بعد الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .
تم نشر البرنامجين .
تمت المقارنة .
حصلت الانتقادات من هنا وهناك .
ظهرت الردود على الانتقادات .
ظهرت الردود على الردود على الانتقادات .
ماذا بقي أن نقول ؟؟؟؟ هل خلص الكلام ؟؟؟؟ أم نستمر في تفحيص وتمحيص فقرات وعبارات البرنامجين ؟؟؟ قررت بعد التفكير والمراوحة ذهاباً وأياباً أن أدلوا بدلوي أنا أيضاً !!!!! ولكن ماذا أقول ؟؟؟ قلت .
بغض النظر عن من كان البادئ في نشر البرنامج ، أو من كانت فكرته بالأساس، أو من منهما كان مركزاً واكثر موضوعية وانصرف عن الديباجة والحيثيات والمفردات الكثيرة .
الخ، مايهمني شخصياً وأعتقد أنه يجب أن يهم أبناء الجنوب ، هو قراءة المغزى والفائدة التي سنجنيها من وراء البرنامجين ؟ وهل هما قابلين للتطبيق ؟ وهل يحققان آمال وطموحات الجنوبيون ؟ مما لا شك فيه أن البرنامج الأول – سأطلق عليه برنامج الأربعة – يمثل تطوراً نوعياً ومهماً جداً في عمل تلك المجموعة، فهو للمرة الأولى يصدح بالمطالبة بتحرير الجنوب، وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة على كامل أراضي ما كان يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، من خلال رؤية واضحة لا تقبل التأويل .
وتضع الأمر كله على الطاولة .
وفي نفس الوقت أعطت الفرصة لأبناء الجنوب لأن يطلعوا بشفافية على مايدور ، وأن يقيموا ويحددوا مواقفهم بكل وضوح .
البرنامجين بشكل عام لهما نفس الفكرة الرئيسية ، ولكن قد يختلفان في التفاصيل والحيثيات ، وللأسف في كثير من الأحيان قد تحصل المشكلات من تلك التفاصيل، بل وتصل حد الحيرة والتشكيك ، مما يجعلني أفكر ، هل وضع تلك التفاصيل التي تثير الحيرة والشك مقصود ؟ أم غير مقصود ؟ هل كان الرئيس البيض على علم بكل تفصيل ورد في برنامجه ؟ فأهم تلك التفصيلات الموجودة في البرنامج الثاني – برنامج الرئيس البيض - في رأيي هو التناقض الصارخ بين ما قاله الرئيس علي سالم البيض مراراً وتكراراً من أن دوره يرتكز على مساعدة الجنوبيين على استعادة دولتهم ، وأنه لن يسعى للعودة كرئيس للجنوب مهما حصل ، وبين ما احتوته حيثيات برنامجه من أنه سيرأس مجلس الرئاسة لدولة الجنوب المكون من 7 أشخاص يمثلون المحافظات الست لمدة سنتين !!!! وكذلك تطبيق دستور وشكل وروح النظام الاشتراكي لدولة الجنوب السابقة خلال نفس الفترة !!! فهل تبني هاتين النقطتين الحساستين يستقيم مع طموحات الجنوبيين التواقين لدولة جديدة كلياً بكل ما تعنية الكلمة ، أكان في شكل وروح وإيدلوجية النظام السياسي، أو في طريقة اختيار الحاكم ، أو في طريقة التعاطي مع الأساليب الإدارية للدولة .
الخ.
إن مثل هذه التفصيلتان فقط تخفي أكثر مما تظهر، بل وتسمح بكم هائل من الأسئلة والحيرة ، ومن ضبابية المستقبل الذي ينشده الجنوبيون .
