"إن أردت السلام فأعدد للحرب"، هي مقولة حفظها التاريخ لأحد قادة أوروبا، ولكن ربما لم تعد هذه المقولة تقتصر فقط على الإعداد للحرب العسكرية، فهاهنا في عدن، في هذه المدينة التي تم إيقاظها منذ عقدين من الزمن من نومها المخملي (المدني) الناعم على وقع دوي الجنازير وقرقعة الطبول، يتم فيها الإعداد للحرب ولكن ليس الغاية هو السلام، بل هو اقتناص أغراض عدة من كل هذه الحشود التي تطوق عدن كالسوار في المعصم. آخر هذه الأغراض هو المقصد الرياضي، وان تصدر هذا الغرض الواجهة الإعلامية والخطب السياسية، فثمة أغراض ومقاصد عديدة تقف خلف هذا الجو المشحون بكثافة عسكر يرتسم البؤس على الوجوه وهم يرتصّون بين كل عسكري وعسكري عسكري وبين كل نقطة تفتيش وأخرى تنصب نقط تفتيش، حتى يخال للأهالي في عدن بان السماء تمطر عسكر، وكأن حربا شاملة تدق طبولها على الأبواب.
معذرة يا سادة، ليست عدن وحدها هي التي (تتجشأ) عساكر، فهناك محافظة أبين متخمة حتى الحلقوم بالعربات والدبابات، أما أخواتهن (الضالع، لحج، شبوة وحضرموت) والجنوب عامة فحدث عنه ولا حرج. فلما الاستثناء وهي، أي هذه المحافظات، لابد أن ترى "العين الحمراء" وهي مبهررة آخر بهرارة.
البعض يعتقد أن هذا الكم الهائل من العسكر سيتم توظيفه فقط في جولة الانتخابات المقبلة ليتم بواسطته إجهاض أي عملية مقاطعة للانتخابات أو لتغيير النتيجة الانتخابية التي قد تكون على شكل استفتاء وحدوي متوقع. ليس هذا هو الغرض فقط من كل هذه الجيوش وإنما هي أيضا فرصة باسم فعالية خليجي عشرين اهتبلتها السلطات الحاكمة للزج بأكبر قوة عسكرية في الجنوب لإخماد ثورة الغليان الشعبي الساخطة على أوضاع ما بعد وحدة الحرب.
ليس في خاطر السلطات التي حشدت وتحشد هؤلاء الجنود الذي نجد أنفسنا متعاطفون مع عنائهم ومشقتهم، كيف سينظر القادمون من دول الخليج لهذا الجو الملبد بالعسكر والمطوق بعربات القتال وهم يرتدون فنلات رياضية وسط غابة من بدلات الميري؟. ولكن يبدو أنها، أي السلطات الحاكمة، ترى انه لا فرق بين لعبة رياضية ولعبة سياسية فكلاهما "لعبة" وان الهدف لا بد أن يسجل في مرمى الخصم.
(وعيدكم مبارك بأذن الله).
المصدر أونلاين