ملتقى جحاف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى جحاف: موقع ومنتدى إخباري سياسي اجتماعي ثقافي عام يختص بنشر الأخبار وقضايا السياسة والاجتماع والثقافة، يركز على قضايا الثورة السلمية الجنوبية والانتهكات التي تطال شعب الجنوب من قبل الاحتلال اليمني
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر|

محمد حسنين هيكل يكشف عن معلومات سرية حول مقتل بن لادن .

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
رائد الجحافي
رائد الجحافي
مؤسس الملتقى
اس ام اس لا إلـــه إلا الله محمد رسول الله

عدد المساهمات : 2797

تاريخ التسجيل : 30/06/2008

العمر : 45

الموقع : الجنوب العربي - عدن

محمد حسنين هيكل يكشف عن معلومات سرية حول مقتل بن لادن . Empty
مُساهمةموضوع: محمد حسنين هيكل يكشف عن معلومات سرية حول مقتل بن لادن . محمد حسنين هيكل يكشف عن معلومات سرية حول مقتل بن لادن . Emptyالأحد 15 مايو - 8:22

بن لادن كان على حافة الموت واأمريكا كانت تراقبة وتعلم أن موته كان قريب.
-الأهرام المصرية
حاوره: لبيب السباعي
الأستاذ يعيش على الخبر. وراءه يذهب باحثا ومنه ينطلق محللا ومفسرا وراصدا، وإليه يعود قارئا لما بين السطور.
(وفى الحديث الأول من أول حوار له - بعد فراق - مع الأهرام يحدد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لأول مرة قائمة الاتهامات السياسية التى يجب أن يخضع الرئيس السابق مبارك للمحاكمة بسببها وكلها تخرج عن نطاق النيابة العامة. ويكشف عن أسرار مثيرة حول عملية اغتيال أسامة بن لادن التى عرف الكثير من تفاصيلها وأسرارها، وكان موجودا وقتها فى عواصم أوروبية مختلفة. ويحلل الوضع الراهن للثورة المصرية ويوضح ما أثارته أحاديثه التليفزيونية حولها من جدل فيما يخص بؤرة شرم الشيخ ومحدودية دور مبارك فى حرب أكتوبر.

- غاب الأستاذ عن صفحات الأهرام فهل كانت لديك ملاحظات علي أداء «الأهرام» قبل انهيار النظام وأثناء الثورة. كيف كنت تراه ؟!
- أظن أنكم توافقون معى على أنه من الضرورى قبل أن أتحدث عن أى شأن عام مع «الأهرام» بعد فراق، ولاحظوا أننى لم أقل «قطيعة»، بضع عشرات من السنين، أن أقول وبجد بأن «الأهرام» كان طوال الوقت بيتى، وكل من فيه أهلى وكنت دائما أشعر بالألفة مع كل شىء فيه من البشر إلى الحجر ومن الورق إلى الماكينات وحتى تلك الأجيال التى لم يسعدنى الحظ بأن أتعرف إليها أو أعمل معها.


ملاحظة أخرى لابد أن تجيء فى أول الكلام، وهى أن صلتى بالصحافة المصرية كلها الآن فى إطار الرؤي والتجربة ليس أكثر، فأنا رجل يحاول أن يعرف حدوده وأن يلزمها، فلكل عصر رجاله، ولكل زمن ناسه الأجدر بملاحقة أحداثه، وعرض أفكاره، وليس من اللائق أن يتلكأ أحد على العصر والزمن، مهما بلغ حسن ظن الناس فيه وتعاطفهم معه، وربما تتذكر يوم أن تركت الأهرام - 4 فبراير 1974 - أننى قررت إنزال الستاره بيني وبين الحنين إلى الماضى لأنه قد يؤثر بالعاطفة على الموقف، ورداً على السؤال أقول : أنا عندى ضعف تجاه «الأهرام» فى كل ظروفه وأحواله، ودائماً كنت موضع اتهام بأن هذا «غرام اساسى فى حياتى»، وعندما تقول لى «ماذا تغير فى الأهرام بعد يناير عن قبله؟!، أقول لك : الأهرام سيبقى هو الأهرام ولكننى أتمنى فى يوم من الأيام أن يستعيد روحه، وهذا سوف يحدث عندما يستعيد مهمته الاساسية، فهو جزء من التاريخ المصرى. واستمراره رهن بأداء مهمته، وأداء مهمته رهن باستقلاله، واستقلاله يتمثل فى أداء صحيفة تسير وراء الاخبار الصحيحة وتسبق بها، فهى صحيفة إخبارية بالدرجة الأولى، ثم تحلل هذه الأخبار بعمق وفهم وأمانة، ويجيء التعليق والرأى منسوباً لأصحابه ومعزولاً عن الخبر فى مكانه، والصحافة المصرية عموماً فيها ظاهرة غريبة وهى كثرة أعمدة الرأى. وكثير منها لا يستند إلى قاعدة إخبارية، وأنا لا أؤمن بتعليق أو رأى خارج قاعدة الخبر. وأقصد هنا أن كل من يريد أن يعلق فى مقال لابد أن يكون مستنداً على خبر هو نفسه الذى حصل عليه أو اكتشف تفاصيله ، أويطرح رؤية جديدة جدية عنه، أما الموضوعات الانشائية والنميمة فهذه لا تصلح لصحافة جادة .

- عدت مؤخرا من رحلة خارجية سريعة، ببساطة. كيف يرانا العالم الآن؟! كيف يفسرون الثورة المصرية؟ وما الإيجابيات والسلبيات من وجهة نظرهم؟!
- ليلة 27 إبريل الماضى كنت ضيفاً على عشاء دعا إليه اللورد ديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق ، وزوجته الليدى «ديبى» فى قاعة الطعام الرئيسية فى مجلس اللوردات في ويستمينستر، وتصادف هذا التوقيت مع الزفاف الملكي وكانت هناك شخصيات عالمية كثيرة موجودة على أطراف هذا الاحتفال، وكانت الأسئلة تنطلق نحوى بسرعة مدفع رشاش ولاحظت وجود حالة من الانبهار بالثورة المصرية، وكل الناس تتكلم على علم اسمه ميدان التحرير وأجواء أسطورية محيطة به، وهناك إعجاب بشعب تصوروا أنه «لا أمل فيه» فإذا به يأخذ خطوات بديعة بكل المقاييس، أيضاً كانت هناك رغبة فى اعتبار ما جرى جزءا من ظاهرة تم تعميمها وأنا اعترضت على ذلك، واهتمام واضح بتطورات الأمور وما يجرى. ثم حالة قلق من «الوقوف فى المكان» وكان هذا واضحاً عند الجميع، كانت هناك أسئلة كثيرة عن الشباب والمجلس العسكرى والمشير طنطاوى وخطط المستقبل وتكلمت طويلا لكن فى كل ما قلته كنت واضحاً فى أننى لا أعبر سوى عن رأيي الشخصى وتصورات لمراقب مهتم من بعيد.


