بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:"وتلك الأيام نداولها بين الناس ,وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء.والله لا يحب الظالمين" صدق الله العظيم
خارطة طريق الجنوب: لابد من تكاتف كل القوى الجنوبية في الحراك والوظيفة والمنفى بغض النظر عن اجتهاداتها وآرائها.والأيمان بأن أدوارها تكمل بعضها بعضا.
وجه الأستاذ علي هيثم الغريب عضو هيئة رئاسة المجلس الأعلى ,مستشار رئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب خارطة طريق للجنوب وضح فيها سيرة ومسيرة الحراك ,وضرورة تنظيم وتوحيد الصف ,ومشاركة الأطراف الجنوبية في مسألة استعادة الدولة وكيفية بناءها ,والموقف من الحزبية اليمنية .ووضح أن هناك ثلاث قوى جنوبية مشروعة ومن الضروري التضامن بينها.وفي ما يلي نص خارطة الطريق:
خارطة طريق المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب لكيفية استعادة الدولة الجنوبية وكيفية بناءها
إن المجلس سيجعل نصب عينية في المهام الآتية التي سيقوم بها لتحديد العلاقات الجديدة بين ثورة الشباب الظافرة بأذن الله في الشمال التي تطالب بإسقاط النظام وبين الحراك الجنوبي السلمي الذي يطالب بالتحرير والاستقلال ,ومن أجل الوصول إلى أتفاق لا يجعل محلا للشك في استقلال الجنوب.ومما يوجب الارتياح أن تصريحات قادة الثورة الشبابية والشخصيات الاجتماعية والسياسية في الشمال بأن "الوحدة" قد انتهت ,وبأن المفاوضات مستقبلا ستجري على هذا الأساس ,وهذه المواقف تدل على حسن استعداد الشرفاء مما يدعوا إلى الأمل بأن المفاوضات التي ستحصل بهذه الروح بين الشمال والجنوب ستفضي إلى أتفاق تاريخي محقق لأماني أبناء الجنوب الوطنية ,ويكون فاتحة عصر جديد بين البلدين ,شعاره الود وتبادل الثقة والمصالح الاقتصادية ,بدلا من الحروب والخصومات والسلب والنهب .ولقد قررنا وضع خارطة طريق شاملة لتكون كلها تعريف بتضحيات ونضالات أبناء الجنوب منذ احتلالهم عام 1994م , وكأساس للمفاوضات الرسمية التي لا تتم إلا إذا باشرتها جهة تكون موضع ثقة الشعب الجنوبي ,مجربة الميول ,معروفة المواقف في حركة التحرير والاستقلال. ,وهذه الجهة لا يمثلها إلا الرئيس الشرعي للجنوب الأستاذ علي سالم البيض ,والأخ/ حسن أحمد باعوم وإخوانهم من القيادات في الداخل والخارج.
غير إن هذه الخارطة "خارطة الطريق" المتمسكة بالتحرير والاستقلال ,لا تمنع الغير من الدخول في حوار على خلاف هذا المبدأ السامي والعظيم ,وحتى لا نعتبر ذلك تساهلا في بعض المطالب الوطنية ,لأننا على يقين أن الشعب الجنوبي صاحب الكلمة الأخيرة لا يقبل بحال إلا الاستقلال واستعادة الدولة.
ثوابت الحراك الجنوبي التي نتمنى ألا يتجاوزها أحد:
- إن هناك علاقة وثيقة بين الاستقلال والهوية الجنوبية فكلاهما يؤدي إلى الآخر ...فأذا لم نمتلك هوية فأننا سنظل نلهث وراء بريق السراب ... ولن نستطيع أن نبني دولتنا بدون هوية.
- إن هوية"الجنوب العربي"هي القاعدة التي سنبني عليها مستقبلنا ,ولا يجوز لشعب هو أصل العروبة أن يتنكر لماضية أو يعتبر بدايته من ليلة الأستقلال الأول 30 نوفمبر1967م...
-
وهنا سنعرض عليكم بادئ ذي بدء سيرة الحراك الشعبي الجنوبي وتضحياته وأهدافه ومبادئه وثقافته المميزة وعلاقاته.
