ترجمة خاصة بالمصدر أونلاين – عبد الحكيم هلال
أطلقت سفن القوة البحرية الحربية الأمريكية، الصواريخ على معسكرات تدريب القاعدة في اليمن، بتنسيق مع الحكومة اليمنية، بحسب تصريحات أدلت بها مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، لشبكة إن بي سي نيوز [الأمريكية].
وأكد أحد المسئولين الإمريكيين، أن الرئيس باراك أوباما، وجه أوامره شخصياً، بتنفيذ تلك الضربات الصاروخية في اليمن.
وكانت الحكومة اليمنية قالت الخميس الماضي، أنها شنت هجوماً على معسكرات القاعدة في الجنوب، وقتلت على الأقل 34 من الأرهابين المشتبه بهم.
غير أن شهود عيان، قالوا ان عدد القتلى في تلك الضربة العنيفة، تجاوزا 60 قتيلاً، وأن معظمهم من المدنيين، بينهم أطفال ونساء. ونفوا أن يكون الهدف معقلاً للقاعدة. بينما أكد مسئول محلي، أن 10 فقط من الإرهابين لقوا حتفهم في الهجوم.
وكانت الولايات المتحدة، دعت اليمن مرات عديدة، لإتخاذ إجراءات حازمة ضد تنظيم القاعدة، الذين لجأوا اليها بشكل متزايد، خلال السنة الماضية. إن المخاوف من الحضور المتزايد للقاعدة، في اليمن، يتضاعف من خلال المخاوف من أن البلاد، قد تنهار وتدخل في حالة من الفوضى جراء النزاعات المتعددة والمتفاقمة، إلى جانب فاقتها المتزايدة، وتتحول إلى إفغانستان أخرى، مما يمنح الأرهابيين مناخ أكبر من الحرية.
وفيما لو حدث ذلك، فإن القاعدة سيكون لديها موطئ قدم على الحدود مع جارتها السعودية حليفة الولايات المتحدة، وكذا بالقرب من الدول الأخرى الغنية بالنفط.
وبالفعل فقد تسلل مقاتلون إرهابيون، إلى المملكة السعودية، لتنفيذ بعض العمليات، ومنها تلك العملية الإنتحارية التي حدثت هذا العام، من محاولة أغتيال نائب وزير الداخلية السعودي.
علاوة على ذلك، فاليمن يقع على مفترق طرق بحري إستراتيجي، على البحر الأحمر، وخليج عدن، كما تمثل نقطة وصول إلى قناة السويس – وعبر الخليج، إلى الصومال، الدولة الأكثر فوضى، حيث أكدت الولايات المتحدة أن نشاط مقاتلي القاعدة في تزايد مستمر.
تهديد شيعي، وإنفصالي أيضاً
ويأتي ذلك، في الوقت الذي تواجه فيه حكومة صنعاء حرباً ضارية، مع المتمردين الشيعة في شمال البلاد، إلى جانب المواجهات التي تخوضها مع الإنفصاليين في الجنوب. بينما أن الحكومة لا تستطيع بسط نفوذها وسيطرتها على معظم الأجزاء البلاد ذات التضاريس الجبلية الكبيرة، أضف لى ذلك، أنها تعتبر من أفقر البلدان في الوطن العربي، حيث سطوة القبائل تكون أكبر.
في هجوم الخميس، الأعنف، والذي أستخدمت فيه طائرات حربية وقوات عسكرية برية، في العملية التي قالت السلطات أنها وجهت ضد معسكر تدريب يأوي أرهابيي تنظيم القاعدة، في محافظة أبين الجنوبية، أكد صالح الشمسي، وهو مسئول أمن محلي، أن 30 إرهابي على القل قتل في العملية.
وفي منطقة أخرى، قتلت القوات الحكومية أربعة إرهابيين، كانوا ينون القيام بعمليات إنتحارية، بينما أعتقلت 17 آخرين أثناء العملية في مديرية أرحب في المنطقة الشمالية الشرقية المحاذية للعاصمة صنعاء. بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية. والتي قالت أنهم كانوا يخططون لضرب المدارس وبعض المصالح الداخلية والأجنبية، دون أن تقدم مزيد من التفاصيل.
غير أن السكان المحليين في محافظة أبين، نفوا وجود معسكر تدريب للقاعدة في منطقتهم. وقالوا أن الهجوم العنيف دمر المنازل في المنطقة العشائرية الريفية، التي تسكن منازل مبنية من الطين وأحجار الطوب الصغيرة، والأكواخ، والخيام.
