رائد الجحافيمؤسس الملتقى
عدد المساهمات : 2797
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
العمر : 45
الموقع : الجنوب العربي - عدن
| موضوع: هل أضحت قضايا حقوق الإنسان مجرد أوراق ضغط لتحقيق مصالح الدول الكبرى الخميس 27 أكتوبر - 6:47 | |
| بقلم: رائد الجحافي في غضون ساعة واحدة أو اقل تتابع خلالها آخر أخبار العالم من خلال القنوات الإخبارية المصورة أو مواقع الانترنت لتلاحظ مدى الارتفاع الهائل والمخيف لانتهاكات حقوق الإنسان في اغلب دول المعمورة، والخوف لا يتوقف عند هذا الحد من الاتساع الكبير لرقعة الانتهاكات وتنوع وتطور آلياتها وصورها، لكن الخوف يستوقفنا أمام تراجع الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان وان لم يكن هذا التراجع نابع من اعتبارات اتساع أو انحصار أنشطة المنظمات والهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، لان الذي نلمسه إن أعداد هذه المنظمات في تزايد، لكن المخاوف تتمثل في تداخل السياسات الدولية والمصالح أيا كانت مع معايير المسؤولية الدولية تجاه قضايا الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان، حيث بات جلياً مدى تغليب مصالح الدول على الاهتمام بقضايا الإنسانية خصوصاً من قبل الدول الكبرى التي تمتلك سلطة القرار الدولي والتي أظهرت – تلك الدول – إن تعاملها مع هكذا قضايا لا يجري إلا من منطلق سياسة مصالحها وعلاقاتها الدولية ويجري في الغالب التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بصورة استثنائية، وهكذا نجد وفي غالب الأحوال إن هذه الدول تفرط أحيانا في التعاطي مع ملفات حقوق الإنسان في هذه الدولة وهذا الإقليم في حين يجري تجاهل وغظ الطرف عن ملفات مماثلة في دول أخرى مهما بلغت الانتهاكات فيها مستويات عالية ومخيفة لكن لعلاقات ومصالح تربط الدول الكبرى بهذه الدولة سواء كانت العلاقة مع أنظمتها أو مع رؤسائها أو حكامها. نعم لمجرد وقت قصير جداً لا تحتاج فيه حتى إلى تفكير بإمكان الإنسان العادي تقدير مدى الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان في كافة بقاع العالم، شعوب تتعرض لحروب إبادة جماعية، وإبادة عرقية أو دينية أو مذهبية، أعمال قتل وسفك الدماء واعتقالات وتعذيب المعتقلين، وسجون ومعتقلات غير قانونية، مطاردات وقمع وما شابه ذلك، في ليبيا جرى مؤخراً وتابع سكان المعمورة ما حدث للرئيس السابق معمر القذافي واحد أبنائه ومرافقيه وآخرين ممن جرى أسرهم ومن ثم جرى تصفيتهم ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى تصوير مشاهد التصفية التي طالتهم، والتشفي بجثثهم بعد التصفيات التي طالتهم، وبغض النظر عن دكتاتورية وجبروت معمر القذافي والجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الليبي وبحق آخرين إلا انه لا يجوز التعامل معه وأقاربه بتلك الصورة المهينة للإنسانية والمخالفة للقوانين الداخلية والدولية بل وترفضها الشرائع السماوية، لأنه من الأولى محاكمتهم والالتزام بتنفيذ عقابهم وفق أحكام القضاء، ومع اندلاع الثورات العربية نتابع سوياً صور الانتهاكات التي تطال المتظاهرين السلميين والسياسيين المعارضين للأنظمة في تلك الدول التي شهدت وتشهد انتفاضات ضد أنظمة حكمها، وأظهرت الدول الكبرى اهتمامها بقضايا بعض الدول بل وسارعت إلى اتخاذ إجراءات وإصدار قرارات دولية ضد حكامها بينما يجري إغفال وتجاهل الانتهاكات الإنسانية في بعض منها مثل البحرين واليمن، وفي اليمن وتحديداً في الجنوب الذي يشهد انتفاضة سلمية انطلقت منذ أربع سنوات تعرض خلالها المتظاهرين السلميين ولا يزالوا لأبشع صنوف الانتهاك من قتل واعتقال وتشريد وقمع وحشي أمام تجاهل واضح من قبل منظومة الدول الكبرى صاحبة القرار الدولي، واضح بعض سكان الجنوب ضحية طلعات الطائرات الأمريكية التي تشن حربها تحت مبرر تعقب عناصر في تنظيم القاعدة وخير شاهد على العشرات من الأطفال والنساء الذين سقطوا ضحية غارة جوية لطائرات أمريكية استهدفت مساكنهم البسيطة في منطقة المعجلة بمقاطعة أبين بجنوب اليمن قبل ثلاث سنوات ليتضح عقب الغارة انه لا وجود لعناصر إرهابية في تلك المنطقة، وفي هذا الجزء من العالم – جنوب اليمن – جرى ويجري انتهاك سكانه ولا يزال رئيس الحراك السلمي الجنوبي حسن باعوم داخل المعتقل رغم معاناته الشديدة من المرض ورغم تقدمه في العمر، وحتى الدول العربية التي تشهد هذه الانتفاضات واستطاعت إسقاط أنظمتها إلا إن ثمة صفقات سياسية وتسويات جرت مع رؤسائها المخلوعين على حساب ملفات الانتهاكات التي ارتكبها أولئك الرؤساء، ولم يعد يعرف مصير الملفات المخيفة للانتهاكات التي طالت الشعب التونسي من قبل الرئيس الفار زين العابدين بن علي، وكذلك الحال بالنسبة للمخلوع المصري مبارك، أما أبشع الجرائم والمجازر التي تطال الشعب الفلسطيني من قبل الإسرائيليين فلم تكن حتى بحسابات الدول الكبرى التي تقف وباستمرار إلى جانب إسرائيل، هنا يحق لنا إن نسأل بأي معايير يجري التعامل مع قضايا حقوق الإنسان وهل أضحت مثل هكذا ملفات مجرد أوراق ضغط ليس إلا لتمرير سياسات الدول الكبرى وتحقيق مصالحها فقط. أما إذا ما نظرنا إلى هذا العنف المتنامي وهذه الصور المهولة في انتهاكات حقوق الإنسان وتردي امن واستقرار البشرية في العالم ونظرنا إلى دور الثقافة والوعي الإنساني ودور الجامعة ومراكز العلم ودور أماكن العبادة من مساجد وكنائس ودور الدين في صون كرامة الإنسان لوجدنا غياب التأثير الايجابي أو الدور الايجابي في هذا الخصوص، والشيء المحزن إن هكذا أماكن مقدسة وأرباب وفقهاء الأديان تأتي أدوارهم سلبية وعكسية في أحايين كثيرة خصوصاً إذا ما نظرنا إلى عمق الأزمة والتناحر بين الديانات والحضارات والمذاهب بل واضح جزء من الفكر الديني قائم على بث روح الكراهية والعداء بين شعوب العالم وباسم الدين بات اليوم يجري سفك الدماء بصورة مستمرة وعلى أساس هذه السوداوية تأخذ السياسة الدولية أحجية إكمال الجزء المخيف من الإرهاب من خلال استهداف وانتهاكات حقوق الإنسان تحت مبرر الحرب على الإرهاب، فهل آن الأوان لبروز فكر عالمي مستنير موحد يناضل في سبيل إنهاء هذا التداخل الأسود والمخيف بين السياسة وكرامة الإنسان وحقوقه. |
|