توطئة (تعريف لابد منه):
أود أولا أن أشير إلى المعنى الشائع في استعمال لفظ "الحراك ".أنه ليس مجرد حراك ,ولا فعل في أطار دولة واحدة ,يوحي بحدث سمته الأساسية محدودية الفترة الزمنية التي يستغرقها لتحقيق مطالب آنية.إن ما يجري في الجنوب منذ عام الاحتلال(1994م)ليس مجرد حراك بالمعنى المشار إلية ,بل ثورة تحررية سلمية. لسنا هنا طبعا في مجمع لغوي لنوضح معاني الكلمات ,ولكن الظاهر أن البعض التبس عليه المعنى فحوله مؤخرا من حراك شعب يطالب بالاستقلال إلى شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".وقصدت هنا أن يكون الاسم مطابقا للمعنى ,والشكل منسجما مع الهدف ,لا للغة جمالية ,بل لهدف وطني صريح. أن نتعاط مع الحراك كحدث مؤقت يمكن أن ينتهي بتحقيق مطالب معينه ,وأن نتعاط معه كثورة سلمية تحررية شيء آخر.وقد لاحظنا كيف تسارعت أحزاب المشترك في "قطف ثمار "الحراك من خلال رفعها لشعار"إسقاط النظام"و "قبل فوات الأوان"...واعتبرت شعار "إسقاط النظام""فرصة استثنائية نادرة" ينبغي استثمارها.وهذه النظرة اليوم هي الطاغية لدي القيادات الحزبية في الجنوب والشمال.أما عندما نتعاط معه – الحراك - كما هو كثورة سلمية تحررية يصبح من المنطقي تماما أن نعطيها الفرصة الزمنية الضرورية ,وأن لا نشوة مقاصدها الوطنية والإنسانية بمشاريع أخرى ,قولا وفعلا ,وأن تنصب الجهود على دعمها وتطويرها وتوسيعها ودفعها في أفق "التحرير والاستقلال" ,بكل ما يعنيه التحرير والاستقلال.ويصبح من غير المنطقي ولا الواقعي أن نطالب شعب يطالب ب "إسقاط النظام " أن يحقق لنا استعادة دولتنا بعد أن يبنى نظام بديل له ,عجزت عن تحقيقه كوكبة من الشرفاء والصادقين وثورة شعبية استمرت في صنعاء ما يزيد على عشرين عاما ,أو أربعين عاما. في كل حال ,سأستعمل لفظ "الحراك "هنا ,انسجاما مع القاعدة اللغوية:خطأ مشهور خير من صحيح مهجور.وفي معرض تناولي لبنية الحراك الجنوبي السلمي ,سأركز بالإيجاز الممكن ,وبما يخدم "خارطة الطريق" هذه وتوجهها ,وعلى النواحي التالية:انطلاقة الحراك ,الأطر التنظيمية للحراك ,الأحزاب الفكرية التي دخلت الحراك ,القوى الاجتماعية للحراك "شرائح المجتمع الجنوبي".
الانطلاقة:
استمرت أصوات الرفض للاحتلال اليمني للجنوب العربي تتعالي منذ 7/7/1994م ,وحتى انفجار الحراك في 7/7/2007م من عدن ,الانفجار الذي فاجئ الجميع ,الجنوبيين كما الشماليين ,إن بقوة المشاركين فيه ,أو أتساع رقعته ,أو بأستمراريته وتضحياته العظيمة. وقد اتخذت الفترة الأولى من الحراك طابعها العفوي لسببين مختلفين على الأقل: الأول:غياب قيادة مركزية ,ذات برنامج عمل تحرري ,وغياب الأطر التنظيمية القادرة على استيعاب الزخم الثوري الجارف في تلك الفترة.أما الأطر القائمة آنذاك في الجنوب ,فكانت فروع الأحزاب اليمنية التي رفضت أن ترتقي إلى مستوى الحراك الجنوبي السلمي ,وأهدافه التحررية{لكنها كانت تلحق بالحراك عندما تصبح أهدافه شعبية لا يستطيع أحد تجاوزها} بل ورفضت أن تتبني أهدافه الوطنية التحررية. والقوى الجديدة للحراك كانت لا تزال بحاجة إلى عملية تحول طبيعية ترتقي بها إلى المستوى النضالي المتقدم تنظيميا وقياديا.وفي هذه الفترة لعبت المبادرات النضالية الفردية الدور الأساسي في تسيير فاعليات الحراك. الثاني:حدوث جزء كبير من نشاط الحراك كردة فعل على مواقف الأحزاب اليمنية التي تفرقت للمطالبة بأملاكها فقط وفي أطار"الوحدة" ,والتي تحاول السيطرة على قيادة الحراك بشتى الوسائل والإمكانيات ,هذا من جهة ,ومن جهة أخرى لمواجهة أعمال القمع الوحشية ,التي كانت تقوم بها قوات الاحتلال اليمنية في الجنوب. ينبغي هنا الاستدراك بأن القول بعفوية انطلاقة الحراك لا يعني بتاتا أنه جاء من فراغ.بل على العكس تماما.فهو جاء تتويجا لتجربة الرفض والنضال الغنية ضد الاحتلال اليمني ,منذ 1994م.