رسالة الرئيس علي سالم البيض الى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد/ عبداللطيف بن راشد الزياني
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا اولا ان أهنئكم على الثقة الكبيرة التي منحتم إياها في تولي مهام الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وانقل إليكم خالص التقدير والاحترام لشخصكم العزيز مني ونيابة عن شعبنا في الجنوب العربي ونتمنى لاجتماع وزراء خارجية المجلس الذي يعقد في ظل اوضاع اقليمية بالغة التعقيد ان تشكل محطة هامة تتخذ من خلالها قرارات تؤدي إلى تعزيز الأمن والاستقرار لشعوب الجزيرة والخليج العربي.
في البدء نود ان نسجل لمجلسكم الموقر الموقف القومي النبيل من الحرب التي شنتها قوات الجمهورية العربية اليمنية ضد الجنوب في صيف 94م وموقفكم الواضح الذي ورد في بيانكم الصادر عن الدورة الواحدة والخمسين المنعقدة خلال الفترة 4-5 مايو1994م ( إن الوحدة لا يمكن إن تستمر إلا بتراضي الطرفين) و ( انه لا يمكن إطلاقا فرض الوحدة بالقوة العسكرية).
السيد الامين العام:
لا نود ان نعود بالذاكرة إلى صيف 1994 م فانتم على إطلاع كامل عن نتائج تلك الحرب الظالمة التي سببت الويلات والمآسي لشعبنا وشكلت تنصلا تاما عن كل الاتفاقيات الوحدوية المختلفة التي وقعناها كطرفي للوحدة وكذلك تخليا صريحا عن دستور الجمهورية اليمنية وتم ضرب الوحدة في صميمها حيث تحول الجنوب إلى غنيمة حرب تنهب ثرواته وتسلب حقوق اهله وتدمر مؤسساته وتمارس ضد الجنوبيين كل أشكال الإقصاء والتمييز دون وضع أي اعتبار لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
لاشك انكم تابعتم ما جرى للجنوب خلال الأسبوع الماضي حيث دبرت السلطات عملية تلغيم مصنع الذخائر في محافظة أبين والذي تفجر وسبب في قتل أكثر من مائتين شخص معظمهم من الأطفال والنساء دون ان تكترث السلطات اليمنية في تحمل المسئولية حيال المواطنين العزل. ليست هذه المرة الأولى او الأخيرة التي تحدث فيها كوارث على هذا النحو من صنع قوات الجمهورية العربية اليمنية التي تحتل الجنوب بل في حقيقة الأمر ان هذا يعد استمرار صريحا للحرب الشاملة ضد اهلنا وشعبنا في مختلف محافظات ومناطق الجنوب المحتل والتي بدأت قبل 17 عاما .
السيد الامين العام:
إن شعبنا في الجنوب قد بدأ اعمال المقاومة منذ صيف 1994 م وبسبب الاجتياح العسكري وما تلاه من أعمال تدمير للمدن والقرى وقتل للمواطنين دون تمييز فقد تسبب الاجتياح العسكري اليمني للجنوب في مواجهات مسلحة في عدد من المناطق الجنوبية وظل شعبنا يقاوم ويرفض حتى فجر ثورته السلمية الشاملة في يوليو 2007م ومن حينها وشعبنا يسيّر المظاهرات والاعتصامات في العاصمة عدن وفي مختلف مدن وقرى الجنوب بشكل شبه يومي يطالب بعزم وتصميم بخروج قوات الاحتلال اليمني واستعادة دولته الجنوبية المستقلة.
