خطوات عشر وأمنيات كُثُر:
بدون الخوض في التفاصيل، فقد كنت متوجساً خيفة، وقلقاً بشأن التفويض المطلق الذي منحته قيادات مجلس الحراك الجنوبي لرئيس المجلس حسن باعوم، ولم يكن مصدر القلق الشك في قدرات الرجل أو حكمته وكفاءته، ولكن مصدره قناعة شخصية مفادها أن مثل هذا الإجراء يتعارض ويتناقض تماما مع مبادئ وقواعد العمل المؤسسي التي يجب احترامها وتقديسها والخضوع لها في نشاط أي تنظيم سياسي أو ثوري أو اجتماعي، بل أن مثل ذلك الإجراء(التفويض) يعد مانعا من إرساء دعائم عمل مؤسسي صحيح بل ومعيقا لتطوره وتراكم الخبرات والتجارب والمعارف بصدده، ولا يختلف اثنان بأن هذه المبادئ والقيم والخبرات والمعارف التنظيمية هي ما يفتقده الحراك الجنوبي منذ نشوؤه، فضلا عن ذلك فإن لدينا تجربة مريرة بشأن مثل تلك التفويضات هي تفويض الشيخ طارق الفضلي العام قبل الماضي التي تمخض عنها الإعلان عن حركة حسم في 30نوفمبر 2009م، التي نتج عنه خلافات أعاقة مسيرة الحراك الجنوبي حتى اليوم، لذلك فقد توجست خيفة من أن يفضي تفويض شيخ المناضلين إلى مثل تلك النتائج الخطيرة في حال أنه جعل من نفسه ــ بموجب ذلك التفويض ــ بديلا عن مؤسسات مجلس الحراك، إلا أن شيخ المناضلين بخبرته وارثه النضالي والتنظيمي، كان حكيما وعند حسن ظن شعبه فيه، فاستطاع من خلال خطواته العشر المعلن عنها بتاريخ 10/1/2011م أن يبدد معظم تلك المخاوف والتوجسات، وطالما استطاع اجتياز المرحلة الأصعب من أعباء ذلك التكليف(التفويض)، فأظنه قادرا على تبديد جميع ما تبقى من مخاوف وتوجسات، وذلك بإنجاح المرحلة الثانية من ذلك التكليف المتمثلة في تنفيذ خطواته العشر التاريخية من خلال تحقيق أمنيات كثر مرجوة من كل خطوة من تلك الخطوات والمتمثلة تلك الأمنيات ــ حسب تقديري الشخصي ــ بالاتي:
أولاً: بالنسبة للخطوة الأولى: إنزال وثائق مشروعي البرنامج السياسي وميثاق الشرف عبر مجالس المحافظات لأخذ الملاحظات ورفعها لرئيس المجلس لتقديمها إلى المؤتمر لإقرارها ,وخلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من الآن..
فقد أحسن الشيخ حسن (وهو دائما حسن) بهذه الخطوة صنعا، عندما أعطى مهلة ثلاثة أشهر لدراسة ومناقشة أهم وثيقة حراكية، فالمشروع فعلا يحتاج إلى مزيد من الدراسة والنقاش وإعادة صياغته وتأصيله بطريقة منهجية وعملية دقيقة، وأمنياتنا لإنجاح ذلك تتمثل في:
1) إنزال الصيغة النهائية المشروع البرنامج السياسي التي أقرتها لجنة الصياغة وتعميمها على المحافظات والمديريات ووسائل الإعلام الجنوبية بما يفيد بأنها الصيغة المرة من لجنة إعداد الوثائق، لان هناك عدة مسودات وزعت لدلك المشروع خلال الفترة السابقة بصياغات مختلفة، دون أشارة إلى أيهما الصيغة المقرة من لجنة الصياغة لكي يتمكن المطلع عليها من إبداء أية ملاحظات عليها.
