«الناس يعرفون اليمن بسبب تنظيم القاعدة، ولكن ليسوا على دراية بحجم الأزمة الإنسانية هناك»، يقول مارتن بيل، سفير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) لدى بريطانيا. يعتقد بيل، النائب البريطاني السابق الذي زار اليمن الشهر الماضي والتقى «الشرق الأوسط» لدى عودته، أن تركيز المجتمع الدولي كل اهتمامه على مكافحة تنظيم القاعدة في الخليج العربي، يترك ملايين اليمنيين يتخبطون في الفقر، من دون مساعدات كافية. ولكن بيل يؤمن بأن هناك «أزمة إنسانية خطيرة، لا يجب ربطها بـ(القاعدة)».
وفي وقت لا تزال فيه أنظار العالم موجهة إلى ملايين الأطفال المعرضين للخطر في باكستان بسبب الفيضانات، تحاول اليونيسيف أن تلفت أنظار العالم إلى أزمة إنسانية تعتقد أنها لم تجذب الانتباه الذي تستحقه بعد. وتأمل المنظمة التابعة للأمم المتحدة، أن تطلق حملة تبرعات خلال الأسابيع المقبلة، لجمع تبرعات فردية لتمويل مشاريع إنسانية في اليمن.
ويعتبر بيل، الصحافي السابق الذي عمل مراسلا للـ«بي بي سي» لأكثر من 25 عاما، وغطى حرب فيتنام وحروبا أخرى في الشرق الأوسط، أن اليمن هو «أخطر بلد في الكون». ويرى أن الخطر الذي يشكله اليمن على العالم هو بحجم الخطر الآتي من أفغانستان. ويقول: «اليمن بلد غير مستقر، يواجه الكثير من المشكلات، هناك التمرد في الجنوب، وهناك تمرد الحوثيين، وتنظيم القاعدة، الذي تمكن من تنظيم نفسه بشكل جيد هناك، وحاول حتى اغتيال السفير البريطاني».
ولكن بيل، الذي أصبح نائبا مستقلا في مجلس العموم البريطاني من عام 1997 حتى عام 2001، بعد أن تخلى عن عمله كصحافي، يعتبر أن اليمن يأخذ اليوم «الانتباه الذي لا يريده»، بسبب ارتباط الطالب النيجري الذي حاول تفجير الطائرة في فترة عيد الميلاد العام الماضي في الولايات المتحدة برجل الدين اليمني، أنور العولقي. يقول: «هناك دائما زاوية يمنية (في الأعمال الإرهابية مؤخرا)».
ومع ذلك، يحذر من التركيز فقط على الخطر الأمني الآتي من اليمن، لأنه يخشى أن يبقى المدنيون الضحايا الدائمين. يقول: «أجد الأمر مدهشا. إنه في منطقة شبه الجزيرة العربية لدينا بلدان ثرية ذات حكومة ومجتمعات تعمل وفعالة، ومن ثم لدينا اليمن، أفقر بلد في العالم العربي»، ويضيف: «الشعب في حالة يائسة، لا يمكن أن نقول ساعدونا لمكافحة (القاعدة)، لأن ذلك يعني أن المساعدات كلها ستذهب للجيش، وليس الشعب». ويشير إلى أن أكثر من نصف الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية، كما أن البلد يعتبر ثالث أخطر بلد في العالم على الأمهات اللواتي يلدن. ويذكر أيضا بأن الخبراء يتكهنون بأنه خلال 15 عاما، ستصبح صنعاء أول عاصمة في العالم تنفذ منها المياه.
ولكن على الرغم من كل هذه المآسي، فإن معظم المساعدات الدولية تذهب لمساعدة الحكومة اليمنية على مكافحة تهديد «القاعدة». فالحكومة البريطانية وحدها تقدم 45 مليون جنيه إسترليني سنويا، معظمها يذهب للناحية الأمنية. يقول بيل: «الحكومة اليمنية منشغلة بمقاتلة المتمردين على جبهتين، إضافة إلى تنظيم القاعدة الذي يكبر داخل البلاد، ولذلك فهو يعطي الأولوية للأمن. وهذا يترك القليل لكي يتم إنفاقه على رفاهية الشعب».
يرى سفير اليونيسيف أن المجتمع الدولي لديه مسؤولية تمويل برامج تحسن حياة الأفراد، وليس فقط مشاريع مرتبطة بالأمن. وعندما أسأله إذا ما كان يتوقع من البلدان العربية أن تقدم أكثر من البلدان الأخرى، يقول: «العالم العربي جزء من المجتمع الدولي.. أعتقد أن هناك وعيا يكبر في العالم العربي بمخاطر أن يكون هناك بلد غير مستقر في الخليج العربي».
الشرق الأوسط