السيد الامين العام:
أن نظام صنعاء وقواته التي تحتل الجنوب ظلت ومازالت تواجه مطالب شعب الجنوب وثورته السلمية الشاملة بتجاهل تام مستخدمة الرصاص الحي في قتل المتظاهرين العزل حيث ادت تلك الإجراءات التعسفية خلال الاربع السنوات الماضية الى سقوط اكثر من 700 شهيد من بينهم عدد كبير من الأطفال والشيوخ والنساء والاف الجرحى والمعاقين ناهيك عن الأعداد الكبيرة التي مضت فترات طويلة تتنقل بين اقبية السجون في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى دون محاكمات ودون أي تهم وحرمانهم من ابسط الحقوق التي يفترض ان يحصل عليها الأسرى. هكذا يستباح دم الجنوبي لا لسبب سوى انه يحتج سلميا على انتهاك حقوقه ولم تقدم السلطات احد من جنودها للمحاكمة او المساءلة عما يقترفوا من جرائم وانتهاكات جسيمة باسم الوحدة.
إن وضعا غير عادي كهذا الذي يتعرض له شعبنا في الجنوب العربي تحت صمت المؤسسات الدولية المريب لم يثن شعبنا عن المضي في تصعيد ثورته السلمية للمطالبة بنيل حقه المشروع في الحياة والحرية والكرامة, ولم تثنه آلة القمع الرهيبة التي تفتك به وتعرضه لشتى أنواع الملاحقات بالإضافة إلى حرمانه من ابسط الخدمات الضرورية وتطبيق سياسة الإفقار والتجويع الجماعي لشعبنا عبر شن الحملات العسكرية المتكررة عليه ووضع الجنوب في حالة حرب مستمرة منذ صيف 1994م .
السيد الامين العام:
إن شعبنا في الجنوب يناشد اخوته في دول مجلس التعاون الخليجي باسم العروبة والدم ويستغيث من خلالكم للتدخل لوقف المجازر الشنيعة والملاحقات القمعية التي تمارسها قوات الاحتلال اليمني الممثلة بقوى الجيش والأمن التي لا تتورع في استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة وندعوكم للاستماع لمطالب شعبنا أملين ان يقف اجتماع وزراء خارجية المجلس هذا أمام الانتهاكات الجسمية التي يتعرض لها شعبنا في الجنوب وحقه في الحرية والكرامة.
لاشك انكم تدركون ان الوحدة التي نسفت بالكامل من قبل سلطات نظام صنعاء عبر إعلان الحرب على الجنوب قد خلق وضعا غير مستقرا ليس في الجنوب وحدة بل وفي الجمهورية اليمنية وسببت الكثير من المتاعب لدول الجوار التي تتعرض لأعمال الإرهاب المنظم. هذه القوى التي تصدّر الإرهاب لدول وشعوب المنطقة والعالم في حقيقة الأمر تحضا بالرعاية الكاملة من قبل حكام صنعاء حيث يستخدم الإرهابيين موارد ومؤسسات الدولة الرسمية في تمويل نشاطاتهم والتمتع بالرعاية والحماية حسب معلوماتنا الموثقة واكدت على ذلك التقارير الدولية المحايدة.
السيد الامين العام :
إن وضعا كهذا يضعنا جميعا امام مسئولية جسيمة حيث ان الحفاظ على الآمن والاستقرار امر حيوي لجميع دول المنطقة وان الأوضاع لن تستقر في بلدنا إلا بنيل شعبنا حقوقه الكاملة وفقا للقوانين والأعراف الدولية. اننا نناشدكم للوقوف امام هذه الممارسات الغير انسانية قبل فوات الأوان وتبني تفعيل قراراي مجلس الأمن الدولي رقمي 924 و 931 لعام 1994م ذات الصلة حيث ان السلطات اليمينية تسعى بشكل حثيث لصوملة الجنوب حتى يصبح مرتعا خصبا لمليشيات الارهاب والتطرف وتجار الأسلحة والمخدرات وتحويله إلى بؤرة للتوتر وتصدير المتاعب لدول الجوار وتعريض أمنها وسيادتها للخطر.
مرة أخرى نتمنى لاجتماعكم النجاح والخروج بقرارات تخدم أمن وسلامة شعوبنا في الخليج العربي والجزيرة العربية بما في ذلك مناقشة معاناة شعبنا في الجنوب العربي.
وتقبلوا شكرنا العميق
الرئيس علي سالم البيض