وبذلك فأن هذا النضال التحرري السلمي مهد له بكل وسيلة ,وبكل خلية أو لجنة أو مجموعة نظمت ,وبكل إضراب أو اعتصام ,أو تظاهرة أو احتجاج.كما أن الحراك ,من جهة ثانية ,أستلهم ما هو حي ومضيء في تجربة التحرر الوطني الجنوبي. ومن جهة ثالثة ,فأن الحراك جاء نتيجة مسارات سياسية واجتماعية واقتصادية أحدثها الاحتلال اليمني في الجنوب لا مجال لتفصيلها هنا...وانسداد أفق التسوية في أعين الجنوبيين. كما أن القول بعفوية الحراك الجنوبي السلمي لا ينتقص من نضالية وتضحيات أبناء الجنوب ,وإنماء هو بالأحرى يؤكد نضالية وتضحيات شرائح المجتمع الجنوبي ,كما يؤكد قدرتها على المبادرة والإبداع وامتلاكها لمخزون نضالي لا ينضب.فقد حصل في سياق الحراك الجنوبي السلمي تزاوج بين المبادرة الفردية والحركة الشعبية.وفي أطار هذه العلاقة ,حدث أن تجاوزت الحركة الشعبية قياداتها الفردية ,والتي لم تدخل في إطارات منظمة لأسباب عديدة على رأسها ارتباط بعض تلك القيادات بالأحزاب اليمنية.ولكن وأن سبقت الثورة الشعبية السلمية قياداتها الفردية في لحظة من اللحظات ,فهذه دلائل تبشر بالوهج المتدفق والمخزون الرهيب والطاقة الروحية للشباب خاصة وللشعب الجنوبي عامة. والآن ما هي الأطر التنظيمية التي نشأت في سياق الحراك/الثورة الشعبية السلمية؟ في مقدم هذه الأطر ,تأتي "اللجان الشعبية "الذائعة الصيت (1998م),و"جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين"(2007م),و"المجلس الوطني"(2008م) ,أول من رفع راية الاستقلال , والهيئات الأخرى:هيئة الاستقلال ونجاح.ثم "مجلس قيادة الثورة السلمية"(9 مايو2009م) ,الذي سمي في يناير 2010م "المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب" ,الذي أقر البرنامج السياسي في 28 نوفمبر 2010م في يافع. ثم بيان 17 ربيع الأول 1432 – 20 فبراير 2011م (الهيكلية الشاملة للمجلس الأعلى) الذي حدد فيه رئيس المجلس الأعلى الأخ/حسن أحمد باعوم القيادة السياسية والقيادة الميدانية للمجلس الأعلى في ظل ظروف صعبة ومتداخلة وهبة شعبية عارمة كان للشباب الدور الرئيسي فيها.
الخريطة السياسية:
قلنا أن المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب مثل القيادة الموحدة للحراك الشعبي,ولكنه ,في أي حال ,لم يكن المكون الوطني-السياسي الوحيد فيه.فهنالك في الواقع مكونات أو أقلها بقايا مكونات.ومن الطبيعي أن يحصل ذلك لأن الحراك الجنوبي السلمي هو حركة شعبيه ,كل جماهير شعبنا ,بقواه السياسية وبشرائحه الاجتماعية ,وبمساجده وجامعاته ,وبرجاله وشبابه وأطفاله ونسائه.وما المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب إلا أنه يمثل محاولة فذة للدمج بين كافة قوى الحراك ,ومن أجل حل الثنائيات في أطار الهدف الواحد "التحرير والاستقلال" .في القطب الآخر ,المقابل ل المجلس الأعلى ومكوناته ,تقف مجموعة من الأحزاب اليمنية ,المستنكفة عن رفض الاحتلال اليمني ,وهم الذين دخلوا الحوار التأسيسي يوم 9 مايو 2009م لكنهم لم يتبنوا التحرير والاستقلال ,وارتأوا بدلا من ذلك ,التركيز على الدعوة إلى الحلول في أطار "الوحدة".واستكمالا لهذه الخريطة ,ينبغي التنبه إلى ما يلي: 1- وجود امتدادات حزبية يمنية لبعض المكونات الجنوبية جعلها تعيش صراعا داخليا مؤسفا ,عرقل وحدة الصف الجنوبي . 2- عدم الاتفاق بين مواقف الزعامات الجنوبية في الخارج ,وامتداداتها الحزبية في الداخل.فهنالك مثلا جناح "المشترك" في الداخل والخارج يعارض التوجه القيادي الرسمي لقوى التحرير والاستقلال ,ودخل بصراع مع الرئيس الشرعي للجنوب الأستاذ/علي سالم البيض ,وعبر/يعبر عن رفضه للاستقلال علنا في بياناته وخطاباته. ,وتمتلك بعض قيادات هذا الجناح إلى جانب الإمكانيات الكبيرة حصانة من قبل قوات الاحتلال لكل نشاطاته في الجنوب.