ماذا بعد ؟؟ فلنضع جانباً المقارنة بين البرنامجين ونبدء في ما بعد البرنامجين ، ما هو المطلوب لإنزال الأقوال منزل الأفعال ، كيف يتم تحقيق وتنفيذ ماجاء في البرنامج الذي يمكنني أن أسميه البرنامج الأكثر احترافية ، أو الذي أتوقع له أن يحوز على أكبر قدر من الاجماع الوطني والقبول الخارجي ، وهو برنامج الأربعة ؟ المهم تحقق ، والرؤية والبرنامج الواضح الدقيق والمنظم قد ظهر للوجود ، فبقي الآن الأهم وهو التنفيذ ، والتنفيذ الاحترافي المهني الصحيح، فعصرنا الحالي عصر الاحتراف والكفاءة، وليس عصر الأقوال الثورية والمجاملات والتنفيذ كيفما اتفق.
للسادة أصحاب البرنامج القدرة الكافية على إدارته ، ولكن المسألة هي إيجاد العناصر المناسبة من الجنوبيين المؤهلين وذوي الكفاءة لتنفيذ البرنامج على أرض الواقع، خصوصاً وان الجزء الأكبر من العمل الان سيكون في الخارج، فعملية الاختيار للمجموعات التي ستتولى التنفيذ ، وعملية إنشاء شبكة ذات كفاءة للتنسيق والتواصل والربط فيما بين المجموعات العاملة ، ستكون من أهم الخطوات، فالاختيار الصائب الدقيق والبعيد عن أي مجاملات أو حسابات شخصية الآن، يعني نجاح البرنامج وتحقيق أهدافه المرسومة مستقبلاً ، والعكس صحيح .
إن المراوحة في نفس المكان منذ سنوات للعمل الجنوبي في الخارج كان أحد أسبابه ( الأسباب كثيرة ) الاختيار السيء لأساليب و طاقم العمل، لذلك فقد آن الأوان لإعادة النظر في آلية العمل، والبحث عن الأفضل، من خلال معرفة وتطبيق عدد من المنهجيات طالما وأن الرؤية قد بانت ، والهدف الإستراتيجي قد اتضح وأعتقد أن أغلب الجنوبيين يتفقون عليه، ومن تلك المنهجيات ، منهجية المعرفة والقدرة على التعامل مع الواقع الحالي، ومنهجية القدرة على امتصاص العبر والمآلات التي حصلت في الفترة الماضية، عبر طرح سؤال مهم ، لماذا نحن مازلنا نصر على البقاء في نفس الخانة ؟ و للخروج من ذلك المربع المنحصرين فيه هو البدء الفوري في العمل والانتقال قدماً إلى الأمام مع ضبط سرعة التحرك ، بحيث تكون مناسبة للتعامل مع الظروف التي قد تطرأ أثناء التحرك، تحرك ثابت بلا سرعة ولا إبطاء ، مع القدرة على المرونة في كل موقف ووضع ، والاستفادة من كل ما سبق.
خاتمة .
أنا على يقين من أن الظروف الحالية صعبة ، والعمل على تنفيذ برنامجكم ليس سهلاً ، وسيكون محفوفاً بالمشاكل والصعاب والعراقيل الكثيرة ، ولكن أنتم أهلاً للتحدي ، وأريد أن أنوه بأن شعب الجنوب انتظر كثيراً مثل هذه البرامج ، ولكنه لن يتحمل الانتظار أكثر حتى يتم التنفيذ، فالقتلى والأسرى في تزايد، والصبر يوماً بعد يوم يقل، وأتخوف من أن تأخر التنفيذ والمماطلة ، قد تخرج الناس عن الانضباط ، وقد تفرز أفكار وتيارات جديدة تنفذ ما عجزتم عن تنفيذه ولكن برؤيتها الخاصة والتي قد تكون ارتجالية أو متسرعة أو غيرصائبة ، ويزيد من صعوبة الوضع.
وأود أن أنوه كذلك بأن الذي سينفذ برنامجه على أرض الواقع بشكل صحيح ودقيق وعملي و احترافي ( وأشدد وأضع مئة خط على احترافي ) فلن ينجح التنفيذ إلا إذا نفذ حسب الأصول ، ومن أهل اختصاص وكفاءة ، ومن يقوم بذلك هو من سيكون صاحب المصداقية ، وصاحب القول الفصل ، وهو من سيقود ابناء الجنوب لتحقيق هدفهم ونيل طموحاتهم .