عوض كشميم
بدون أدنى شك الكل ضد ضرب المدنيين، وضد توسع وسيطرة جيوب القاعدة في أية بقعة جغرافية في اليمن عامة فمابالك أن تمد أنفاسها في محافظة أبين خاصرة الجنوب كما وصفا البريطانيون وهي بالفعل تشكل منطقة القلب ترتبط بمحافظات :عدن وشبوه وحضرموت ،إضافة إلى قربها من الساحل (بحر العرب وخليج عدن) ، لقد تجذر نشاط القاعدة والقوى الجهادية في تضاريس وسهول مناطق أبين منذ مابعد حرب صيف 1994م التي أسقطت الطرف الجنوبي وإزاحته من الشراكة في مشروع دولة الوحدة وكانت هذه القوى الجهادية طرف رئيسي وفعال من خلال مشاركتها في الحرب والحسم لصالح نظام صنعاء ،وبالفعل استفادت إلى حد كبير من مشاركة عناصرها في أجهزة الأمن وتحصلت على مصالح ونفوذ استطاعت خلال تلك الفترة ان تبني نفوذها المادي والعسكري والمالي ان تعزز قدرتها العسكرية والبشرية مستغلة هشاشة الظروف الأمنية وكثير من التسهيلات التي تعطى لها في إطار معادلات التقلبات المحلية والإقليمية وقدرة النظام في توظيف هذه الورقة على الصعيدين الإقليمي والدولي .
شهدت أبين الجريحة مواجهات عسكرية مع هذه العناصر منذ حرب جبال حطاط في 2003م لكنها لم تحسم بل تنتهي بشي من التوافقات بين الطرفين ويبرز العامل الرئيس في التمدد الأفقي بيئة الواقع الاجتماعي الفقير وموروث التخلف والفقر الذي يعاني منه السكان المحليين وقد استغلت أطراف القاعدة والقوى الجهادية خصوبة هذه البيئة لتنتعش في توجيه هذا المناخ في ظل غياب قيمة مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة ،وماحصل في المعجلة والمداهمات والحملات العسكرية بين الحين والآخر على امتداد مناطق أبين والمؤسف له تعود هذه المسرحية من جديد ونفاجئ ان جيوب وعناصر القاعدة لم يتم القضاء عليها ، من يقف وراءها ومن ينفذها ؟ ثم أين تتركز التكوينات الاجتماعية المناصرة للحراك على امتداد جغرافيا المحافظات التي كانت على الضد في حرب صيف 1994م ؟فإذا وصل الأمر بجيوب بالقاعدة الاستيطان في قلب الجبال الجنوبية وتوسع لعناصرها ذات الامتدادات الإقليمية في الجغرافيا الجنوبية وجهاز الحراك والواجهات الاجتماعية والقوى السياسية الأخرى تجهل مايدور ولا تستطيع رصد تحركاتها التي وصلت إلى تأسيس معسكرات تدريب وبناء قدرة دفاعية وإنشاء وحدة اتصالات فعلى الدنيا السلام .
معطيات الظرف السياسي الحالي التي تشهده اليمن وسط انقسام حاد في المؤسسة العسكرية والسياسية لبنية النظام نستغرب غياب مكونات أبين ذات الثقل الاجتماعي وكذلك قوى الحراك الذين يطالبون بموقف متقدم من التعاطف الدولي في إطار قضيتهم الجنوبية العادلة ، وإذا اصر الحراك بخطابه السياسي إدارة للازمة السياسية وعشوائيته التنظيمية تجاهل تنظيف أدغال مربعات الجنوب من معوقات التعاطف الدولي (جينات وذيول القاعدة) من المؤكد سقوط مشروعية الورقة الأخلاقية للقضية الجنوبية في الداخل بين جبال (تورا بورا الجنوبية) حطاط والمحفد لابد من توجيه العمل لصالح الرؤى الإستراتيجية في إطار مشروع سياسي تجمع عليه كافة الأطراف الجنوبية بعيدا عن التضارب الجنوبي الجنوبي مع مراعاة المصالح الإقليمية والدولية ،لا لعمل لشلل محبطة ناقمة تجر شعب وثروة وهوية نحو الانتحار ، ثمة مصالح يجب تعبر عنها السياسة للفعل الايجابي من اجل الإنسان الجنوبي عامة وليس للتعبير عن شبكة مصالح فئوية مترابطة من المهرة إلى الضالع .
انا شخصيا ضد القاعدة والعالم الحر والرأي العام الدولي يقف على النقيض من سيطرة القاعدة وعناصرها فلا يهمه من بعيد أو قريب لو حتى أبيد شعب الجنوب بالمقابل تصفية تواجد أوكار القاعدة .. سيقول مزيدا من النجاحات النوعية لضرب الخطر العالمي في سبيل الحفاظ على المصالح الدولية فدعونا نبني وطن خال من الإرهاب .
الصراع المسلح الدائر في أبين وسقوط عاصمة المحافظة بيد الجماعات المسلحة الذي تواجهه عمليات عسكرية من قبل الجيش ربما ينذربتوسع النار إلى المحيط المجاور وسط فوضى عارمة ومواجهات مشابهة في العاصمة صنعاء من المرجح أن تنتقل شرارة الحرب في اقرب المحافظات المجاورة وهي شبوه التي لا تقل في تفاعلها من حيث السلاح والبارود عن أبين ناهيك عن تفشي روائح الدم فالمعادلة قابلة للتحولات المفاجئة وقد تسقط في اقرب هزة بيد القبائل المسلحة اذا لم نقل عناصر القاعدة المحتمل دعمها للبيئة المقابلة لها في سلسلة ترابطها على امتداد جبال الكور ليس من السهولة الاستهانة بالقوة التي تشكلها خلايا القاعدة وتحالفاتها الاجتماعية والأيدلوجية وتأثيرها على خلط الأوراق في الحاضر الجنوبي اليمني وقدرتها على التحرك في ظل هذه الاضطرابات وغياب الاستقرار الأمني ، لسنا بصدد تضخيم هذا الخطر ولكنه واقع ومخاوف ينبغي التنبه له في سياق هذه المنزلقات وهشاشة المشهد الذي لا يقل شانا على مانشاهده في الصومال وتحديدا مقديشو العاصمة الصومالية ، أن الحاضن الوحيد للحفاظ على تماسك اليمن لمواجهة الفوضى هي تماسك الجبهة العريضة لقوى الثورة الشبابية وتأكيد سلميتها رغم المخاطر المحيطة بها .