تتزايد واردات اليمن من احتياجاته الغذائية من سنة إلى أخرى فيما يتناقص إنتاج النفط الذي يشكل المصدر الرئيسي لموارد البلاد يتراجع بوتيرة متسارعة تؤكد التنبؤات بنضوبه خلال الحقد الجاري، ما ينبئ بعجز البلاد مستقبلا عن تأمين فاتورة غذاء سكانها الذين يتزايدون باضطراد.
ومع أن مناخ البلاد يتميز بالتنوع ما يساعد على تنويع المحاصيل والمنتجات الزراعية إلا أن المساحة القابلة للزراعة لا تشكل سوى 5 % من إجمالي مساحة البلاد، أغلبها تعتمد على الأمطار، في الوقت الذي لا تقدم فيه الحكومة أي دعم لهذا القطاع الذي يستوعب أكثر من 60 % من السكان فيما إنتاجيته لا تشكل سوى 13 % من الناتج المحلي، ما يعكس بجلاء واضح الفجوة بين قوى العمل فيه وعدم تركيز الخطط التنموية على الإنتاج الزراعي. والإنتاج المحلي يغطي فقط 15% من الاحتياج الغذائي للسكان طبقاً لتقديرات المنظمة العربية للتنمية الزراعية.
وقال عبده الطليلي (فلاح) إن الدولة لا تولي الزراعة والفلاحين أي اهتمام حتى إن بنك التسليف الزراعي الذي كان يقدم قروضاً ميسرة للمزارعين تحول إلى بنك تجاري وتوقف عن إقراض العاملين في هذا القطاع.
ويزيد من المشكلة التغيرات الحاصلة في نمط الاستهلاك، فمع أن نسبة الفقراء تقدر بـ 50 % بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد، إلا أن تزايد الهجرة من الريف إلى المدينة أكد باستمرار تغير أنماط الاستهلاك، وحصص المناطق الحضرية من واردات القمح والدقيق المستورد ترتفع، فيما يتراجع الإقبال على المنتوج المحلي، ما يؤكد تكيف سكان المدن مع عادات جديدة.
ويرى المهندس الزراعي عبدالولي الصبري أن اليمن يواجه إغراقاً بالمنتجات الزراعية والغذائية المستوردة لأنها مدعومة من قبل حكومات بلدانها ما شكل تحدياً كبيراً للإنتاج الزراعي المحلي وتراجع الصناعة الغذائية التقليدية المرتبطة به، فالمنتجات القديمة انقرضت ومهن الزراعة هجرت بسبب ضعف مردوديتها وارتفاع كلفتها مقارنة بالمستوردة ما يستنزف موارد البلاد من العملة الصعبة، إذ إن واردات القمح تقدر بحوالي 3 ملايين طن سنوياً.
وقال الدكتور أحمد الرفيق أستاذ المالية في كلية العلوم والتكنولوجيا: المؤشرات تطرح تحديات حقيقية أمام إمكانات قدرة البلاد على توفير العملة الصعبة لتغطية وارداتها الغذائية، فالصادرات النفطية تشكل حوالي 90 % من موارد الخزينة العامة للدولة، إلا أن إنتاج النفط يتراجع منذ عام 2001 بنسبة تراوحت ما بين 6 إلى 8 % سنوياً، وتتوقع الحكومة نفاده عام 2014، فيما يتوقع خبراء البنك الدولي حدوث ذلك مع حلول عام 2017 فيما يذهب بعض الخبراء المحليين إلى أنه سينفد بحدود العام 2020 وهو العام ذاته الذي سيصل فيه سكان اليمن إلى 35 مليوناً، ولن يستطيعوا أن يوفروا غذاءهم.
المصدر : صحيفة " البيان " الاماراتية