2) وضع آلية عملية وزمنية لإنزال المشروع وتعميمه على هيئات الحراك بالداخل والخارج ومختلف شرائح المجتمع الجنوبي بحيث تتضمن تلك الآلية إجراءات إنزال الوثائق ومددها الزمنية وإجراءات تلقي وجمع الملاحظات والدراسات عليها ومددها الزمنية أيضا بما في ذلك عقد ندوات ولقاءات حوارية مع المتخصصين حول تلك الوثائق، وتحديد الجهة أو الأشخاص الذين سيتولون إدارة وانجاز ذلك على مستوى الداخل والخارج، وأتمنى أن يكلف رئيس المجلس من يراه لإعداد هذه الآلية حاليا لتقديمها إلى الاجتماع القادم لإقرارها.
3) من خلال اطلاعي على المشاريع التي أنزلت، فإني أرى بالإضافة إلى الإجراءات السابقة، ضرورة استشارة متخصصين من ذوي الكفاءة والمؤهلات العالية مختلف التخصصات والخبرات: القانونية مختلف فروعه(دستوري، اداري، دولي)، التاريخ ، الاقتصاد، العلوم السياسية والاجتماعية، شخصيات سياسية واجتماعية من ذوي الكفاءات والخبرات العملية..الخ وذلك لدراسة تلك الوثائق وتقديم الملاحظات حوله ولو بطريق سرية ممن مازال مرتبطا بعمل اكاديمي أو حكومي مع النظام وهم كثر كثر خصوصا بالجامعات..
4) إنشاء بريد الكتروني خاص باستقبال الملاحظات حول تلك الوثائق أو غيرها.
ثانياً: الخطوة الثانية: توسعة المجلس الأعلى للحراك السلمي:
فهذه الخطوة كسابقتها استدعتها الضرورة العلمية وأمنياتنا لإنجاحها هي:
1) أن تراعى قواعد العمل المؤسسي في عملية الاختيار للأشخاص، من خلال ترك مجلس كل محافظة في اجتماع مشترك مع مجالس المديريات، هو من يختار ممثله إلى المجلس الأعلى.
2) ليس بالضرورة التقيد بالتمثيل المتساوي، متى اقتضت ضرورة التوافق إعطاء بعض المحافظات استثناء من ذلك خصوصا حضرموت وعدن.
ثالثاً: الخطوة الثالثة: تشكيل قيادة ميدانية:
هذه الخطوة تشكل قفزة نوعية للحراك الجنوبي، وكان لابد من حصولها منذ انطلاقه، وأمنياتنا لإنجاحها تتمثل بالاتي:
1) إن يتضمن نظامها الأساسي المشار إليه بالقرار، قواعد تنظيمية ومسلكية دقيقة وصارمة تحدد مهام واختصاصات هذه الهيئة وعلاقتها بالهيئات الأخرى على مستوى المديريات والمحافظات والمجلس الأعلى بما يضمن عدم تداخل المهام والاختصاصات مع الهيئات الأخرى، وأن تحدد القواعد المسلكية التي يجب على منتسبي هذه الهيئات الالتزام الصارم بها عند ممارستهم لمهامهم، وتحدد الجزاءات التنظيمية الصارمة التي توقع على مخالفة تلك القواعد، وكيفية توقيع تلك الجزاءات وفق قواعد وإجراءات سرية للغاية.
2) أن تكون عملية تشكيل هذه الهيئات وممارستها لعملها محاطا بالسرية بحيث يقتصر المعلن عنه إذا اقتضى الأمر ذلك على تشكيل القيادة الميدانية العليا..
3) إن يتم اختيار عناصر هذه الهيئة وفروعها بعناية فائقة ممن لهم خبرات ميدانية وعملية في الجوانب الأمنية والتنظيمية..الخ ثم تتولى هذه القيادة بتشكيل فروعها بالمحافظات والمديريات بصورة سرية جدا وفقا لما يحدده نظامها الأساسي المقترح..
رابعاً: الخطوة الرابعة: تشكيل لجنة من الشخصيات ذات الكفاءة والنزاهة لمعالجة الأوضاع في المحافظات التي تعاني من تعدد المجالس..الخ
هذه الخطوة لاشك تعد شرطا لازما لنجاح عمل المجلس الأعلى والانتقال به من العمل الارتجالي إلى العمل المؤسسي المنظم، وأمنياتنا لإنجاح هذه الخطوة تتمثل بالآتي:
1) التزام اللجنة المكلفة بهذه المهمة بقواعد العمل المؤسسي ولو في حدها الأدنى عند معالجة مشكلات تعدد المجالس أو غيره بحيث لا تغيب إرادة أعضاء تلك المجالس ولا يغيب دور مجالس المديريات والمناطق.