- أستاذ هيكل. وأنت لاعب قديم لرياضة الجولف ومتابع لها، هل ترى أن العالم العربى فجأة ملعب جولف كبير. يمتلىء بالحفر. وتحولت الشعوب إلى لاعبين يحاول كل منهم أن يصيب الهدف. لتستقر كرة الثورة داخل حفرة السلطة، ففى تونس مثلا نجح الشعب فى أن يسجل (بيردى) فادخل كرة الثورة فى الحفرة من مسافة بعيدة، ومن ضربة واحدة. وهو يقترب كثيرا - من حيث النتيجة - مما حدث فى مصر. بينما اختلفت الأمور كثيرا فى اليمن وفى ليبيا وأيضا فى سوريا. لكن قبل أن نبدأ فى قراءة هذه المباراة أو تحليل ما جرى أسأل حضرتك : كيف رأيت ما حدث فى مصر؟!
- لا أعرف إذا كان كل القراء يتابعون نموذج «لعبة الجولف» الذى استعملته فى سؤالك، ويبدو لي أنك تعرفها من استعمالك لمفرداتها مثل «الضربة» و«الحفرة» و«الكوز» الذي تنزل فيه كرة الجولف وتحقق الفوز، دعنى أقل بصراحة أن ما جرى في «تونس» و«مصر» لم يكن ضربة «بيردي» لسبب مهم. وهو أن ثورة مصر وتونس لم تدخل في الهدف بضربة واحدة، بلغة الجولف النصر يصبح «إيجل»إذا دخلت الكرة للهدف بضربة واحدة وبعده «البيردى» حين يقل عدد الضربات واحدة عن الحد المقرر، وبلغة الجولف أيضا فإن الثورة وصلت بنا إلى مشارف الهدف «الإبروش»، سواء كنا على الحشيش الأخضر أو في خندق الرمل على حرف الهدف، وأمامنا ضربة، أو ربما أكثر، لكى تنزل الكرة في «الكوز» وتسجل الفوز الحاسم للثورة، نحن فعلا على «الإبروش» أي «المشارف»، وذلك صنعته حالة الثورة، لكن الكرة تنزل في «الكوز» ويتحقق الفوز عندما تتحقق أهداف الثورة، ولابد أن نفرق هنا بين حالة الثورة، وبين بلوغ هدف الثورة لاكتمال الفوز وتتويجه، بشكل أوضح هناك فارق بين النجاح والفوز. فالأول هو فى الأداء وعملية أن يصبح الهدف فى متناول يدك، أما الفوز بمعنى النصر فهو تحقيق الهدف فعلا ومؤكدا، وأنا أعتقد أنه فى حالة الثورة المصرية فإنها نجحت والكرة وصلت إلى مشارف الهدف بالفعل لكنها لم تصل بعد لمرحلة النصر والتى تعنى تحقيق الهدف. هى وصلت إلى مشارفها، أنت فتحت الأبواب للمستقبل. لكن السؤال الآن هو: من يملك جسارة الدخول من هذه الأبواب المفتوحة؟! فأنت بالفعل كنت فى الطريق إليها ووصلت إلى قربها لكن التحدى الأكبر فى إحراز النصر نهائيا وكاملا، حتى هذه اللحظة بلغت درجة النجاح ووصلت إلى مشارف الفوز وبقى عليك تحقيق الضربات الحاسمة لتحقيق الهدف.

- وما الذى ينقصنا لنصل إلى حالة الفوز ؟!

- أشياء كثيرة تنقصنا. هذا المجتمع لم يتغير بعد ، صحيح أنه أزاح كل العقبات وفتح كل الأبواب، واستطاع بشبابه وملايينه أن يصل إلى قريب جدا من هدفه. لكن بقيت جسارة القدرة التى تتعلق بما كان مختلاً من الأوضاع واستدعاك للقيام والنهوض والثورة، لابد أن يتحقق تغييره على الأرض، بمعنى أوضح. الوصول إلى تحقيق هدف الحرية والديمقراطية وكفاءة الأداء وعدالة التوزيع وسيادة القانون، أى أن تجدد حياتك فى كل شيء، وتتسق مع تاريخك وعصرك وزمانك وتحدد أهدافك ومستقبلك وتقرر الوسائل الضرورية لها وتحشد من القوى المعنوية والمادية لتحقيقها، بمعنى أن الثورة ليست خروج الشباب وجماهير بالمليون فهذه هى الافتتاحية العظيمة للثورة، وأما هدفها فهو تغيير الواقع على الأرض اجتماعيا واقتصاديا وفكريا بالدرجة الأولى، وهذه عملية لاتزال تجري في مناخ الثورة، ووهجها، وقوة اندفاعها، نحن فعلا في حالة ثورية، وهذا شيء رائع، لكن الكرة لم تنزل بعد في «الكوز»، لكى تُرفع الأعلام، وتُدق الأجراس، وهذا هو التحدي الكبير أمامنا في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ .


- لكن كثيرين يعتقدون أن الحالة الثورية كفيلة بالضرورة وبمقتضى الأحوال أن تؤدى لتحقيق الهدف ما دامت مستمرة بحد أدنى من الاتجاه الصحيح ؟!
- عند مشارف الهدف وإزاءه، فإننا لابد أن نفرق بين ثلاث علامات: حالة الثورة والتى تمر بمرحلة قلق، ونقصد هنا رفض وإسقاط ما كان بالفعل فى وقت الرئيس السابق مبارك، نضج الجماهير والشباب ووعيهم بأن ما هو واقع لا يمكن أن يستمر. هذه هى حالة الثورة، ثم نصل إلى فعل الثورة وهو خروج الجماهير المذهل وطلب التغيير أى الحدث الذى تحقق فى ميدان التحرير وبقية أنحاء مصر من جانب الشباب معززين بكتل الملايين، وهذا أيضاً نجحنا فيه، وعندما فتحت الأبواب أصبح كل شيء أمامك متاحاً لتتحقق العلامة الثالثة وهى الدخول لتحقيق هدف الثورة وهو التغيير الشامل فى كل شيء، وهنا الفوز. وهو ما يتحقق عندما تجد الثورة فى نفسها جسارة دخول أبواب المستقبل وتعيد صياغته من جديد.


