حمزة عليان
هو الآن القائد الميداني للحراك السلمي في اليمن الجنوبي والزعيم الذي يجمع عليه الجنوبيون، بخلاف علي ناصر محمد وعلي سالم البيض. استقال بعد حرب 1994 من الحزب الاشتراكي، وبدأ بتصحيح مسار الوحدة لغاية عام 1998، تحول بعدها الى قيادة التظاهرات الشعبية والعصيان المدني امام وزارات الدولة للمطالبة بالانفصال عن الشمال الى ان صارت التظاهرات تتم اسبوعياً وفي كل محافظات الجنوب يرفعون الأعلام وبطرق سلمية ولهذا تم اختياره «وجهاً في الاحداث».
في حال استكملت المبادرة الخليجية ونجحت في نقل السلطة كاملة الى مرحلة انتقالية جديدة ستكون الانظار موجهة نحو مؤتمر الحوار الوطني في هذا الشهر، وقد يتأخر انعقاده، والذي ستشترك فيه جميع القوى السياسية، بما فيها الجنوبية، تحت سقف الوحدة، ليبقى السؤال: ماذا سيفعل حسن احمد باعوم تجاه هذه الصيغة، وكيف سيكون شكل التحرك المقبل؟
من تيار علي سالم البيض الذي يطالب بالاستقلال، وهذا الجناح له مناصرون واتجاه قوي على الارض مقابل تيار يدعو الى الفدرالية بين الشمال والجنوب بزعامة علي ناصر محمد وحيدر ابو بكر العطاس، وكلا الفريقين ليسا بعيدين عن الموقف السعودي، فالمملكة صاحبة الكلمة والثقل الاساسيين في الملف اليمني نظراً للقرب الجغرافي وللعلاقات التاريخية، وهي التي احتضنت علي عبدالله صالح وقدمت له العلاج بعد محاولة الاغتيال تماما كما احتضنت حسن احمد باعوم منذ اشهر وللعلاج في احد مستشفيات الرياض.
حسن.. اعتقل أكثر من أربع مرات، وفي احداها بقي في السجن لمدة ثمانية أشهر بتهمة المطالبة بالانفصال. أفرج عنه نظرا إلى ما يتمتع به من قاعدة شعبية واسعة في الجنوب، واستجابة للضغوطات الإقليمية والدولية التي مورست على نظام علي عبدالله صالح.
باعوم ينظر اليه على انه موحد الجنوبيين، استطاع ان يجعل من مطالباته بالحراك السلمي قضية دولية، سواء من خلال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، أو من خلال الهيئات الأوروبية ذات الصلة، وقف على مسافة واحدة مما يحصل في الشمال منذ شهر فبراير 2011 بالقول ان هذه الثورة تخص ابنائها، بينما نحن نطالب بالاستقلال.
بعد حرب الـ 1994 رفع سقف المطالب من إصلاح لمسار الوحدة الى الدعوة لفك الارتباط والانفصال، واسقاط الشعار الذي يشبه شعار صدام حسين في شأن الكويت عندما غزاها عام 1990، وهو عودة الفرع الى الأصل، وبعد ان استقال من الحزب الاشتراكي شريك علي عبد الله صالح عاد الى عدن، ليكمل مشروعه الذي وجد صدى مؤيدا له في اوساط الجنوبيين.
قبل اندلاع حرب 1994 كان من القيادات الخمس الأوائل في الحزب الاشتراكي (عدن) بعدها برز نجمه، لانه صمد في الداخل، وبقي يقاوم سلمياً بعكس القيادات الثانية التي خرجت من عدن، لذلك اقترن اسمه بالمرحلة وتحول الى رمز لها، كما تحول حيدر أبو بكر العطاس وهيثم قاسم ومحمد علي أحمد وصالح منصر السيلي وعبدالفتاح اسماعيل وعلي سالم البيض الى رموز وزعامات في مرحلة من المراحل.
