ما أشبه اليوم بالبارحة فالمتتبع لحديث الرئيس الصالح في خطابه يوم أمس إمام المؤتمر السنوي لقادة القوات لمسلحه والأمن يلمس انه لايختلف كثيرا" عن ذالك الخطاب الذي ألقاه زين الهاربين بن علي الموجه إلى شعبه قبل فراره من تونس فقد كان الرئيس يحاول بهدوئه وترنيم نبرات صوته إن يكسب تعاطف الشعب برسالته تلك كما حاول إن يفعل قبله الدكتاتور المخلوع زين العابدين في خطابه الأخير الذي قال فيه لشعبه (إنا اليوم فهمتكم. فهمتكم. فهمت المثقف والبطال والسياسي ومطالبكم بمزيدا" من الحريات لقد غالطوني وسيتم محاسبتهم) وكنت أتمنى من السيد الرئيس إن يكرر تلك الكلمات في اشاره واضحة وصريحة للرضاء بذالك المصير مخيرا" لا مجبرا" وتسليم الحكم إلى الشعب اليمني دون دماء. ولكن الاعتذار الذي أبداه الرئيس عن التقصير وعدم الكمال لايختلف مفهومه عن مفهوم كلمات بن علي الاخيره فكلاهما وعدا أيضا" بمزيدا" من الإصلاحات الديمقراطية واكداء بأن لارئاسه مدى الحياة ولا توريث ووجها بزيادة المرتبات 0
هذاء السيناريو الذي يجري في اليمن يتطابق بشكل كبير مع مايجري وجرى بالأمس في تونس بتشابه كبير إلى حد التوافق وفقا" للإحداث التالية:-
1- الشارع اليمني تحرك ضد السلطة من جامعة صنعاء بشكل عفوي وليس منظم للمطالبة بإصلاحات ديمقراطيه ثم مطالب سياسيه كما جرى في تونس والتي بدأت إحداثها من ولاية سيدي ابوزيد بهذا الشكل0
2- من يقود المظاهرات هم نخبه من المثقفين والطلاب والحقوقيين وليس من الأحزاب أو النخب السياسية فيها0
3- المظاهرات توسعت لتشمل مدن أخرى في اليمن بعد اعتقال الناشطة توكل كرمان وهذا يتوافق مع ماحصل في تونس بعد موت محمد بوعزيزي0
4- لعبة كل من وزارة الداخلية في اليمن وتونس دورا" رئيسيا" في قمع المظاهرات وممارسة الاعتقالات وتحدي الجماهير بشكل سافر وزيادة اشتعال تلك المظاهرات 0
5- أقالت السلطتين في البلدين عدد من الوزراء قبل السقوط ففي اليمن تم إقالة كل من وزير الاقتصاد والنفط ومسؤلين آخرين وفي تونس أقيل وزير الداخلية وعدد من المستشارين0
6- تطابق خطاب الرئيس علي وبن علي المتضمنان فهم شعوبهم أو الاعتذار عن تقصيرهم وعدم بقائهما في الحكم مدى الحياة أو توريث الحكم والوعود بالإصلاحات ورفع المرتبات0
لذاء فأن تلك المستجدات وما ورد في خطاب فخامته الأخير بمثابة ورقة التوت الاخيره التي تكشف لنا حقيقة مانحنوا قادمين عليه ونراء بأن النظام بتلك الرسالة قد حدد معالم المرحلة القادمة لخاتمته وبداء يلمم أوراقه وحدد النهاية الذي يراها لحفظ ماء وجهه مستفيدا"من أخطاء بن علي الذي لم يحالفه الحظ ويمنحه الوقت الكافي حتى لوداع أقاربه أو جمع حقائبه وتحديد وجهة سفره .وكلما مضت الساعات والأيام القادمة وأثبتت إن القدر نفس القدر ولا تغيير في المسار كلما تعززت هذه القناعة لديه بأن الرحيل هو الخيار الوحيد المفتوح إمامه وبذالك فما على الشعب اليمني إلا إن يهيئ نفسه لاستلام السلطة بشكل سلمي ويحدد خطه عمله لما بعد علي وكيف سيواجه التحديات من بقايا أزلام النظام الذي باعتقادي سيحاولون استلام الحكم إن لم يسلم لهم أو يجرون انقلابا" عسكريا"كإحدى السيناريوهات المطروحة لحماية النظام بالتحالف مع المؤسسة القبلية التي لها مصالح في استمرار الحكم وهذا هو ما فشل فيه بن علي ويراهن عليه النظام في اعتقادي والأيام القادمة حبلى بالمستجدات التي هي أتيه لامحاله ولا مجال لايقافها0
بقلم /محمد ألحميدي