عدن - كتب/ رائد الجحافي
على الرغم من الرفض الشعبي الكبير لمفهوم ثورة التغيير في اليمن من قبل الجنوبيين الذين ابدوا مخاوفهم من حدوث أي متغيرات قد تعصف بقضيتهم، إلا أن بعض القوى في الشمال ممن هي خارج السلطة تمكنت بطرية وبأخرى من إيجاد نافذة إلى الجنوب من خلال بعض الشخصيات السياسية الجنوبية المقيمة في الخارج، ساعد تقاربها مع تلك الشخصيات بعض دول الإقليم التي تقف قاسم مشترك بعلاقاتها مع الطرفين، وجرى التنسيق بين قوى الشمال وتلك الشخصيات التي لم تتعد الثلاث بصورة مجهولة وسرية، حاولت تلك الشخصيات المحسوبة على الجنوب تمرير لعبتها على الجنوب بصورة تفتقر للإجماع الشعبي والتأييد من قبل الجنوبيين الذين استشعروا مخاطر أي اتفاقات لا تأخذ مسالة فك الارتباط بين الشمال والجنوب كمبدأ رئيسي لا مناص منه، وساد الطرح إن ثمة حوارات بين قوى التغيير في الشمال وكل من حيدر العطاس وعلي ناصر محمد تجري على قاعدة الفيدرالية وهذا ما أعلن عنه العطاس أكثر من مرة، ومع إعلان إشهار المجلس الوطني وإدراج قرابة الـ 43 جنوبي في قائمة أعضائه سارع العطاس بمعية علي ناصر وواحد وعشرون من الجنوبيين إلى إعلان انسحابهم من المجلس الوطني وسببوا استقالتهم انطلاقاً من ما أسموها عدم حصول الجنوبيين على نصف قائمة أعضاء المجلس، بالإضافة إلى الاستقالات المنفردة لجنوبيين رفضوا الدخول في المجلس الوطني انتصارا للقضية الجنوبية، وفيما تلقى آراء الرئيسين ناصر والعطاس رفض شعبي وسياسي كاملين في الجنوب من الجنوبيين الذين يرفضون القبول بأي حوارات مع الشمال لا يعطي للجنوب حق تقرير المصير بالاستقلال بناء على فك الارتباط مع الشمال بعد فشل مشروع الوحدة اليمنية باجتياح الرئيس صالح للجنوب في حرب صيف 1994م، إلا إن مسالة إعلان انسحاب الجنوبيين من المجلس الوطني أثارت حفيظة الشماليين ومنهم بعض السياسيين والشخصيات المؤثرة على الثورة في الشمال، إذ سارع البعض ومنهم المعارض المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، منير الماوري، إلى توجيه هجوم لاذع للمنسحبين من المجلس بل وتوجيه الاتهام لهم بمحاولة إفشال المجلس الوطني وخدمة الرئيس صالح ونظامه، وتبعته تصريحات لكل من حميد الأحمر وعلي محسن الأحمر وغيرهم، وفيما اتسعت رقعة المهاترات التي اتخذت من المواقع الالكترونية والمنتديات ساحة للمهاترات إلا إن الكثير من العقلاء من أبناء الشمال استغلوا المسالة لتحويلها للتسويق لماهية الانسحاب على أنها تتمحور فقط حول عدد المقاعد التي يجب أن يحصل عليها الجنوبيين في محاولة منهم للقضاء على الإجماع الجنوبي حول الرفض النهائي لأي مجالس أو مسميات ترتبط بين الشمال والجنوب. الحراك الجنوبي باعتباره الكيان السياسي الذي يحوي القضية الجنوبية كحامل لها جاء رده بالرفض المطلق للمجلس الوطني ورفض أي مشاريع ومسميات لا تقوم على إعطاء الجنوب حقه في تقرير مصيره، بل ونص بيان للمجلس الأعلى للحراك السلمي بان شعب الجنوب لا يقبل غير الاستقلال واستعادة دولته، من جانبه المجلس الوطني بما تبقى من أعضاء داخله سارع إلى عقد اجتماعه الأول وتعيين باسندوه (جنوبي) رئيساً لهيئته التنفيذية وجاء في بيان له انه لن يقبل بإفشال المجلس ودعا إلى توسيع الانتفاضة في كل المحافظات والمديريات، ويأتي مثل هذا الحديث في ضل انتفاضة عارمة للحراك الجنوبي تشهدها كافة مناطق ومحافظات الجنوب وترفع جميعها رايات وشعارات تنادي باستقلال الجنوب، وفي الوقت الراهن يحاول بعض السياسيين في الشمال التعاطي بعقلانية والسعي لاستمرار بقاء نوافذ التواصل مع بعض القوى والشخصيات الجنوبية مفتوحة، وتبذل بعض الشخصيات السياسية في الشمال مساع حثيثة في هذا المضمار وتساندها دول إقليمية ما انفكت تمارس ضغوطها على جنوبيين للعب على هكذا ورقة.
وفيما يتوقع مراقبون إن الأيام القادمة ستشهد تحركات واسعة لمحاولة التعاطي مع الملف الجنوبي الأكثر حساسية، إلا إن مؤشرات تصعيد الاحتجاجات المطالبة باستقلال الجنوب تظهر اليوم بقوة ويتوقع إن تشهد معظم محافظات الجنوب موجة احتجاجات شعبية عارمة قد تصاحبها أعمال عنف خصوصاً إذا ما استمرت قوى الشمال تتعامل مع القضية الجنوبية بأسلوبها القديم.
الأحد 28 أغسطس - 23:56 من طرف ابن الشهيد