2) لابد أن تكون لدى اللجنة المكلفة آلية عملية لمعالجة مشكلات مجالس المحافظات، أما وسائل التجواه والمراضاة والمحاصصة التي ورثناها من نظام الاحتلال، فلا تفضي إلى معالجة صائبة ودائمة وآمنة لتلك المشكلات، والتجارب السابقة كافية لتأكيد ذلك..
3) أن تعدد المجالس المقرون بتعدد القواعد، لا يمكن معالجة ذلك التعدد من خلال دمج الرأس مع بقاء القاعدة تلتجيء إليها الرؤوس المريضة عندما لا يلبي الدمج مصالحة الشخصية، لذلك فمعالجة التعدد في مثل هذه الحالة يجب أن يكون عن طريق آلية تبدأ بعملية الدمج من القواعد بحيث يكون آخر خطوة هي دمج القيادة, وقد أشرت لذلك في موضوعي السابق بعنوان(أخلل في الرؤوس أم النفوس أعاق مسيرة الحراك) فليرجع بشأن تفاصيل ذلك إليه..
خامساً: الخطوة الخامسة: تشكيل هيئة استشارية:
كسابقاتها خطوة تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لعمل الحراك الجنوبي، وأمنياتنا لإنجاحها، تتمثل في :
1) إن تمثل فيها المحافظات بشكل متساوٍ تتولى مجالس كل محافظة ومديرياتها باختيار ممثلها في هذه الهيئة..
2) بالإضافة إلى التمثيل المناطقي، يجب أن يكون هناك تمثيل نخبوي وفئوي من مختلف النخب والفئات الجنوبية(تجار، مشائخ، سلاطين، شخصيات سياسية، اكاديمين، مرأه، شباب)
3) ضرورة تحديد مهام واختصاصات الهيئة الاستشارية وطبيعة علاقتها التنظيمية بمجلس الحراك، فهذا التحديد هو صمام أمان نجاح أي عمل مؤسسي، وبدون هذا التحديد فإن هذه الهيئة وغيرها ستتحول إلى مشكلة تنتج الفوضى التنظيمية والتشتيت والتمزيق للجهود وإفشالها..فيجب أن ندرك بأن اخطر مرض يصيب الكيانات المؤسسية هو تداخل الاختصاص والمهام بين هيئاتها وفروعها التنظيمية، فلننتبه إلى ذلك خصوصا مع تعدد الهيئات المعلن عن تشكيلها فإذا لم يتم وضع قواعد تنظيمية لمهام واختصاصات كل منها ولو حتى مؤقتا يقرها مجلس الحراك حتى إقرار اللائحة التنظيمية لمجلس الحراك، فإن مصير هذه الخطوات العملاقة الفشل بل وتحولها إلى مصدر لإنتاج المشكلات وتعقيدها..
سادساً: الخطوة السادسة: إيجاد سكرتارية عامة:
اعتقد بأن هذه الخطوة هي من باب إيجاد توافق بين التيارات الثلاثة التي أنتجها اجتماع يافع الأخير، لأن الأمر المسلم به في أي كيان مؤسسي بأنه لابد من وجود سكرتارية تتولى الأعمال الإدارية والكتابية اليومية لذلك الكيان، على العموم فهذه الخطوة هي تجسيدا لهذا المسلمة، ولكن الظاهر بان المقصود فيها أمر آخر لهذا فهي كسابقاتها من الهيئات لابد من تحديد اختصاصاتها ومهامها بدقة ووضوح..
