قالت صحيفة نيويورك تايمز إن قناة الجزيرة أصبحت الصوت الذي يوحد العرب، مشيرة إلى أن العالم العربي يشهد لحظة غير مسبوفة يشعر فيها الناس بالتقارب والحكومات بفقدان الشعبية.
وأضافت الصحيفة في تقرير من مراسلها في بيروت أنطوني شديد، أن القوة المحركة التي تجمع الشرق الأوسط فيما مضى كان راديو صوت العرب الذي أطلقه الرئيس السابق جمال عبد الناصر. أما اليوم فقد أصبحت شبكة الجزيرة والشاعر التونسي أبو القاسم الشابي هما اللذين يحددان الاحتجاجات وآمالها.
وقد غطت الجزيرة الاحتجاجات في مصر دون توقف، كما غطت أحداث تونس، وحركت الاحتجاجات، وساعدها في ذلك فيسبوك وتويتر التي جمعت مناطق عديدة بلغة واحدة.
وأوقفت الحكومة المصرية خدمات الإنترنت يوم الجمعة الماضي في احتجاج على قوة تلك الأدوات، بينما لجأ الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى تكتيك قديم، مشتكيا إلى أمير قطر، البلد الذي تنطلق منه الجزيرة، قائلا إن القناة تساند الذين "يسعون إلى إشعال الفتنة".
احتجاجات شعبية
واستعرضت الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار ما يحدث في المنطقة من حركة احتجاجات شعبية، قائلة إن الشرق الأوسط يتابع ما يحدث في مصر بينما يردد المتظاهرون في اليمن شعارات رفعها التونسيون للإطاحة بالرئيس بن علي كتب كلماتها شاعر توفيفي العام 1934.
وأشارت إلى أنه منذ هجمات سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، أصبح الصراع بين الغرب والعالم العربي، حيث غذت الحروب في العراق ولبنان والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وسياسات إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش الشعور الطاغي بـ"هم ضدنا".
وفي الأسبوع الماضي وبينما انفجرت الاحتجاجات في اليمن والأردن ومصر وبينما بقيت الولايات المتحدة على الهامش، أصبح النضال في الشرق الأوسط تأكيدا للذات، ويتعلق بنا "نحن".
فلأول مرة في جيل كامل لم يعد الدين أو مغامرة قائد واحد أو الحروب مع إسرائيل هي القوة الدافعة.
توق للهوية
وفي مصر والشرق الأوسط أصبح هناك توق إلى الهوية العربية تتقاطع مع رغبة كامنة في تحسين نوعية الحياة، تجمع كلها المنطقة في بوتقة مستقبل مشترك.
وفي مقال نشر الجمعة الماضي، قال طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية "إن تجربة تونس تظل النبراس الذي يقود مصر، وقد تكون كذلك للشعب في اليمن والسودان وبقية العالم العربي الذي يتطلع إلى التغيير، مع الاستعداد لقبول المخاطرة، حيث إن أسوأ الاحتمالات هو أفضل من الوضع الراهن".
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إنه ربما لم تمر لحظة على الشرق الأوسط شعر فيها الناس بالتقارب، والحكومات بفقدان الشعبية، والتوافق بين الناس على الرغبة في التغيير، مثل اللحظة الحالية، رغم نجاح الحكومات في قمع بدائل الدكتاتوريات القائمة.
وقد جمع الشرق الأوسط المشكلات الاقتصادية التي تواجهها شعوبه، والشعور بالمرارة بسبب فقدان الهوية والاحترام، فمن السعودية إلى مصر وغيرها هناك شعور بالفشل والإحباط، كما تقول الصحيفة.
ونقلت عن الكاتب اللبناني فضل شلق الوزير السابق أنه بعد سنوات عديدة من الركود السياسي "فإننا أصبحنا بين خياري السيئ والأسوأ". ويضيف "الآن يحدث شيء في العالم العربي .. إنه يتم السماع لصوت واحد".
وعلقت الصحيفة على دور قناة الجزيرة في نقل صوت مشترك. لكنها نوهت ايضا بأهمية المواقع الاجتماعية ووصفت رسائل فيس بوك وتويتر قائلة إن بعضها اصبح أداة للإثارة والدعاية.
فعلى صفحات فيسبوك تعهدت مجموعة في القدس بمساندة مصر وتونس. وقالت "إن العالم العربي يتحرك إلى النور من الظلام .. من الدكتاتورية إلى الحرية".
التأثير على أميركا
وقالت نيويورك تايمز إن التغييرات قد يكون له انعكاسات عميقة على الولايات المتحدة.
ونقلت عن معين رباني المحلل الأردني إن الإحباط الاقتصادي عكس حالة الغضب التي يشعر بها الناس إزاء الحكومات التي تعتقد الشعوب بأنها عميلة للولايات المتحدة وعملائها.
وفي الواقع إن عالما عربيا أكثر ديمقراطية سيكون بالتالي أكثر عداء للسياسة الأميركية، حسب استطلاع حديث للرأي. لكن الانشغال حاليا هو انشغال داخلي.
كما نقلت عن عبد العزيز أبو حمد الوشيج الاقتصادي السعودي أنه لو استطاعت الدول العربية حل مشكلاتها الاقتصادية لتغاضي الناس عن الفساد وسوء الإدارة والدكتاتورية. لكن عندما فشلت الحكومات في حل مشكلة الخبز بدأت الشعوب في بحث وضع تلك الحكومات. وقد تكون هذه الفكرة قد شكلت الأساس لقضية جمعت الكل.
واختصر ليث شبيلات أحد أبرز زعماء المعارضة في الأردن شعور الكثيرين بالقول "إن الشعب يريد حريته، إنه يريد الخبز، إنه يريد وقف سلب هؤلاء الطغاة لبلدانهم"، مرددا كلمات أبو القاسم الشابي، التي كانت الشعار الذي رفعه المتظاهرون في تونس "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".
المصدر: نيويورك تايمز