وصف رئيس مجلس حقوق الإنسان الجلسة الخاصة حول ليبيا بـ "الطريقة الجيدة لكيفية رد المجلس على الحالات المتأزمة"، لكنه تجنب الخوض في أوضاع اليمن والبحرين وسوريا مكتفيا بالإشارة إلى أن المجلس "قلق ويتابع التطورات هناك عن كثب".
وقد اختتم المجلس دورته العادية السادسة عشرة التي امتدت من 28 فبراير إلى 25 مارس 2011، التي شهدت اعتماد حوالي 40 قرارا بالإضافة إلى تنظيم جلسة خاصة حول الأوضاع في ليبيا.
تقدم بخصوص ليبيا
وفي حوصلته لعمل المجلس أشار رئيسه الحالي السفير التايلاندي سيهاساك فوانغ كيتكيو بأن أشغاله تميزت بتأثيرات ما يقع في بلدان الشرق الأوسط من أحداث. ومن بين الإنجازات، عدد السفير "تنظيم جلسة خاصة حول الأوضاع في ليبيا والتي انعقدت يوم 25 فبراير أي قبل بداية أشغال المجلس"، واصفا ذلك بأنه "تعبير من المجلس عن قدرته على الرد على الحالات الطارئة التي تنتهك فيها حقوق الإنسان".
كما أوضح رئيس المجلس أن هذه الجلسة الخاصة حول ليبيا "أظهرت بأنه بإمكاننا إبداء توحد في وجهة النظر والعمل معا من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان".
ومن الخطوات العملية التي تمخضت عن هذه الجلسة الخاصة، إرسال لجنة تحقيق في الإنتهاكات التي ارتكبت في ليبيا. وبهذا الخصوص أوضح رئيس مجلس حقوق الإنسان بأن "الظروف الحالية لم تسمح بمباشرة عمل اللجنة الثلاثية التي تم تعيين أعضائها". وقد تم توجيه رسالة في هذا الشأن للسلطات الليبية في 14 مارس الحالي إلا أنه "لم يتم التوصل بأي رد لحد الآن".
صمت حول البحرين واليمن وسوريا
في هذا السياق، علمت swissinfo.ch أن سكرتارية المجلس كانت قد أُشعرت بنوايا لطلب عقد جلسة خاصة حول أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، لكن بدون التوصل بطلب رسمي في هذا الشأن. لكن هذه النوايا تم التراجع عنها بعد بداية التدخل العسكري في ليبيا من أجل فرض حظر جوي على قوات القذافي.
وخلال الندوة الصحفية التي عقدها بعد ظهر الجمعة 25 مارس، لم يرغب رئيس المجلس في الخوض في هذه التكهنات. وفي رده عن سؤال طرحته swissinfo.ch حول الأسباب التي حالت دون تطرق المجلس للأوضاع الطارئة في اليمن والبحرين وسوريا، اكتفى بالإشارة إلى أن "أوضاع ليبيا كانت خاصة، حيث شاهدنا تدهور الأوضاع، ورأينا تصريحات الزعيم الليبي ضد شعبه، بحيث استطاع المجلس التوصل إلى إجماع للتطرق لذلك. أما فيما يخص الأوضاع الأخرى فإننا نبدي كلنا قلقا من ذلك. ونتابع التطورات عن كثب".
وبلغته الدبلوماسية، أوضح رئيس مجلس حقوق الإنسان أن "ما هو مهم، هو بناء إجماع لأنها الطريقة التي يعمل بها مجلس حقوق الإنسان. وهذا ما توصلنا إليه في حالة ليبيا. إذن علينا مواصلة العمل بالنسبة للحالات الأخرى، وهناك حديث كثير داخل المجلس بخصوص هذه الحالات. ولكن الدور المهم هو الذي تقوم به دول المنطقة. وهذا ما تم بخصوص الكوت ديفوار حيث دعمت المجموعة الإفريقية عقد الجلسة الخاصة" للنظر في أوضاع هذا البلد.
إنجازات وقرارات
باستثناء هذه الحالات التي سبق ذكرها، يمكن القول أن المجلس حاول تعديل الكفة بإظهار أن له القدرة على التحرك، ولو أن ذلك لا يتم في كل الاتجاهات. وهذا ما حصل بإقصاء ليبيا من عضويته، وهي المرة الأولى مرة منذ قيام المجلس في عام 2005. وهذا ما وصفته السفيرة الأمريكية بـ "الخطوة التي تمثل منعطفا، وتظهر بأن المجلس قادر على مواجهة الحالات الطارئة أحسن من ذي قبل".
كما تم استحسان خطوة اعتماد مقرر خاص حول أوضاع حقوق الإنسان في إيران وذلك بأغلبية 22 صوتا مقابل 14 دولة امتنعت عن التصويت. وبذلك تعيد محافل حقوق الإنسان الأممية فرض رقابة على أوضاع حقوق الإنسان في إيران بعد إلغاء المقرر الخاص المعني بذلك في عام 2002.
ومن الخطوات الإيجابية لهذه الدورة، ذكر السفير التايلاندي سيهاساك فوانغ كيتكيو "قرار مناهضة عدم التسامح الديني، وتجديد مهام المقررين الخاصين المكلفين بالأوضاع في ميانمار وكوريا الشمالية والكونغو الديمقراطية".
ومن جهة أخرى، أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن اعتزامها تطوير التعاون مع السلطات التونسية والمصرية الجديدة لمساعدتها على بناء المؤسسات. وفي هذا الصدد سيتم فتح مكتب جديد لمفوضية حقوق الإنسان في العاصمة التونسية كما سيتم إرسال بعثة خبراء يوم الأحد 27 مارس الجاري إلى مصر.
وبخصوص الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة من قبل إسرائيل اعتمد المجلس ستة قرارات تراوحت ما بين أوضاع مرتفعات الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة مرورا بالمستوطنات وبتقرير متابعة مصير تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص الاعتداء على بواخر المساعدة الإنسانية للفلسطينيين او ما يعرف بـ "الفلوتيلا". وقد اعتمد المجلس هذا القرار الأخير بأغلبية 37 صوتا ضد صوت واحد للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الختام اعتمد مجلس حقوق الإنسان مشروع قرار حول مراجعة طريقة عمله وفقا لما نص عليه قرار تأسيس المجلس والذي يقضي بالقيام بمراجعة بعد خمسة أعوام من تأسيسه. وسيتحول التقرير الآن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة كي تعتمده رسميا بوصفها الهيئة المشرفة على أعمال مجلس حقوق الإنسان.
ومع أن حزمة التوصيات المرفوعة للجمعية العامة تم اعتمادها قبل اندلاع ثورات العالم العربي وما رفعته من مطالب نحو مزيد من الحرية والكرامة واحترام حقوق الإنسان، فإن السيد دانتي مارتيناللي، السفير السويسري لدى المقر الأوروبي لمنظمة الأمم المتحدة اعتبر أن "هذه المراجعة لم تعمل على إضعاف طريقة عمل المجلس"، وهو ما دفع برن إلى منح تأييدها لها والإنضمام إلى الإجماع الذي تحقق حولها.
محمد شريف - جنيف-