سابعاً: الخطوة السابعة: تشكيل لجنة تحضيرية للأعداد والتحضير للمؤتمر الوطني:
أمنياتنا لإنجاح هذه الخطوة المهمة تتمثل في الآتي:
1) التمثيل المتساوي للمحافظات
2) إشراك أصحاب المؤهلات العلمية(إدارية، إعلامية، قانونية) خصوصا من الشباب بالإضافة إلى أصحاب الخبرات بالعمل التنظيمي، ويتشكل من هذه الخبرات اللجان المتخصصة التي تحتاجها اللجنة التحضيرية(لجنة إعلامية، لجنة تنظيمية، لجنة الوثائق..الخ)
3) وضع آلية عملية وزمنية لمهام وواجبات اللجنة كغيرها من الهيئات.
4) أشدد وألح بقوة على إتباع قواعد العمل المؤسسي وأعرافه المستقرة بشأن عقد المؤتمرات العامة، والتي تنص على ضرورة ابتداء مقدمات ذلك المؤتمر من القاعدة بالمؤتمرات الجزئية على مستوى المناطق ثم فرعية على مستوى المديريات، ثم رئيسية على مستوى المحافظات، ثم المؤتمر العام، فالالتزام الصارم بهذا التدرج ولو في حده الأدنى، هو الذي يجعل البناء المؤسسي لمجلس الحراك مؤسساً على إرادة شعبية وقاعدة صلبة، وليس مؤسس على جرف هار، وبطبيعة الحال هذا التدرج يستلزم على اللجنة التحضيرية العليا تشكيل فروع لها بالمديريات والمحافظات، ولا ضير في ذلك، لأننا لم نجني من الخطوات المسلوقة فوقياً، إلا الخيبات والانتكاسات المتتالية.
ثامناً: الخطوة الثامنة: تشكيل لجنة تعتني بشؤون الشهداء والجرحى والمعتقلين:
أمنياتنا لإنجاح هذه الخطوة المهمة هي:
1) تشكيل صندوق خيري لدعم الجرحى والمعتقلين وأسرهم واسر الشهداء، يكون له فروع في كل مناطق الجنوب والخارج، باشتراك شهري من جمع أعضاء مجلس الحراك، بالإضافة إلى التبرعات.
2) إيجاد لائحة مالية ومحاسبية تنظم عمل صندوق الشهداء والجرحى والمعتقلين..الخ
تاسعاً: الخطوة التاسعة: إقرار مبدأ عدم الازدواجية الحزبية والسياسية:
هذه الخطوة رغم الانتقادات التي وجهت إليها بشكل علني أو التحفظات عليها وقبولها على مضض، فإنها بتقديري الشخصي ضرورة فرضتها تداعيات المرحلة السابقة المأساوية التي وجد شيخ المناضلين نفسه إزاءها، مجبراً لاتخاذ هذه الخطوة تطبيقاً للحكمة القائلة "آخر العلاج الكي" بعد أن فشلت كل وصفات العلاج السابقة وذلك بعد أن صار مجلس الحراك ككيان تنظيمي، حمَّال أوجه ورؤى وولاءات متناقضة ومتصارعة، ولا أقول مختلفة ومتباينة لأن الاختلاف والتباين في الآراء والأفكار في إطار العمل المؤسسي المنظم، ثراءً وليس بلاءً، وأنا هنأ لست بصدد محاولة تبرير هذه الخطوة أو شرعنتها أو بصدد الرد على معارضيها، أو بصدد إنكار أية تداعيات سلبية قد تنتج عنها، ولكن بصدد طرح رأي شخصي حول دوافع تلك الخطوة ورأي شخصي حول تدارك أية تداعيات سلبية قد تنتجها تلك الخطوة بصورة تلقائية أو بتوظيف من وجهات تتربص بالحراك الجنوبي، وأمنياتي لتدارك ذلك هي:
1) أن يصدر من مجلس الحراك في اجتماعيه المقرر لمناقشة قرارات رئيس المجلس ، توضيحا وتفسيرا دقيقا لمفهوم منع الازدواج التنظيمي ومبرراته، بما يزيل اللبس حوله ويمنع الاستغلال السيئ من قبل بعض أصحاب الأهواء ومن قبل الأعداء لهذه الخطوة أو حرفها عن غايتها.