وقال عباس العسل – ناشط حقوقي محلي، وكان قد أطلع على المشهد – أن 64 شخص قتل بينهم 32 طفل، و17 إمرأة.
وأضاف أن "الحكومة تريد أن توحي للعالم بأنها جادة في متابعة عناصر القاعدة، وأن جنوب اليمن يشكل مأوى لعناصر القاعدة. بينما أن ذلك ليس صحيحاً إطلاقاً".بحسب تصريحاته للأسوشيتد برس عبر الهاتف.
وأعطى على محمد منصور – أحد السكان المحليين – أرقاما مشابهة للضحايا، وقال أنه ساعد في دفن الموتى في قبر جماعي.
وقال محمد هدران – وكيل محافظة أبين – أن 10 أرهابيين قتلوا في الهجوم، بينهم محمد صالح الكازمي، وهو سعودي جاء إلى البلاد، بعد قتاله في إفغانستان، وتم إعتقاله في اليمن لمدة عامين قبل أن يطلق سراحه عام 2005
أخطاء قاتلة، شابت الضربات
قال مسئول محلي، رفض الأفصاح عن أسمه، بسبب حساسية الموقف، أن "أخطاء فادحة، حدثت في العملية، بسبب قصور في المعلومات، أدت على مقتل عدد كبير من المدنيين". واضاف أن "الهجوم نفذ بدون التنسيق مع المسئولين المحليين"
المواطن المحلي "منصور"، نفي تلك الإدعاءات القائلة أن الموقع الذي تم قصفه، هو معسكر تدريب"، موضحاً أن المجموعة كانت على بعد 100 ياردة فقط، من الطريق الرئيسي السريع، ويبعد عن معسكر للجيش بحوالي 106 ميل. وقال ان الكازمي – الأرهابي الذي قتل – كان يعيش هناك مع عائلته، منذ أطلق سراحه، ولم يكن فاراً أو مختفياً. واضاف "إذا كان مطلوباً، فلماذا لم تأتي السلطات وتعتقله طوال هذا الوقت؟"
من جهته، كريستوفر بوشيك – الخبير في الشأن اليمني في معهد كارنيجي للسلام العالمي بواشنطن – أعتبر ماحدث ناتج عن أساليب الحكومة "الخرقاء". وقال "هناك الكثير من... الأبرياء الذين يعانون"
وأوضح أن "اليمن تتعرض لضغوطات كبيرة من أجل إتخاذ إجراءات صارمة ضد القاعدة، ليس فقط من الولايات المتحدة، بل ايضاً من دول الخليج. وأكد أن "الأمريكان قلقون جداً إزاء ما يحدث في اليمن، وأن خبراء الأرهاب، يتحدثون عن اليمن بإعتباره بؤرة إضطرابات في المرتبة الثانية بعد إفغانستان وباكستان".
العديد من مقاتلي القاعدة، يأتون من مناطق الحرب في العراق وأفغانستان، ويعتقد انهم وجدوا ملاذا آمناً بين القبائل اليمنية الساخطة على الحكومة المركزية – وخصوصاً في شمال شرق البلاد، المحافظات الثلاث المحادة للمملكة العربية السعودية المعروفة ب"مثلث الشر". بينما لوحظ نشاط أقل للقاعدة العام الماضي، في الجنوب.
وشهدت البلاد أحد أكثر هجمات القاعدة إثارة، قبل هجمات 11/9، وذلك عام 2000 في عملية التفجير الإنتحارية المدمرة الأمريكية كول، قبالة ساحل عدن، والتي قتل فيها 17 بحاراً أمريكيا.
ولقد تحالفت الحكومة اليمنية مع واشنطن في حربها ضد الأرهاب، بيد أن المسئولين الأمريكان شككوا بانها أغلب الأحيان تنسق الهجمات مع الإرهابيين.
وفي الأشهر الأخيرة، ركزت الحكومة اليمنية بشكل كبير على حربها مع المتمردين الشيعة، المعروفين بـ" الحوثيين"، وهو ما حذر منه "بوشيك"، وأعتبر أن ذلك من شأنه أن "يعجل من إنهيار اليمن إقتصادياً بشكل سريع"
وقال أن "المجتمع الدولي، يريد من الحكومة اليمنية أن تركز على القضية الأكثر أهمية، والتي تؤثر عليهم بشكل مباشر، وهو الأرهاب". وأستدرك قائلا"لكن كلما طال أمد الحرب المستمرة مع الحوثيين، فإن الحكومة تظهر أكثر ضعفاً"
* NBC News