قالت مصادر دبلوماسية في العاصمة اليمنية صنعاء ، ان مفاوضات سرية وغير معلنة وتجري بشكل مكثف حاليا بين ممثلين خليجيين بوجود المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر، وعدد من قيادات الحراك الجنوبي بشأن تهيئة الأجواء السياسية أمام حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها المعارض محمد سالم باسندوة، وإنجاح المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية.
وأضافت تلك المصادر لـ " التغيير " ان عملية الإفراج عن زعيم الحراك الجنوبي حسن باعوم تصب في هذا الاتجاه ، وان عملية المفاوضات تجري بالتعاون مع شركاء من المجتمع الدولي يمثلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر، الذي التقى باعوام في صنعاء الجمعة للمرة الثانية حيث بحث معه القضية الجنوبية حيث طلب باعومن من المبعوث الاممي زيارة عدن للاطلاع على الوضع هناك بنفسه ، في حين عرض بن عمر على زعيم الحراك السفر إلى المملكة العربية السعودية لتلقى العلاج.
وكان مصدر في الحراك الجنوبي كشف لـ " التغيير "، إن وراء إطلاق سراح زعيم الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن الشمال حسن باعوم، التي تمت الأربعاء جاءت بضغوطات من دول خارجية على رأسها المملكة العربية السعودية .. لكن باعوم رفض ذلك ، الأمر الذي يشير إلى ان هناك اتفاق يحضر مع قيادة الحراك على تسوية للقضية الجنوبية التي تعد إحدى العقبات الرئيسية التي تقف أمام نجاح المبادرة الخليجية.
وأشارت تلك المصادر إلى ان المفاوضات التي تتم مع قيادات في الحراك الجنوبي حاليا في صنعاء ، تستهدف فصيل الحراك المنادي بالانفصال عن شمال اليمن والتخلي عن الوحدة اليمنية ، بينما كان الفصيل الآخر من حراك الداخل قد قبل بالمشاركة في حكومة الوفاق الوطني ممثلا بالدكتور واعد عبدالله باذيب الذي تسلم حقيبة النقل.
وأوضحت المصادر ، ان تحركات دبلوماسية خليجية وعربية بدعم من المجتمع الدولي كانت تواصلت مع أنصار الحراك من القيادات الجنوبية المتواجدة في الخارج خلال انعقاد مؤتمرهم الأولى الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة نهاية فبراير الماضي والذي سبق التوقيع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ، حيث تم التوصل معهم إلى صيغة مرضية لحل القضية الجنوبية في اليمن من خلال طرح العديد من الحلول منها " الفيدرالية " التي ينادي بها قيادات جنوبية كبيرة على رأسها الرئيسان الجنوبيان لليمن سابقا علي ناصر محمد والمهندس حيدر أبو بكر العطاس ، لافتا إلى ان الاتفاق معهم جاء بعد تحركات مكوكية قام بها قيادات يمنية جنوبية من المتواجدين في الخارج بين لعدد من عواصم الخليج ودول أوروبية قبل وبعد انعقاد مؤتمر القاهرة الذي قاطعه الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض الذي يقود تيار الانفصال.
وألمحت المصادر إلى ان دول الخليج مدعومة دوليا تسعى بكل ثقلها لإيجاد حلول للمشكلات التي تعاني منها اليمن حاليا ، من اجل تهيئة الأجواء أمام إنجاح مبادرتها التي كان من نتائجها الإعلان عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة المعارض باسندوة ، خاصة وان المبادرة تضمنت في آلياتها التنفيذية تشكيل عدد من اللجان لحل أهم تلك المشكلات والتي تأتي قضية الجنوب والحراك الجنوبي على رأسها ، بعد تشكيل اللجنة العسكرية ، فيما ينتظر عن تشكيل لجنة لإجراء حوار وطني وأخرى للتحاور مع شباب الساحات.
يذكر ان عدد من قيادات العمل السياسي والحزبي والقبلي في اليمن لديهم ارتباط بشكل أو بأخر مع قيادات خليجية ، حيث يتوقع ان تنجح دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في التأثير الفعلي على تلك المكونات وامتصاص الكثير مما يعانيه اليمن من احتقان سياسي واقتصادي منذ سنوات ، أشعلتها مؤخرا الاحتجاجات الشبابية التي واكبت ما يسمى بالربيع العربي الذي بدأ بريقه في تونس مرورا بمصر وليبيا ويعصف حاليا باليمن وسورية.
وكانت السلطات اليمنية أفرجت مساء الأربعاء الماضي عن باعوم، المعتقل في سجون الأمن السياسي " الاستخبارات" منذ فبراير الماضي ، لكنها وضعته تحت الإقامة الجبرية في أحد فنادق صنعاء محاط بحراسة أمنية مشددة .. بعد توصية تقدم بها المبعوث الاممي الذي التقى باعوم خلال زيارته السابقة لليمن، في اطار تنقية الاجواء بين شركاء العمل السياسي في اليمن وإيجاد توافق بينهم من اجل التوقيع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وهو ما تم فعلا في 23 نوفمبر الماضي.