- الشأن المصرى ربما يحتاج إلى مباراة من ألف شوط حتى نستطيع ان نرى الواقع ونتخيل ملامح الغد. اسمح لنا ان نطل من نافذتك على ما يجرى الآن فى نقاط محددة. بم تصف السقوط المروع للنظام الذى كنا نظنه مرعبا؟
- ببساطة. النظام ارتكب الخطأ التقليدى لكل من اعتمد على العنف، عندما تجد البوليس وصل تعداده إلى مليون و240 ألف فرد ووفرت له كل الوسائل التكنولوجية وكانت النتيجة ما رأيت أن القوة المفرطة أصابت النظام السابق بوهم كبير جداً فى تأثير قوته على الأرض، والقوة فى كثير من الأحيان يدعوها احساسها بنفسها إلى الاعتماد على تأثيرها أكثر من اللازم، تتواكل وتتكاسل، والناس أيضاً يكون شعورها تجاه هذه القوة مبالغاً فيه، وارجع إلى قصة جابرييل جارسيا ماركيز «خريف البطريرك» ولكي نعرف قيمة ما حدث فى تونس، فقد كان الهيلمان موجوداً وطاغيا والكل يخشاه. لكن الناس كسرت حاجز الخوف، كان النظام هناك يشبه النظام المصرى، لكنه كان «نموذجاً معملياً» على نطاق أضيق. ناس تقدمت وأزاحوا الوحش المغرور بسلطانه. فتهاوى بسهولة، تماماً مثل البطريرك فى قصة ماركيز.


- هل مازلت عند رأيك فيما يتعلق ببؤرة شرم الشيخ. وهل تحركت هذه البؤرة لتدير ثورتها المضادة من أماكن أخرى وبأشخاص آخرين. ومن هم؟
- لم أستعمل كلمة «بؤرة» هذه، فقد عدت لما قلته خلال لقاء تلفزيوني، ووجدت أنني استعملت كلمة «موقع» فى الإشارة إلى شرم الشيخ 4 مرات، واستعملت كلمة «مركز» مرتين، بينما كلمة «بؤرة» استخدمتها مرة واحدة، وأنا لم أقصد أنها بؤرة قذرة أو أى شيء من هذا القبيل. لكنه وصف جغرافى أو طبوغرافى لشكل موقع.


- وقتها فهمت كلمة «بؤرة» على أنها تشير لشيء آخر. وهى كما قلت تتناول اتصالات تتم بينه وبين كبار المسئولين عن الحكومة وقتها، هل تعتقد أن هذا الوصف كان يشير لضغوط ما كان يفرضها الرئيس السابق قبل البدء فى محاكمته؟!
- مجرد وجوده فى شرم الشيخ فى تلك الظروف كان مدعاة لظنون كثيرة، وليس هناك شك ـ مما ظهر فيما بعد ـ أنه كان هناك ظل فى هذا الوجود واصل إلى القاهرة، وأريد أن أقول لك مباشرة إننى لا أعتقد أن مبارك مسئول وحده عما وصل إليه حاله، وأحيانا يبدو لى أن شعوب الشرق تفوقت فى صنع الطغاة، وربما أنك لا تحب الشعر ولكنى من جانبى أحبه وأريد تذكيرك ببيتين من قصيدة لشوقى قال فيهما بالضبط عن هذا الموضوع:

هم أطلقوا يده كقيصر فيهمو

حتى استهان بكل غير مباح

إن الغرور سقى الرئيس براحه

ماذا احتيالك فى صريع الراح

والغريب أن شوقى كان يتحدث عن كمال أتاتورك فكيف لو كان أتيح له أن يرى قياصرة الأزمنة العربية المعاصرة ؟ وأنا أعرف أن هناك حيرة فيما يتعلق بالتصرف مع الرئيس السابق ودعنى أقل لك مباشرة إننى لا أعرف فى تاريخ الأمم التى ثارت على حكامها، وأسقطت نظمهم بلدا تعامل مع حاكمه كما فعلنا فى مصر مع الرئيس السابق «حسنى مبارك».

ففى كل سوابق التاريخ كان هناك قرار واضح وتصرف لا يحتمل اللبس، وربما أن بعض الظروف ساعدت على هذا اللبس عندنا، والآن فإن مراجعة سريعة يجب أن تجرى، بمنطق يضع الأمور فى نصابها.

فى كل سوابق التاريخ جرت ثلاثة أنواع من التصرف مع الحاكم السابق:

فى حالة ملوك أكبر أسر أوروبا، وحين قامت الثورات، حوكم الملوك فى إطار سياسى، وحُكم عليهم جميعا، ونُفذ الحكم فورا: «شارل الأول» (ملك إنجلترا) حوكم أمام برلمان «كرمويل» وهو جالس على كرسى بجوار منصة رئاسة البرلمان، وحُكم عليه، وخرج من «وستمنستر» إلى منصة الجلاد الذى قطع رأسه بالبلطة، و«لويس السادس عشر» بعد الثورة الفرنسية حوكم أمام الجمعية الوطنية، وحُكم عليه، وخرج من المجلس إلى ميدان «الكونكورد» ووقتها كان اسمه «ميدان الثورة»، وهوت المقصلة مع رقبته، و«نيكولاس الثانى» فى روسيا حُوكم أمام مجلس ثورة عسكرى، وأقصى بعيدا، ثم نُفذ فيه حكم الإعدام، وأخفى رفاته.

وهؤلاء هم ملوك من أسر أوروبا: أسرة «ستيوارت» وأسرة «البوربون» وأسرة «رومانوف».

هناك حالات جرى فيها الإعدام أو السجن الداخلى كقرار ثورى.

وهناك بلدان آثرت أن لا تعدم ولا تحاكم، وأن تكتفى بالنفى إلى خارج البلاد. ومن ذلك ما حدث فى بعض ملكيات جنوب أوروبا فى اليونان، وإيطاليا، وأسبانيا، أيام «ألفونسو الثالث عشر»، بل وحدث كذلك فى مصر مع الملك «فاروق».

لكننا فى مصر وبعد ثورة 25 يناير تصرفنا على نحو لا هو تاريخى، ولا هو سياسى، ثوريا كان أو غير ثورى.


- وكيف ترى ما حدث فى حالة مصر وما تفسيره؟
- فى البداية قصد الرئيس السابق إلى «شرم الشيخ» حيث كان يعيش من قبل، فى نفس مقر حضور سلطته، فى نفس البيت، فى نفس الموقع، بنفس المراسم، وحين تبين أن الرجل هناك يتحرك ويتصل ويخرج، ويلقى بظله على ما يجرى فى القاهرة، لم يلتفت أحد. ثم قيل إن الرجل يسافر إلى «تبوك» ويعود إلى «شرم الشيخ»، قيل سافر، وقيل لم يسافر، وطال الجدل والقلق أحيانا، ثم وقع الحسم بأنه تحت الإقامة الجبرية.



وفجأة إذا بالرجل يوجه بيانا بصوته إلى الأمة، وهو لم يوقع ورقة رسمية تفيد تنازله عن الرئاسة، وجرى تشديد القيود عليه، وقبض على ابنيه، وزاد مرضه، وأدخل إلى المستشفى حيث تحقق النيابة - كما نسمع - معه.