2) يلزم قيادة مجلس الحراك ومنتسبيه التفريق بين الانتساب إلى عضوية مجلس الحراك وبين الانتساب إلى الحراك الجنوبي بشكل خاص والانتساب إلى الجنوب بشكل عام، فيجب التخلص من الطرح المتشنج والمنفر والمخون الذي عانينا منه بالمراحل السابقة والذي كان مؤداه، أن من ينتمي إلى الجبهة القومية ويؤمن بالكفاح المسلح لطرد الاحتلال البريطاني، فهو وطني وثوري ومخلص، ومن لا ينتمي إلى تلك الجبهة ولا يؤمن بنهجها، فهو عميل ورجعي وخائن، حتى أننا بدلنا اسم الاستعمار البريطاني إلى الاستعمار الانجلوسلاطيني وركائزه العميلة، وها نحن بعد أكثر من أربعين سنة أدركنا بأننا اختلقنا وهماً وعممناه بدون وعي فدفعنا قطاعاً كبيراً ومهماً وفاعلاً من شعبنا، دفعناهم دفعاً بغير اختيار ورغبة غالبيتهم العظمى، لأن يكونوا أعداء لنا إلى جانب عدونا الحقيقي (الاستعمار الأجنبي)، فانتهت خصومتنا وعداوتنا مع ذلك العدو بمجرد رحيله، بينما استمرت عداواتنا لإخواننا ولازلنا نجتر مآسيها حتى اليوم، لذلك يجب على قيادة مجلس الحراك إفراداً وجماعات التنبيه والحذر الشديد من إعادة إنتاج هذا الخطأ الفادح، فليس الحراكي هو من ينتمي إلى مجلس الحراك ويؤمن بأهدافه فقط، وليس كل من يتمسك بحزبيته خائن وعميل واشد خطرا على الجنوب من المحتل، وليس من لازال يعمل مع النظام لتوفير لقمة العيش لأولاده أو حتى لمصلحة خاصة خائن وعميل، يجب التخلص من هذه الثقافة والسلوك المنفر الذي يجد معه الأخ مدفوعا ومضطرا للجوء إلى عدوه والتحالف معه ضد أخيه لحماية نفسه ووجوده من فضاضة وغلاظة أخيه أو نكاية به، فلنتعظ من أخطائنا ومآسينا السابقة، لأن حقائق الواقع والتاريخ تخبرنا بوضوح بأن المبررات التي اختلقتاها في مرحلة الكفاح المسلح ضد الانجليز لدفع أخواننا إلى الخندق الآخر، كانت تبدو مقنعه جدا جدا في ظل ظروف تلك المرحلة وتداعياتها، كما تبدو في واقعنا وظروفه اليوم تلك المبررات التي نسوقها لتبرير تصنيف الجنوبيين إلى استقلالي بالمفهوم السابق قومي، وفدرالي بالمفهوم السابق رجعي وعميل الذي نعت بها سابقا المشائخ والسلاطين ومنتسبي بقية الفصائل، وبطبيعة الحال ليست المشكلة في التسميات التي قد يخلعها كل شخص أو تيار على نفسه تعبيرا عن أهدافه, ولكن المشكلة هي فيما تنتجه هذه التسمية من ثقافة وسلوك عدائي وإقصائي لمن لا يوصف بها، فوجب لذلك على قيادة وأعضاء مجلس الحراك التنبه لذلك والتفريق بين هذه المزالق الخطرة وبين متطلبات العمل التنظيمي الصارم في نشاط مجلس الحراك، وبالمقابل يجب على الحراكين والجنوبيين ممن يرى اقتناعه التام في الاحتفاظ بحزبيته أن يدرك بأنه ليس بالضرورة أن يكون عضوا بمجلس الحراك لكي يكون حراكيا ولكن بإمكانه خدمة قضية شعبه طالما هو مقتنع بعدالتها في إطار حزبه، لأن الحياة علمتنا بأن الشخص لا يمكن أن يكون فاعلا ونشطا ومبدعا إلا في الوسط الاجتماعي الذي يرغب في الوجود فيه ومع جماعة الانتماء الذين يشعر بالألفة معهم، فالقضية الجنوبية ليست حكرا لأحد بل ملكا لكل جنوبي..أمنيتي أن يفهم قرار منع الازدواج التنظيمي في مجلس الحراك في إطار الفكرة السابق طرحها.
