تستضيف العاصمة السعودية الرياض المؤتمر العالمي الأول من أجل اليمن، في اليومين الأخيرين من شهر فبراير، بحضور الدول الأوروبية المانحة والشركاء الخليجيين من أجل إخراج اليمن من أزمته الراهنة، وهو امتداد لمؤتمر لندن في يناير/كانون الثاني الماضي، الذي أثار جدلا وتخوفا كبيرين.
كان التخوف الأول على الصعيد اليمني، من تحول اليمن إلى مزيد من الارتهان للخارج، والدخول في طور "عرقنة أو أفغنة" جديدة، أما الثاني فتخوف إقليمي من تدويل مشكلات اليمن الداخلية (الصراع مع الحوثيين والقاعدة والحراك الجنوبي).
مركزية السعودية
يرى المحلل السياسي السعودي عبد الله حميد الدين في تعليق للجزيرة نت أنه لا يمكن لأي تجمع دولي أن ينجح "إذا لم ينطلق من مركزية الدور السعودي في الشأن اليمني".
وقال إن الرياض هي المعني الأول والأكبر بأي انهيار أو فوضى أو تنام للجماعات الإرهابية داخل اليمن، كما أنها الأكثر فهما للواقع اليمني.
وعلل ذلك بأن العلاقات بين البلدين تاريخية وأن التداخل الاجتماعي بين الشعبين عميق، مضيفا أن "الرياض كانت فاعلة وحاضرة طوال فترة الصراعات الكبرى اليمنية بعد انقلاب 1962".
وأشار حميد الدين إلى أن دور الرياض وحجمها الإقليمي يعطيها الأولوية والريادة في اليمن، لكنه نبه إلى عدم مصداقية المحاولات الدولية الغربية لمساعدة اليمن على الخروج من أزمته.
وقال إن نجاح مؤتمر الرياض مرهون بوقف الحرب على الحدود السعودية اليمنية، موضحا أن "مؤتمر لندن أرسل رسالة واضحة إلى المنطقة بأن أمر اليمن أصبح من القضايا الأمنية العالمية أي بالدرجة الأولى بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، وقد ظهر تأثير تدخل الولايات المتحدة في وقف إطلاق النار المفاجئ الذي حصل بين الحكومة اليمنية وبين الحوثيين، فهو نتيجة مباشرة لتدخل أميركي".
الحاضنة السعودية
من جهة أخرى أشار الباحث السياسي نجيب اليافعي إلى أن مؤتمر الرياض يمثل "عودة ملف اليمن إلى السعودية بمباركة دولية، وهو ما يمثل أهمية في المرحلة القادمة، باعتبار أن اليمن حديقة خلفية للسعودية".
وقال إن ما يجري في اليمن، خصوصا بعد اندفاع المتمردين الحوثيين نحو حدود السعودية، يتطلب خارطة جديدة للتعامل مع القوى الاجتماعية والسياسية اليمنية لحل الأزمة السياسية التي فجرت بقية الأزمات (صعدة والجنوب والقاعدة والاقتصاد).
ويضيف اليافعي أن مؤتمر الرياض سيكون "ضمن سلسلة حلقات متتالية، لترتيب أوضاع اليمن في المرحلة القادمة بعد مؤتمر لندن الماضي، وما لم تكن السعودية جادة في تحريك الأوضاع باليمن فإن هذا الملف سيخرج من يدها".
وأوضح اليافعي أن الإدارة الأميركية استثمرت التمرد الحوثي، بحيث يكون ورقة ضغط على السعودية في المستقبل، حيث إنها تركت الباب مفتوحا بهذا الملف.
ورأى أن المجتمع الدولي يمكن أيضا أن يستثمر مشاكل اليمن باتجاه تهديد السعودية، ووضعها تحت رحمته لمزيد من الابتزاز فيما يتعلق بالنفط وأسعاره والحرب النفطية القادمة في المنطقة.
وقال اليافعي للجزيرة إن استمرار تعامل السعودية والمجتمع الدولي مع النظام والسلطة الحالية يعني استمرار انفجار وتشظي الأزمات باتجاه الخارج، لأن السلطة هي أساس المشاكل، ولن تكون وحدها جزءا من الحل ما لم يتم إشراك بقية القوى المقصية في السلطة والثروة.
تحديات مؤتمر الرياض
يرى حميد أن أكبر التحديات أمام مؤتمر الرياض، يأتي أولا من عدم امتلاك دول الخليج رؤية مشتركة للتعاطي العملي مع الملف اليمني، إذ هي، وإن اشتركت في ضرورة الحفاظ على استقرار الحكم وعلى وحدة اليمن، تختلف في كل ما وراء ذلك.
أما التحدي الثاني فيقول حميد الدين عنه "إن اليمن يحتاج إلى تغيير جذري في النظر إليه والتعامل معه، لأن السنوات العشر الأخيرة شهدت تغييرات دولية وإقليمية وداخلية تفرض ذلك".
وقال "ما أتوقع أن يحصل هو تخصيص مبالغ للتنمية في اليمن وعدم التعاطي مع القضية السياسية المحورية، ولكن إذا حصل هذا فأرجو على الأقل أن يتم تخصيص أكثر المبالغ للبنية التحتية الناعمة وهي المؤسسات السياسية والحكومية والمدنية، لأنها الأداة التي يمكن من خلالها الحفاظ على فاعلية الدولة حتى في ظل تدهور معيشي".
وانتهى حميد إلى أن "الدولة هي المؤسسات. وإذا تم التركيز على الإنفاق بغير بناء هذه المؤسسات فإن الدولة لن تبقى".الجزيرة نت