يضيف الأستاذ هيكل أن التهم الموجهة إلى الرجل والتى استدعت الثورة عليه وعلى نظامه لم تكن فى أخطرها، مما يمكن أن تحقق فيه النيابة، كما لو كان عملية سرقة أو اختلاس أو جريمة نصب أو قتل فالجزء الأهم فيه سياسى.
العدوان على روح النظام الجمهورى، والبقاء فى الرئاسة ثلاثين سنة، وتعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة.

التصرف فى موارد البلد وثرواته، كما لو كانت ملكا شخصيا.

الإهمال الجسيم فى قضايا لا تحتمل الإهمال، مثل قضية «مياه النيل» و«الفتنة الطائفية».

التعاون مع إسرائيل بما جعل أحد كبار وزرائها من أصدقائه يصفه بأنه كنز استراتيجى لها.

الأمر بتزييف إرادة الشعب فى انتخابات بعد انتخابات، واستفتاءات بعد استفتاءات، مع استمرار الادعاء بالديمقراطية.

انتهاك حقوق الإنسان إلى درجة أن البلد أصبح باتفاقيات أمنية خاصة مع الولايات المتحدة مركز تعذيب لحسابها ضد من لا تسمح القوانين الأمريكية بسؤالهم، تحت نفس الظروف على أراضيها.

التواطؤ فى أعمال سرية لتحقيق غايات سياسية ومالية غير مشروعة، تضر بسمعة مصر وأمنها القومى، ومكانتها وسط أمتها.

ذلك كله وغيره ليس مما تقدر عليه النيابة بقوانين سارية، فقد وُضعت كلها أو رُسمت فى عهده وتحت سلطته، ومقصدها أن تحقق ما يريده، وتلك كلها تهم سياسية، وليست تهم قانون، والتصرف حيالها لابد أن يكون سياسيا.

- محاكمة شعبية ثورية.

- حكم بغير انتظار، دون حاجة إلى انتقام المشانق أو المقاصل، وإنما مكان آخر يُعالج فيه أو يعيش فيه، أو خروج بشروط مقبولة أولها إستعادة الأموال

ولابد أن أعترف أننى لا أتصور أن تكون محاكمة «مبارك» على أساس هل كان سعر بيع الغاز لإسرائيل بالسعر العالمى أو أقل؟!

فقد حدث فعلا أن أحد كبار المحامين المحترمين قدم شكوى فى هذا الموضوع، وجرى حفظه فى أيام سابقة!

ولا أتصور محاكمة على موضوع التصرف فى الأراضى، إذا كان تصرفه فيها قد جرى وفق قانون، حتى وإن جرى تمريره بسرعة البرق فى وعاء سلق القوانين بعد سلخ روح القوانين.

ولدى الكثيرين شعور قد لا يستطيع البعض تفسيره بسهولة من أن الرجل يحاسب على غير الأساس الذى يجب أن يُحاسب عليه، ويكون التعويض التلقائى عن ذلك بإساءة التصرف معه، والحديث إليه بفظاظة، ثم ينقل لنا أنه أغمى عليه فى أثناء التحقيق معه، وأنه كرر القول أن «الله كبير».

فى بعض اللحظات، وأنا رجل عرفت وتابعت وعارضت سياساته فى وقتها، لم أتمالك نفسى من التعاطف مع «مبارك كإنسان» وكأب، وكزوج.

والثورة التى أسقطت نظام «مبارك» لم تجر ضد إنسان، وإنما جرت ضد سياسى جرى فى عهده كل ما جرى، وكلها تصرفات سياسية، وكلها ليست مما يُعالج بالإجراءات واللوائح ونصوص البند كذا، من الفقرة كذا، من القانون رقم كذا، لسنة كذا.

ما حدث كله يستوجب الحساب بسلطة السياسة، والحساب عنه لا يمكن أن يكون غير ذلك، أى بسلطة الشعب الذى قام بالثورة، وبمنطق التاريخ الذى عرفه العالم كله، خصوصا تاريخ الثورات، وحتى بمنطق السياسة فى التاريخ الإنسانى بطوله.

- "وهناك ثلاث طرق وليس أربع":

- إما عقاب مباشر ( فات وقته فيما أظن )

- أو محاكمة شعبية مفتوحة «وإن كان ظنى أن ذلك ليس وقتها»، بإعتبار أن البلد ليست فى حاجة إلى شاغل آخر عن المستقبل، وكذلك فإنه من الممكن تأجيل مثل تلك المحاكمة، وإحالتها إلى عهدة البرلمان القادم.

- وإما خروج بشروط

- دائماً كنت تتكلم بتقدير عن مقام الرئاسة. حتى وأنت تنتقد سياسات مبارك، فهل أضاع الرئيس السابق هيبة مقام الرئاسة؟!

- عندما تختار شخصاً لهذا المنصب. فالاختيار هو لرئيس فى مقام الرئاسة، وهنا إما أن يتصرف الرئيس خطأ فتعزله، إما بحق الثورة أو بحق القانون، فالخلل ليس فى مقام الرئاسة هو دائماً محفوظ أو كذلك ينبغى والمخطئ يسئ إلى نفسه، وينبغى أن يعاقب المخطىء وفقاً لقاعدة وقانون يراعى الأمور التى تحدثنا فيها بالفعل.



- بمناسبة الحديث عن مبارك. لماذا اخترت هذا التوقيت تحديداً لتفجر قنبلة «محدودية» دور مبارك خلال حرب أكتوبر؟!
- أن يخطئ الناس فهذا مُحتمل، لأن تقدير المواقف وحسابها إنسانى، تؤكده النتائج أو تنفيه، وأما الكذب فهو تعمد مقصود يخفي شيئا وراءه يُراد حجبه، وهذه درجة من درجات التعمد تختلف عن الخطأ، وبالقياس على حرب أكتوبر، فإنني - وقد كنت شاهدا قريبا مشاركا في العمل السياسي الذي مهَّد لها ورافقها - فإن وقوع الثغرة كان خطأ في التقدير شديد الإزعاج، لكن حقيقته ظهرت. لكن الحديث عن «الضربة الجوية» وتصويرها على النحو الذي صُوِّرت به كان كذبا صريحا له قصد مقصود، وهو تأسيس شرعية نظام بأكمله على واقعة واحدة، خرجت بها تماما عن إطارها الصحيح.

