- بقلم : حسين زيد بن يحيى
Zid101010@yahoo.com
من البداية قلنا انها : (اكشاك) و (دكاكين) , دون تبصر ارتفعت اصوات الغوغاء : اخرجوا من البلاد .. , فماذا كانت النتيجة ؟! انهيار نظام صالح كشف الحجم الحقيقي لأنفار تلك المكونات, بما فوت فرصة انتظرناها لصالح القوى التقليدية التي بدأت تملئ الفراغ في المناطق التي بتعمد انسحبت السلطة منها.
مبكرا استوعب الجناح الاصولي لتحالف حرب وتكفير الجنوب صيف 94م تسارع خطى النظام نحو انهياره التاريخي , مثل (الفئران) قبل غرق السفينة قفزت مهرولة الى ساحات الاعتصامات الشبابية , الافتقار للخبرة السياسية بالإضافة لإيحاءات اخرى لم يستوعب فرسان الساحات اسباب ركض تلك القوى التقليدية اليها , مع اسباب عدة لعل ابرزها التركيب البنيوي للمجتمع الشمالي سهلت سطو المنشقين عن النظام من اقارب الرئيس وفاسديه على الثورة الشعبية , بعد ذلك افرغت من مضامينها الثورية بإسقاط جذري للنظام كمنظومة كاملة أسرة , قوى تقليدية , فاسدين وتكفيريين.
ما حدث لثورة الشباب بصنعاء , تعز والمدن اليمنية الاخرى , سبق ان تكرر ابان حركة فبراير 48م و انقلاب 26سبتمبر ايلول 62م , مما يعطي انطباع لكل لبيب ان هنالك قوى بالمشهد السياسي اليمني تعمل كمقبرة للثورات والهبات الشعبية المطالبة بالتجديد والتقدم الاجتماعي , ظاهرة تستحق التوقف امامها , مع ان النتيجة كانت معروفة سلفا , خاصة بعد ان سلمت عفوية جماهير ساحات الاعتصامات - بتأثير مسبق لأحزاب القبح المشترك - زمام قيادة الثورة للقوى الرجعية , بل ابعد من ذلك عندما ركنت على جلاديها بمسئولية حمايتها , فتنعم قطط وفئران النظام بطوق امان لفترة اخرى , واستمرا بتحويل (اليمن) لمكب زبالة يقتاتا عليه معا.
بينما من البداية كان يجب التنبه من استحالة صدقية التزام ذلك الجزء من السلطة بهدف اسقاط سقف النظام على راسه , للأسف, كل ما رأيناه من انشقاقات له معنى واحد هو ان النظام اجرا عملية تطهر , تخفف فيها من اثقال الاسرة , الفاسدين والقوى التقليدية, الخشية ان ينجحا ويمروا جميعا , التفافا على استحقاق المسائلة التي انتظرناه طويلا.
بعيدا عن هوس نظرية المؤامرة , (الخبرة) شركاء الحرب والتكفير سبق وان اعدا سيناريوهات مشابهه للذهاب نحو الفوضى الخلاقة , الملاذ الامن لهم هربا من العقاب , ممهدين لذلك منذ امد بعيد من خلال تلك الجماعات الاصولية التي تتسابق اليوم لمليء الفراغ الامني , ولان ما يعنينا الجنوب , باعتبارنا اخبر بشعابه , ساهمت موميات (الحراك) على تخشب هيئاته بتالي تخلف عن حركة الشارع , تزامن ذلك مع دور قذر لعبته (اللجنة التحضيرية للحوار ) دكان حميد الاحمر و (مجلس التضامن الوطني) دكان حسين الاحمر , تم خلاله افساد بعض كوادر الحراك بمالهم الحرام , كما ساهمت (حركة الاخوان المسلمين) بحكم خبرتها التأمرية على زرع الشكوك بين نشطائه, الذي حال دون قيام (تحالف القوى السياسية الجنوبية) كعنوان للثورة السلمية (الحراك) , يؤمل عليه بديل قادر على ملئ مثل هذا الفراغ الحاصل الان , يعمل كصمام امان يجنب الجنوب الذهاب نحو شبح المجهول المغلق لكل الأطراف الداخلية والخارجية.
ما يجري اليوم من حصر الإشكالية اليمنية بصراع (العليان) ما هو الا اعلان رسمي بوأد الثورة الشبابية شمالا , التي تفيدها سارقي الثورات من القوى التقليدية المشيخية والعسكرية, امر مؤسف لكنه ليس قضيتنا , ما يعنينا عدم تمكين الاخوين البلطجيين حميد و حسين الاحمر من ثورتنا السلمية الجنوبية , خاصة ان تداعيات نشوة رحيل الطاغية قد تعجل بتنفيذ مخطط سابقا ألمح اليه المقبور الشيخ عبدالله حسين الاحمر, بأحداث تغيير ديمغرافي من خلال موجات بشرية لتحقيق ازاحة سكانية تهدد بطمس الهوية الجنوبية.
تحدي بهذا المستوى يتطلب رص الصفوف والترفع عن الصغائر مع الشروع فورا ببناء الوعاء الذي يستوعب الجميع , القادر على ملئ الفراغ الحالي وبما يطرحه ممثلا لشرعية انتقالية تجيب على تساؤل الداخل والخارج : هل للجنوب عنوان ؟!.
خور مكسر عدن
27/3/2011م
*منسق ملتقى ابين للتصالح والتسامح والتضامن.