقنا عيون المرتزقة وأسراب المخبرين، تطاردنا في بيوتنا وشوارع مدنا وقرانا الرابضة في قمم الجبال وفي بطون السهول والوديان أجهزة القمع وجحافل المارقين، نعم أفرج عنا قبلكم أيها الصناديد الأبطال من تلك الزنازين المظلمة ومن بين تلك الأجساد المتزاحمة بأوجاعها وأمراضها، ومن وطأة المحاكمات السياسية الباطلة، لهذا أسمحوا لي ونيابة عن زملائي أخوانكم الذين أطلق سراحهم، أن أرفع إليكم وإلى عائلاتكم الكريمة التحيات الصادقة المعبرة عن مواقفنا المتضامنة معكم وعن مشاعرنا المدركة والحاسة بما تعانوه وما أنتم تنتظروه منا من مواقف عملية في ظل هذا النظام الهمجي، وتعسفاته ألا إنسانية ضد كل أبناء شعبكم الجنوبي، ليس في أيدينا حيلة يمكننا أن نطرق أبوابها، لأنها كما تعلمون قد أغلقت وصدت من أمامنا ومن خلفنا سبل مخاطبة الطغاة والعابثون بشؤون حياتنا العامة والخاصة!؟. فصرنا مجرد غرباء تائهون في أرضنا وتحت سماء بلادنا، لا نسمع فيه إلا دوي قذائف المدفعي وراجمات الصواريخ، لا نشاهد سوى الأطقم العسكرية وفوهات مدافع المصفحات والدبابات الجاثمة فوق صدورنا وعلى جوانب الطرقات، نبكي على ما آلت إليه أحوالنا وعلى ماضي دولتنا المغدور بها، نشيع جثامين شهدائنا كل يوم، نواسي ونضمد ألام جرحانا، نحمل أرواحنا على أكفنا ونحن نترقب لحظة اختراق رصاصات وشظايا الموت أجسادنا، نتأهب أن يداهمنا زوار الفجر في ساعات النوم من هزيج الليل المكتظ بأحلام الكوابيس المرعبة!!؟.
نعم أحبتي صارت حياتنا هكذا... لكنها لن تطول ولن تسمح جماهير الحراك السلمي لهذا الأهوال أن تستمر مهما زادة حشود التعزيزات العسكرية، ومهما طال صبركم وصبرنا، فقرار حراكنا وخياره الوحيد هو تقديم التضحيات في سبيل (فك الارتباط) واستعادة دولتنا الحرة والمستقلة التي في ظلها بمشيئة الله سنلتقي معكم في عاصمتنا عدن الحبيبة، فاعذرونا أن عجزنا بما هو واجب علينا تجاهكم ودعوتنا إلى كل الشرفاء والضمائر الإنسانية الحية في الدول والهيئات والمنظمات الدولية أن تتدخل بحسب أمكانتها السياسية لمخاطبة نظام صنعاء لسرعة الإفراج عنكم، والوقوف مع شعب الجنوب الرازح تحت جبروت الاحتلال ومساندة قضيته العادلة التي سقط وما زال يسقط من أجلها الشهداء وتسفك دماء الجرحى وتزدحم السجون بالمعتقلين الأبرياء..
فسلام عليكم من قلب أخوانكم وأهلكم في أرض جنوبكم الغالي، وعسى أن يفك الله أسركم قريبا فتعودوا إلينا سالمين (أمين يا رب العالمين) وخواتم مباركة وقبل حلول العيد نتمنى لكم الصحة ولقضيتنا الجنوبية النصر ونيل السيادة والحرية.. وكل عام والجميع بخير..