دعونا نتفق أولا على الحقائق الأولية في هذه القضية التي أعتقد أنه لابد من طرحها بأكبر قدر ممكن من الموضوعية، وسوف أعرض ليس رأيي ولكن رؤيتي، لأنني ببساطة أستطيع أن أقول إننى كنت هناك - على الأقل شاهداً ومتابعاً؟

- أولا: أن الأداء العسكرى للقوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر كان من أول يوم إلى آخر يوم أداءً مشرفا بأي معيار، ولقد كان هناك دور متميز في التخطيط والإعداد لابد من الاعتراف به لعدد من الضباط الكبار: الفريق «محمد فوزي» منذ بدأت العودة إلى الميدان بعد كارثة 1967، وكذلك لـ «عبدالمنعم رياض» وهو راسم الخط العريض لعملية «جرانيت» (1) التي نُفذت في 6 أكتوبر 1973، وإن أطلق عليها اسم مختلف، وقد كان في العمليات دور متميز لكافة الأسلحة، خصوصا «الدفاع الجوي» والمهندسين على جسور العبور، والمدفعية، ثم إن بقية الأسلحة جميعا قامت بأدوارها بكفاءة، بما فيها بالطبع سلاح «الطيران» وقائده في ذلك الوقت «حسني مبارك».

- ثانيا: إن الخطة الأصلية للعمليات تضمنت ضربة للطيران تقوم بها مجموعة سرب أو سرب ونصف، أي ما بين 12 إلى 18 طائرة.

والسبب واضح، وهو أن مدى الطيران المصري وقتها لم يكن يسمح بعمل مؤثر خارج جزيرة سيناء، أي أن أى عمل جوى ضد إسرائيل في تلك المرحلة كان حتما أن يقتصر على قوات العدو في خط «بارليف»، ومنطقة المضايق وراءه، إلى جانب هدفين اثنين مؤثرين أحدهما مركز اتصالات «أم خشيب»، والثاني مطار «المليز»، والملخص أن هذه أهداف يكفيها من ناحية المدى، أو من ناحية القيمة، عدد الطائرات المخصص لها في الخطة الأصلية.

وهذا وضع يختلف كثيرا عن ضربة إسرائيل سنة 1967، فقد طالت قواتها كل الجمهورية، ووصل مداها غربا وشرقا وجنوبا، بحيث وصل إلى غالبية مواقع تمركز السلاح الجوي المصري، وهو هدف الضربة الجوية الإسرائيلية في ذلك الوقت، وليس هناك من يستطيع أن يقول أو يدعى، إن مدى العمل الجوي المصري سنة 1973 تجاوز حدود سيناء، رغم أن سلاح الجو المصري دخل فوق إسرائيل قبل معركة يونية 1967، وقام بالفعل باستطلاع داخل إسرائيل، واستطاع أن يحلق بيقين فوق مفاعل «ديمونة» في النقب، لكنه في سنة 1973 كانت الأوضاع على الأرض مختلفة.

- ثالثا: أن خروج قرابة 140 طائرة بعد يوم 6 أكتوبر 1973 بدلا من 12 أو 18 كما كان مقدرا في الخطة الأصلية - كان فكرة طرحها الرئيس «السادات» كمظاهرة بقصد التأثير النفسي، وقد احتدم حولها نقاش طويل مع معظم قادة حرب أكتوبر، وضمنهم المشير «أحمد إسماعيل علي» القائد العام للقوات المصرية في تلك الحرب، وقد شرحت فيما قلته من قبل في الحديث التليفزيوني الذي أثرت فيه هذا الموضوع أنني حضرت مناقشة حول هذا الموضوع بين الرجلين في استراحة «برج العرب» قبل الحرب بشهر ونصف الشهر، وكانت هناك أيضا السيدة «چيهان السادات» قرينة الرئيس «السادات» ، كان ملخص رأي «أحمد إسماعيل» كما عرض:

- أن الأهداف الحقيقية الموجودة أمام القوات لا تقتضي كل هذا الخروج الجوي الواسع.

- أن الاستعداد في مطارات الجمهورية المختلفة لهذا الخروج الواسع سوف يتم رصده من جانب إسرائيل، لأن الاستعداد له لابد أن يبدأ قبلها بأربع وعشرين ساعة على أقل تقدير، وهنا قد تتحرك إسرائيل بضربة استباقية.

أن الأوضاع على الجبهة مع تحركات المناورة «تحرير رقم 23»، وقد رصدتها إسرائيل، يمكن أن تتحول إلى فعل مباشر ومفاجئ، في ظرف ساعات محدودة، وهنا تتوافر لقواته عنصر المفاجأة الكاملة، خصوصا وأن حشد المدافع على الجبهة، وقد وصل إلى ثلاثة آلاف مدفع يمكن أن تبدأ المفاجأة بقصف مركز لمدة ربع ساعة، تفتح الثغرات في خط «بارليف» ووراءه.



- "وكان رأى الرئيس «السادات»":

- أنه يريد أن يرد معنويا على ضربة إسرائيل سنة 1967.

- ثم إنه يريد أن يسترد الطيارون ثقتهم في أنفسهم بأن تكون بداية الحرب منهم.

- ثم إنه يتصور أن انطلاق موجة هجوم جوي على هذا النحو الكثيف سوف يشجع القوات المحتشدة والجاهزة للعبور على الضفة الغربية للقناة.

وكانت السيدة «چيهان» - ولها أن تؤيد ما أقول أو تمتنع عن الشهادة، فهذا حقها - وأنا نتابع الحوار بين الرجلين، وفيما يتعلق بي شخصيا، فقد تفهمت بالعقل وجهة نظر «أحمد إسماعيل»، وفي نفس الوقت فقد تفهمت بالقلب وجهة نظر «أنور السادات». وتقررت الضربة حسب وجهة نظر «أنور السادات»، لكنه طرأ بعد ذلك شيء لا يحق لأحد أن ينساه أو يتناساه، وذلك هو أن إسرائيل عرفت بخبر الحرب قبلها بأكثر من ست وثلاثين ساعة.

- "الجاسوس الذى أبلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر"

- هل هذا كلام مؤكد أن إسرائيل دخلت الحرب وهى تعرف موعدها؟

- يقيناً . فقد أبلغها جاسوس كان يعمل لحسابها (ولا أتَّهم الآن أحدا بالذات في هذا الموضوع)، لكن الذي حدث فعلا، وما تقول به كل الوثائق السرية والتحقيقات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية جميعا - أن إسرائيل أبلغت قبل المعارك بست وثلاثين ساعة، بأن يوم الحرب هو 6 أكتوبر، وأنها عملية مشتركة على جبهتين بين مصر وسوريا فى نفس التوقيت، وأنها في الساعة السادسة مساءً - مع آخر ضوء - وكان ذلك صحيحا بالفعل حتى يوم الأربعاء 3 أكتوبر 1973، ولكن تغير الموعد من السادسة إلى الثانية بعد الظهر بناءً على اتفاق توصَّل له الفريق «أحمد إسماعيل» في «دمشق»، لحل خلاف بين القيادة في الجيشين على ساعة بدء الهجوم.