3) اتساقاً مع ما سبق أتمنى من قيادة مجلس الحراك أن تجعل من خطوة منع الازدواج التنظيمي, وسيلة لمعالجة مشكلة تنظيمية داخلية وخاصة بالمجلس ومنتسبيه فقط فقط، ولا تجعلها وسيلة للانغلاق على نفسها والانعزال عن بقية المكونات والفئات والتيارات الجنوبية, أو جعلها معيارا أو أساسا لتوزيع صكوك الوطنية بين الجنوبيين، بل يجب على قيادة مجلس الحراك أن تدرك أن ميدان الحراك لا يقتصر على التظاهر في شوارع المدن الجنوبية ، بل أن للحراك ميادين عديدة منسية حتى اليوم ولم يتم تحريكها أو استثمارها رغم إمكانية ذلك وتيسره، فالمحافل الدولية والإقليمية والعربية والمنظمات الدولية والإنسانية والسياسية والإعلامية، هي ميادين مهمة للحراك الجنوبي، كما أن مؤسسات دولة الاحتلال السياسية والمدنية والعسكرية ومنظمات المجتمع المدني فيه، جميعها ميادين مهمة جدا جدا للحراك الجنوبي، ويستطيع اختراقها وإفشال جميع خطط النظام الموجهة للقضاء الحراك الجنوبي ولست مبالغاً لو جزمت أن جميع هذه المؤسسات مخترقة من الحراك الجنوبي, ولكن للأسف لا توجد القيادة المنظمة التي تدير هذا الاختراق وتستثمره بشكل سليم وآمن ولو استثمر هذا الميدان لأفشلت كل خطط الاحتلال ودسائسه قبل تنفيذها، بل أن تأطير الجنوبيين العاملين مع النظام الموالين للحراك وتنظيم جهودهم واستثمارهم في خدمة القضية الجنوبية بصورة سرية ومنظمة، سيؤدي إلى خلط الأوراق لدى المحتل وإرباكه مما يجعله مضطراً للدفع بالجنوبيين المتحالفين معه للانضمام إلى الحراك، بدلاً من أن ندفعهم نحن بالتخوين والإقصاء والقذف والسب والوعيد، إلى الالتجاء للمحتل لحماية أنفسهم من طيشنا ونزقنا ورعونتنا، فهل من مدرك من أن وجود جندي أو ضابط متعاون مع الحراك في أحد معسكرات المحتل، أفضل من ألف جندي أو ضابط يعلنون انضمامهم إلى الحراك ويخرجون بمسيرة في شوارع الحبيلين أو الضالع؟؟؟ فكيف والواقع يقول بان لدينا مئات بل آلاف في كل مفصل من مفاصل نظام الاحتلال؟؟ أتمنى أن لا يؤدي تطبيق قرار فك الارتباط التنظيمي إلى استمرار إغفال هذه الميادين الحراكية المهمة..
عاشراً: العاشرة: دعوة قيادة المجلس الأعلى لمناقشة هذه القرارات:
هذه الخطوة هي التي عكست حكمة رئيس المجلس وإدراكه لخطورة المهمة التي كلف بها، بحيث لم يجعل من نفسه بديلاً عن عمل الهيئات وإنما عنصرا فاعلا في تفعيلها وإعادة روح العمل المؤسسي فيها، فتحقق بذلك ما كنت أخشى منه، من أن يكرر شيخ المناضلين الخطأ الذي وقع فيه الشيخ الفضلي في تفويضه السابق الذي حل نفسه محل عمل الهيئات، أتمنى أن يكون الاجتماع المدعو له بمثابة إعادة الحياة إلى العمل التنظيمي الصارم والمنظم الذي يعلو فوق الأهواء والاجتهادات الفردية..فهو السبيل الوحيد لانتصار القضية الجنوبية، وليس الشطحات الفردية أو الاندفاعات العاطفية المبنية على ردة فعل غاضبة، فهذه قضية شعب ليس بمقدور فرد واحد قيادتها،هل سنحقق هذه الأمنيات، بالعمل المؤسسي المنظم والمخطط سنحققها بغيره لا، والأيام القادمة هي من سيحكم..