في قرية الرشيد بمديرية دوعن بمحافظة حضرموت ولد حسن أحمد باعوم في عام 1943، وفي سنوات طفولته الأولى تلقى تعليمه على أيدي فقهاء المنطقة وفي كتاتيبها، ثم التحق بمدارس غيل باوزير وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط فيها، وفي أواخر خمسينات القرن الماضي شد الرحال نحو مدينة عدن للبحث عن عمل، وفي مدينة كريتر حصل باعوم على عمل بمستودعات الجبل، وهناك توسعت مدارك الشاب باعوم وأيقن واقع الاستعمار البريطاني فالتحق مبكراً بصفوف الحركة القومية قبل اندلاع الثورة.
من قلب العاصمة عدن، حيث المركز الاستراتيجي لواحدة من أكبر مستعمرات المملكة المتحدة، انطلق الشاب باعوم يبحث عن مخرج لوطنه من الاستعمار البريطاني، وهناك انخرط مطلع ستينات القرن الماضي في صفوف حركة القوميين العرب، وتعرف على الشباب من بني جلدته القادمين من شتى محميات وسلطنات وامارات الجنوب العربي الواقع تحت الاستعمار البريطاني، وبدأ يمارس نشاطه السياسي بحضور المحاضرات واللقاءات السرية ومن ثم التدريبات، وكان من ضمن المخططين والمشاركين في المسيرات والتظاهرات العمالية والنقابية التي شهدتها عدن آنذاك قبل اندلاع الثورة.
رحل الى الشمال في عام 1962 للمشاركة في الثورة ضد حكم الامامة هناك وللدفاع عن الجمهورية، وكانت مشاركته بمعية كل من عبدالعزيز عبدالولي وعبدالرزاق شايف.
على الرغم من الدور النضالي الذي ساهم به حسن باعوم إبان ثورة 14 أكتوبر 1963 حتى الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 فإنه لم يسع لتحقيق أي مكاسب شخصية بقدر ما كان همه الأول يتمحور حول ترتيب وضع الدولة المستقلة الجديدة في الجنوب حينها، وبسبب الخلافات والتباينات التي وقعت بين الثوار تعرض باعوم للملاحقة فترك الساحة وغاب عنها مع علي سالم البيض منذ 20 مارس 1968 ولم يظهر الا بعد الخطوة التصحيحية في 22 يونيو 1969.
انتخب حسن باعوم عضواً في المكتب السياسي للجبهة القومية ورئيساً للجنة الرقابة التنظيمية العليا - ما يوازي نائب رئيس وزراء اليوم. بعدها شغل منصب مسؤول العمل التنظيمي السياسي في المحافظتين الثانية والرابعة (لحج وشبوة).
وقد تولى محافظ المحافظتين في فترتين متعاقبتين وبعد اعلان قيام الوحدة بتاريخ 22 مايو 1990 جرى تعيينه مستشارا لمجلس الرئاسة بدرجة نائب رئيس مجلس وزراء.
وفي الحرب التي أعلنت على الجنوب عام 1994 تحمل مسؤولية الاشراف على محافظة شبوة، أصيب في المعارك التي دارت هناك وجرح في الجهة اليسرى من الصدر وكانت اصابته بليغه جرى اسعافه الى مستشفى ابن سيناء بحضرموت ثم نقل الى عمان وهو لم يتماثل للشفاء بعد من تلك النكسة وما زال يعاني منها.
تقلد العديد من المناصب القيادية، من عضو المكتب السياسي في الجبهة القومية ورئيس لجنة الرقابة العليا وكذلك مسؤول العمل التنظيمي والسياسي بالمحافظة الثانية والرابعة (لحج وشبوة)، اعتقل في احداث 26 يونيو 1979 لمدة خمس سنوات.
إسقاط كريتر
في عام 1963 انطلقت الجبهة القومية كفصيل مسلح كان باعوم من أبرز مؤسسيها وعناصرها، وحمل اسماً حركياً يدعى يزيد. شارك في التخطيط لكثير من العمليات الفدائية واشترك في تنفيذها ضد مواقع وجنود الاستعمار البريطاني، وكان الرئيس سالم ربيع علي من زملائه وأبرز مشاركيه في التخطيط والتنفيذ للعمليات الفدائية، حيث التحقا معاً بالجناح المسلح للجبهة القومية منذ انطلاقتها وحتى آخر معركة جرى فيها اسقاط مدينة كريتر بأيدي الثوار في 20 يونيو 1967، وكان من ابرز رفاقه المقاتلين علي سالم يافعي.