كان طلب القيادة المصرية أن يبدأ الهجوم مع آخر ضوء (في المساء) لتستعين قوات المهندسين بالظلام في بناء الجسور، بعيدا عن دقة تصويب الطيران الإسرائيلي، وكان رأي السوريين أن يكون الهجوم بعد أول ضوء (مع الصباح)، لكي تستفيد المدرعات الزاحفة على مرتفعات «الجولان» من ضوء الشمس، وبحيث يكون هذا الضوء أمام القوات الإسرائيلية، كما أن ذلك يجعل القوات تكسب نهارا كاملا.


وتقدم الرئيس «حافظ الأسد» باقتراح وسط هو الساعة الثانية باكرا بعد الظهر، ليعطي للقوات السورية فسحة من شمس النهار، ويعطي للقوات المصرية غطاء الليل الذي تريده في أسرع فرصة بعد قصف «المدفعية»، وقد فكرت إسرائيل بعد أن علمت بالسر: موعد الهجوم - وأنه على جبهتين - وأن البداية بالطيران - في ضربة إجهاضية، لكنها غيرت رأيها، فقد قدرت - تؤيدها نصيحة أمريكية - أنها تستطيع تحمل ضربة أولى ثم ترد عليها، بدلا من أن تبدأ هي بالهجوم، وتفقد موقفها السياسي كله، لأنه سوف يبدو للعالم كله عدوان حرب بعد عدوان احتلال.


ومن الطبيعي - لأي عقل - أن إسرائيل وقد اختارت أن تترك الضربة الأولى للقوات المصرية، سارعت إلى تقليل خسائرها بإجراءات وقائية، أولها سحب سرب الطائرات الذي كان يتمركز في مطار «المليز» المستهدف مصريا، وكذلك إخلاء مركز اتصالات «أم خشيب» من أى معدات لها قيمة فيه، إلى جانب لجوء لواء المدرعات الذي كان يرابط في المضايق وراء خط «بارليف» إلى مواقع دفاعية ملائمة، وهنا فإن قيام قوات الصاعقة المصرية بقيادة الشهيد «إبراهيم الرفاعي» بتخريب مواسير «النابالم» التي كان مقررا في الخطة الإسرائيلية - فتحها إلى قناة السويس لتحويلها إلى جدار من النار - كانت حاسمة في تأمين العبور حتى بعد أن عرفت إسرائيل بسر الهجوم، وكذلك وقعت مفاجأة اقتحام تحصينات خط «بارليف»، وكانت شديدة التنظيم والكفاءة، ومعنى ذلك في النهاية، وبالنسبة لـ «الضربة الجوية» الأولى، فإن الهجوم المقرر على أهداف في سيناء، لم يجد في هذه الأهداف ما كان مأمولا فيه، وفي الواقع فقد تحولت هذه الضربة إلى مظاهرة جوية نفسية، لها قيمة معنوية على القوات المستعدة للعبور، وهذه حدودها، وليس في ذلك تقليل من أهمية هذه الضربة من ناحية التخطيط والتنفيذ، وليس هناك تقليل من دور «مبارك» كقائد للطيران فى أثناء حرب أكتوبر، لكن هذه قضية، واختزال حرب أكتوبر كلها في هذه الضربة، والتأسيس عليها لشرعية نظام كامل على أساسها - قضية أخرى مختلفة! وهنا كان موضع اعتراضي على شرعية «الضربة الجوية»، فهي عمل عسكري له هدف نفسي، وذلك حق ومشروع، ولكن أن تخرج العملية عن حدودها، فتلك ضلالة، استعمل فيها الحق خارج حدوده وبعيدا عن نطاقه، وصميم المشكلة عندنا أن بعضنا لا يبحث ولا يدقق، ويصدر الأحكام مطلقة على الأساس الخطابي، أو الانطباعات السطحية، ثم يقول قائل أن «هيكل» يريد تصفية حسابات شخصية، ولا أعرف أية حسابات أصفيها؟! - ولا مع من؟! - وما الداعي إليه؟!.


- ربما بسبب معارضتك للرئيس «السادات» في سياساته بعد حرب أكتوبر، كما إن معارضتك للرئيس السابق مبارك بدأت بعد سنة واحدة من نظامه السابق؟!

- صحيح. لكن معارضتي لم تكن شخصية، ولا هي حساب مطلوب تصفيته، لكنها محاولة صحفي يؤدي واجبه، وقد أتاحت له الظروف أن يرى صورة ما جرى، ويطلع على جانب من تفاصيل ما يجري، وكتابته وقوله على مسئوليته أمام قرائه أو سامعيه، أضيف أيضاً أن أمور هذا البلد لا يمكن أن تستقيم إلا بظهور كل الحقيقة في حروب مصر، وفي سلامها، وفي الارتباطات والالتزامات الدولية التي وقعت بالتحديد بعد أكتوبر 1973.



- "أسرار إغتيال بن لادن"
- هل ما يجرى فى العالم هذه الأيام بعيدا عن مشهد الرئيس الامريكى باراك اوباما وهو يعلن عن نجاحه فى القضاء على أسامة بن لادن كيف قرأت الخبر؟. وما اكثر ما لفت انتباهك بين السطور؟ هل يكون اغتيال بن لادن هو القشة التى يتعلق بها اوباما فى الانتخابات القادمة. أم يجوز ان يكون القشة التى تقسم ظهره إذا قررت القاعدة الانتقام ؟

- موضوع قتل «أسامة بن لادن» موضوع مهم، وهو يستحق التدقيق فيه بأكثر من أنه مجرد عملية تليفزيونية على طريقة مغامرات «رامبو» وعضلاته الفولاذية، هي موضوع يستحق أن يُدرس بعناية، وأن تتابع آثاره وتداعياته، لأنها مهمة ، وبادئ ذي بدء. أريد أن أحدد أنني لست متعاطفا مع الرجل، ولا قابلا من الأساس لفكره، ولا مقتنعا بسلامة مواقفه، لكن قصة الرجل في الحقيقة هي مأساة أمة، جرت خديعتها، وجرى سحبها بعيدا عن مقاصدها، وجرى استعمالها في حروب الآخرين، ثم جرى استخدامها في التشهير بدينها، ثم وقع قتلها بدم بارد بواسطة هؤلاء الذي خدعوها واستعملوها واستغلوها، وقبل أن أعرض رأيي في قتل «بن لادن» فقد تصادف أننى كنت في لندن وباريس فى أعقاب اغتياله، وسمعت الكثير من التفاصيل مما أظنه معلومات صحيحة، وهذا قصارى ما يسأل عنه الصحفي، فالصحفي الذي يستقصي عليه أن يعرض ما هو صحيح، بمعنى ما سمع وما رأى وما وثق فيه من ثقته في مصادره، لكن الحقيقة الكاملة موضوع آخر يملكه التاريخ على المدى الطويل.



