اليوم، الساعة 11:35 صباحاً‏
ثمة مواقف تتعرض للاحتواء ، هي كذلك كلما جاء صوتا قويا معبرا عن إرادة الناس ، والحقائق الموضوعية التي أفرزها الواقع .
القضايا التي تستمد زخمها من مشروعية وجودها وأصالة تفردها ، يجب أن تعالج بصيغة لا تحتقر قدرة أن يصنع ذووها ما يطمحون إليه ، الوحدة هي الضرورة التي خلقتها رغبة وطنية ، ولكن يجب أن تضبط بطريقة إستراتيجية تستهدف الخير العام ، والصالح الجمعي ، لا أن تفهم بالطريقة التي هي عليها الآن ، وإن بدى الذين يحاولون الحفاظ عليها حريصون على ذلك ، بل الحرص المنطلق من إيمان راسخ بأنها ضرورة وطنية يستلزم بقاءها خلق شروط بقاءها والتي تتمثل في الديمقراطية والحرية وقيم خلافية عقلانية رشيدة ، والتوزيع العادل للثروة والتنمية المستدامة والاقتصاد المنتج ، وكل ما يمكن أن يفكفك مخالب النفوذ والهيمنة الأحادية بمختلف أشكالها، لتحل بدل تلك القوة الشراكة الوطنية للمجتمع ومختلف تكويناته من خلال مؤسسات مدنية ، لا تجير بطريقة تميل نحو فئات بعينها ، وأيدلوجيا بذاتها ، ولكن العدالة الوطنية والإنسانية كأحد وأهم الأسس الراسخة للاستقرار والوحدة.

إن البعض قد لا يكونوا مؤهلين للقيادة بمعناها الإداري، فلكل صنعة رجالها ،ولكنهم أكثر قدرة على القيادة بمعناها الثوري الذي يرسم بالفكر طرق الخلاص وينمي إرادة المقاومة للخروج من دورة القهر ومستنقعات البؤس ، ويسعون الى صناعة التغيير ضمن شروط معينة أرادوها حتى لا تتخذ البلاد شكلا انقساميا يصبح معه من المستحيل تلافي خطر التزق ، إننا نصنع الوعي ونمسك بأزاميل الفكر-الأقلام- كي نحفر في عقول الناس تفكيرا يولد سلوكا عقلانيا في إطار جامع وهنا تكمن القوة والقدرة ومن هنا تولد ثورة البناءة التي لا يختطفها أحد لأن الذي يحافظ عليها وعي الناس الذين انبثقت من عمق وعيهم وتكوينهم الذاتي الذي حركته الأفكار التغيرية.

ولذلك فقيادة الشعب نحو تحقيق إرادته التي تجسد مطالبة عمليا وتبقيه في حالة امتلاك ذاتي لصنع قراره ، تتطلب من القيادات أن تتحلى بالنبل والتواضع وأن تحب الناس الذين تسعى الى تحقيق التغيير معهم والاتصال في العمل الثوري التغييري بالجماهير كما يقول المفكر اليساري "باولو فرايري" يؤدي بالضرورة الى التعاون الذي يوحد القادة والجماهير على نحو حقيقي و يتكرس هذا التوحيد فقط عندما تكون أهداف الثورة إنسانية قوامها الاتصال والحب والتواضع من أجل تحقيق حرية الجميع ، فالحب . الثوري هو الذي يخلق الحياة ولأجل أن تخلق الحياة فلا بد أن يمنع بعض الناس من السيطرة على الحياة ، فبالإضافة الى علاقة الحياة والموت التي تحكم الكون فإن هنالك ظاهرة غير طبيعية وهي ظاهرة الموت الحى،والتى هى تعبير عن عدم تحقق الحياة على النحو الصحيح "
ما يحدث جنوب الوطن ثورة حقيقية فيما لو كان شعارها ناضجا، أي غير انقسامي ، وإن حاول النظام قمعها عبر القوة وتشكيل تحالفات مع بعض القوى التي يتكئ عليها ،فإنه سيصاب حتما بالفشل ، فهي كانت ستكون قوة تقدمية فعلية وناجزه لو أنها احتفظت بشعار الوحدة والتغيير ،ونمت لدى الناس شمال الوطن رغبة الخلاص، وارتبطت بهم وجدانيا عبر إلغاءها شعارات الفرز إلى شعارات الوحدة والمصير المشترك لمختلف فئات الشعب وجماهيره ، نحن نمر بلحظة تاريخية هامة ومفصلية كما تؤكد الأحداث وحرف مساراتها تبدأ من خلال تقزيم الشعارات وبالتالي تصاب بالوأد وتدفن لأنها لم تكن تصب في خدمة المقاصد الوطنية والسياسية والاقتصادية العليا ، فعندما يفرز التاريخ تحولات تاريخية اجتماعية جذرية يصبح من غير الممكن معارضة الإرادة الأيدلوجية السياسية التي تعبر عنها ، وبالتالي فإن سعي النظام القائم للحفاظ على ذاته بتحالفه مع القوى المستفيدة منه لن يستطيع أن يقاوم قوى التحول التاريخي ، وإن استخدم كل ممكناته وصرف من أجل ذلك المليارات .