إنني أسمح لنفسي أولا أن أقول أن الولايات المتحدة قتلت رجلا كانت تعرف أنه على حافة الموت، من فشل في الكلى، وقد بدأت إصابته بمشكلة حصاوي ملأت إحداهما، وأجريت له عملية جراحية في مستشفى سعودي أزالت واستأصلت واحدة منها، وكان ذلك في سنوات سابقة عندما كان مازال مواطنا سعوديا مرضيا عنه، مقاولا من أسرة مقاولين تعمل بنجاح في المملكة العربية السعودية، وفيما حولها من البلدان، بعيدا وقريبا، وكان لهذه الأسرة نشاط مقاولات في أفغانستان، وعندما بدأت معركة ما يُسمى بالجهاد الإسلامي ضد الوجود السو?يتي في أفغانستان، ودخلت السعودية - بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية لتمويل وتسليح ما سُمي وقتها بـ «المجاهدين» ضد الإلحاد الشيوعي، وتبعتها بلدان عربية أخرى وكانت المخابرات المركزية الأمريكية، والمخابرات السعودية تشرفان معا على عملية «الجهاد الإسلامي» ضد الإلحاد الشيوعي، ودخل «بن لادن» إلى الصورة من ناحية أن المخابرات السعودية طلبت إليه باعتباره مقاولا أن يكون غطاءً لدفع الأموال لمعركة ما سُمي بـ «الجهاد الإسلامي»، وتتلمذ على يد الشيخ عبدالله عزام وأصبح مقره في «بيشاور» عاصمة الإقليم الشمالي الغربي من «باكستان»، وجرى تجنيد آلاف من خيرة شباب العرب والمسلمين تحت شعار هذا الـ «الجهاد الإسلامي»، وحين خرج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، انسحبت المخابرات المركزية الأمريكية من عملية «الجهاد الإسلامى»، وأرادت المخابرات السعودية أن تنسحب، لكن «بن لادن» ومعه كثيرون من جماعته، وقد أحسوا بالخديعة بعد اقتناعهم بفكرة «الجهاد الإسلامي»، راحوا للقتال ضد الشرك هذه المرة، وليس ضد الإلحاد، وحولوا أسلحتهم ربما بالانتقام أو بالاقتناع، إلى القوات الأمريكية التي غزت أفغانستان عسكريا، ردا على تمركز تنظيم القاعدة في أفغانستان، متحالفاً مع حكومة «طالبان»، وكانت القاعدة في التقدير الأمريكى هي المسئول الأول عن كارثة 11 سبتمبر 2001، بكل ما حدث من دخول طائرتين في برجي التجارة في نيويورك، وثلاث طائرات آخرى فوق أهداف أخرى في عملية من أغرب العمليات الإرهابية في التاريخ الحديث (وتلك قصة مازالت موضع جدل شديد، وأساطير وحكايات بلا نهاية).


حدث بعد ذلك أن «أسامة بن لادن» أصيب بالتهاب في كليته الثانية، وعندما جرت مطاردته وهربه من جبال «تورا بورا» كان قد بدأ يعاني من أعراض التهاب كلوي جديد يؤدي إلى فشل كلوي، وتحمل الرجل آلامه، حتى تمكَّن من الوصول إلى مكان آمن بعيداً عن «تورا بورا»، وقد رآه أطباء عسكريون من المخابرات الباكستانية I.S.I، ورأوا أن الفشل الكلوي وقع بالفعل، وقرروا حاجته إلى غسيل كلوي Dialysis بانتظام، وإلا أودى المرض بحياته، وسنة 2004 بدأ البحث جديا عن ملجأ مأمون له، بعيدا عن مواقع القاعدة في الجبال، وفي الحقيقة فإن تنظيم القاعدة كان قد تبعثر، وفقد عموده الفقري، وأصبح بسبب الحرب ضد الإرهاب عنوانا للتخويف أكثر من تهديد جدي، كما أن عناصر متعددة في بلدان كثيرة وجدت اسم القاعدة علامة شهيرة تنسب نفسها إليه، وبينما كان زعيم القاعدة يعاني من مرضه، كان تنظيم القاعدة قد تحول إلى اسم شهرة في حرب نفسية، أذيعت فيها الأشرطة المسجلة على الفضائيات بأكثر مما جرت فيها عمليات جهادية أو انتحارية أو إرهابية، فكل له الحق أن يسمي أعماله كيفما شاء! وفي سنة 2004 أيضا بدأ بحث «بن لادن» في باكستان عن مأوى له، وكان الكثير من ذلك بمعرفة ومساعدة عناصر من المخابرات الباكستانية (I.S.I)، راحوا معه يبحثون عن مقر مأمون بعيد، يمكن علاجه فيه، وعلى أي حال فقد أمكن العثور على قطعة أرض في محيط منطقة «آبوت آباد»، قُرب الكلية الحربية الوطنية العليا للجيش الباكستاني، وفي متناول رعاية أحد مستشفياتها، لكن المطاردات الأمريكية فرضت على الباكستانيين قدرا من الحذر في التعامل مع «بن لادن»، وإن بقى بعض كبار ضباط المخابرات ملتزمين - بالواجب!! - تجاه سلامته، وعلى أي حال، فإن الطبيب العسكري الباكستاني الذي كان يعالج «بن لادن» طلب إعفاءه، وفي ذلك الوقت - أوائل 2005 - راحت الزوجة الثالثة لـ «بن لادن»، واسمها السيدة «نجوى» تبحث عن طبيب مسلم، مستعد للإقتناع بالعقيدة، لكي يقيم مع «أسامة» (بن لادن)، ويشرف على عملية علاجه، واتصلت سرا بالفعل بأحد الأطباء في لبنان، وبواحد في الأردن، وثالث في سوريا، لكنها لم توفق في مهمتها، وكانت حالة زوجها تسوء، وإن بقى متماسكا! ومع سنة 2007، وصلت حالة «بن لادن» عند حد الخطر، واقتضى العلاج أن يجري له غسيل الكلية مرتين في الأسبوع تحت درجة ما من الرعاية الطبية، حتى وإن كانت بدائية، وبواسطة جهاز منقول لهذا الغرض، جرى شراؤه من «كاراتشي»، ووضع في غرفة مجاورة لغرفة نومه، خصوصا وأن أعراض غسيل الكلى كانت ترهقه، بأكثر مما كانت ترهق غيره من المرضى، لأن حياة الجبال استهلكت عافيته، وكانت أبرز الأعراض حالة من الإرهاق والدوار تعتريه طوال يوم غسيل كليته، يلتزم بها فراشه مغمضا عينيه وصامتا


-- "4 أسباب دفعت أمريكا لقتل بن لادن قبل أن يموت"
ويقول الاستاذ هيكل أنه منذ يونيو سنة 2010 استطاعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بوسائلها، وبتعاون مع عناصر باكستانية أن ترصد البيت الذي بُني للرجل من سنة 2005، في الموقع الذي اختير له وبالمواصفات المطلوبة قرب «آبوت آباد»، وفى صيف عام 2010، تمكنت المخابرات المركزية من العثور على دور بأكمله في بيت قريب من المنطقة، يستطيع من بعيد رصد ما يجري في بيت «بن لادن»، ومن وقتها أصبح كل ما يجري داخل البيت، بما فيها غسيل الكلى مرتين كل أسبوع معروفا بدقة، في مركز المراقبة الأمريكي، وفيما سمعت في الأيام القليلة الماضية فإن ما قيل عن اعترافات أعوان «بن لادن»، المعتقلين في «جوانتانامو»، دلوا على مكانه، وعينوا رسولا له، ينقل عنه الأوامر، وينقل إليه المعلومات - كان غطاءً بولغ فيه مع أن أصله صحيح، وفي الأسابيع الأخيرة كانت حالة «بن لادن» تتدهور بسرعة، والإحساس العام أن الرجل في أيامه الأخيرة، وأنه على الأرجح سوف يموت طبيعيا بمرضه خلال ثلاثة أشهر أو أربعة، وهنا لم يعد هناك مجال للانتظار، خصوصا وأن هناك خططا أخرى أكبر من شخص «بن لادن»، وما آل إليه حال «القاعدة»، وأهم مما وصلت إليه من شتات.



كانت لدى واشنطن عند اتخاذ قرار قتل «بن لادن» أهداف وخطط أخرى:
- 1- أن شعبية الرئيس «أوباما» تتدنى، وموسم الانتخابات يقترب، والرئيس يريد مدة رئاسة ثانية، وهناك مخاوف من أن يرشح حزبه شخصا غيره للرئاسة، إذا بدت فرص «أوباما» ضعيفة في نوفمبر سنة 2012، وكان هناك لغط كثير عن احتمال ترشيح «هيلارى كلينتون» للرئاسة، خصوصا وقد زادت شعبيتها في استطلاعات الرأي العام عن شعبية الرئيس، كما أن الحزب الجمهورى بدأ يفكر في مرشح جديد وقادر، وجرى التفكير في الچنرال «دافيد بترايوس»، قائد الحرب في أفغانستان، ليكون مرشح الحزب، وهو چنرال يملك شعبية كبيرة سياسية، كما هي عسكرية.



- 2- كان الموقف الأمريكي يسوء، وكانت ميزانية الدفاع الأمريكى هي المجال الأكبر لأى تخفيضات ضرورية في الإنفاق، الذي شكَّل تضخمه عبئا كبيرا على الاقتصاد الأمريكي، وأبرز بند في التضخم هو تكاليف الحرب في أفغانستان، أكثر من تريليون دولار وأصبح اختصار تكاليفها مطلوبا لإمكان ضبط وربط اقتصادي، أصبحت ضرورية وعاجلة، ولكن خلق مناسبة ملائمة لانسحاب كامل أو جزئي مؤثر من أفغانستان - معضلة تتطلب حلا ذكيا، تمهيدا لانسحاب في الصيف، يجعل تخفيض اعتمادات الحرب مقبولا في «الكونجرس»، وكذلك لدى الرأي العام، وكانت تلك معضلة خصوصا إذا اقترن ذلك بعملية انسحاب من العراق، تختصر القوات الموجودة فيه (لحماية مصالح النفط وامتيازاته) من تسعين ألف جندي إلى ثلاثين ألفا فقط.


- 3- وإذا كانت هناك ضرورة انتخابية ملحة للرئيس «أوباما»، وشروط شعبية لابد من توافرها، واختصار في نفقات الحرب لا مناص منه - إذن فإن عملية قتل «بن لادن» فورا قد تلبي كل هذه المطالب، ترفع شعبية الرئيس، وقد رفعتها فعلا من نسبة 44% إلى 56%، وتسمح بانسحاب كلي أو جزئي من أفغانستان له غطاء نسبي يكفي وزيادة.


- 4- وهكذا صدر القرار بقتل بارد لرجل يموت بالفعل، لكن قتله في هذه اللحظة بالذات بدا مطلوبا عاجلا، قبل أن يسبق الموت إليه، وحتى يحقق القتل أهدافه المرجوة، وهكذا جرت عملية الهجوم على البيت الذي يعيش فيه «بن لادن»، تحت ظروف بائسة.


- هل لديك تفاصيل أكثر عن عملية الاغتيال ذاتها؟!
كان الرجل ليلتها مرهقا بمرضه، وكان نائما في فراشه، ووصلت القوة المهاجمة إلى حيث يرقد بعد ثلاث عشرة دقيقة من نزول أول قوات بالهليوكوبتر، والرجل ليس منتبها، ومعه زوجته الرابعة التي تعيش معه، السيدة «أمل السادة» وهي يمنية، وحين همَّ هو في فراشه، وقد أحس أخيرا بضجة ما يجري حوله، عاجلته طلقات من نوع «الدم الدم» المعروف بـ Hollow point، وميزة هذه الطلقات أنها لا تسبب قوة ارتداد في السلاح الذي يطلقها، فجميعها تنفذ إلى هدفها، وتنفجر داخله، وتدمر بالكامل ما حولها، وهكذا فإن رأس الرجل تحول إلى شظايا وتناثرت خلايا مخه، مخضبة بالدم وهو يهم من فراشه، وقبل أن يدرك إدراكا كاملا حقيقة ما جرى، ثم تم بعدها نقل كل ورقة وأسطوانة مدمجة ومسجلة في البيت مع المهاجمين الذين حملوا معهم بالمرة جثة بن لادن، وهذه هي القصة، وهي قصة مليئة بالعِبر والدروس، وهي في كل الأحوال، ومن الأول إلى الآخر سياسات انتخابية وسياسية ومالية، لكنه يمكن بعدها للرئيس أوباما أن يعلن أن الحرب على الإرهاب حققت انتصارها، والحقيقة أن الإرهاب كان قد عجز عن تحقيق أي هدف له قيمة، ومنذ زمن طويل، لأن الإرهاب فعل عقيم مهما كانت عملياته مثيرة!


* نقلاً عن جريدة الأهرام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.jhaaf.com

محمد حسنين هيكل يكشف عن معلومات سرية حول مقتل بن لادن .

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» دراما بن لادن (عبد الحليم قنديل )» محمد حسنين هيكل مايجري في اليمن ليست ثوره» بن لادن.. صورة العدو وحكم التاريخ» قواعد جوية سرية لمهاجمة مقاتلي القاعدة باليمن» تنظيم القاعدة يؤكد "استشهاد" بن لادن ويتوعد بالانتقام لمقتله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى جحاف :: الملتقى الاخباري والسياسي :: الملتقى السياسي العام-