3- وجود "أحزاب المشترك" تعارض المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب الذي أقر بأغلبيته رفض "الازدواج الحزبي" الذي يؤدى فعلا إلى الازدواج الوطني ,وتعتبر نفسها قيادة سياسية داخل الحراك وموازية له.
4- وهذا هو الأهم ,وجود تنسيق بين الأحزاب اليمنية والقوى في الشمال الرافضة للنظام الحالي ,واحتمال تطور هذا التنسيق في اتجاه تأليف جبهة شمالية جديدة وواسعة ,للتوجه لاستبدال احتلال الجنوب باحتلال يمني آخر تقوده أحزاب المشترك اليمنية ,كما توحي بعض التطورات التي تشهدها مواقف أحزاب المشترك السياسية البعيدة كل البعد عن أهداف ساحات الأعتصامات التي تعم محافظات الشمال.
القوى الاجتماعية:
استكمالا لبنية الحراك ,ينبغي التطرق إلى جانب لا يحظى بالاهتمام اللازم ,بل ومرفوض من قبل أحزاب المشترك ,إلا وهو البعد الاجتماعي للحراك.وسنحصر اهتمامنا هنا بشرائح المجتمع الجنوبي(سلاطين ,مشائخ ,علماء دين ,تجار وغيرها).على الرغم من وضوح قوى الحراك الاجتماعية ,إلى درجة يبدو الحديث عنها بديهيا ,فأن قسطا من التشويه يلفها أحيانا . ويمكن تحديد شرائح المجتمع الجنوبي في التالي:
1- المطرودون من أعمالهم ,والذين نهبت أملاكهم ,فهؤلاء يمثلون أكثر من نصف سكان عدن وربع سكان الجنوب من القوى العاملة ,وينتمون بمعظمهم إلى الفئات الفقيرة وهم من بنات الدولة في الجنوب ومن كوادرها المتخصصة العالية .وهم يتحملون بدرجة عالية من الجذرية والاستعداد النضالي ,إن بسبب فقدانهم لوطنهم المسلوب ,أو بسبب رفضهم لأي تسوية مطروحة بديلة عن الوطن حتى وأن أعادة لهم بعض حقوقهم.
2- التجار والمستثمرين الجنوبيين والمشايخ وعلماء الدين ,الذين يعيشون شروط حياة شبيهة بما هي علية الموظفين الجنوبيين المطرودين من أعمالهم من حيث السلب والنهب وغموض مستقبلهم.فقد فأقم الاحتلال معاناتهم من خلال سلبهم أمانهم وأملاكهم ,بشتى الحيل والأساليب.صحيح أن انضواءهم تحت الحراك الجنوبي السلمي تأخر بعض الشيء ,نظرا للماضي ,وتفتت حتى وضعهم الاجتماعي ,وضعف تماسكهم وعزلتهم السياسية النسبية التي أختارها لهم النظام السابق ونظام الاحتلال الحالي .لكنهم عندما انضووا رفعوا راية الحراك عالية وبقوة.وأصبحوا نماذج مضيئة في الحراك الجنوبي السلمي. أن هذا التوزع والتنوع الاجتماعي للحراك هو الذي أعطى الحراك صفتي الاستمرارية والشمول.وقد لعبت العناصر الشابة ,خصوصا المثقفين المناضلين ,دور "الدينامو" بين كافة شرائح المجتمع الجنوبي.أما أذا وجد تسابق على العمل القيادي للحراك فهو يعود إلى :ارتفاع نسبة الخريجين من الجامعات والمعاهد من بناة دولة الجنوب السابقة.وفي جزء منه محاولة لإظهار القدرات القيادية والنضالية هذا من جهة ,ومن جهة أخرى فأن كافة الهيئات تمارس دورا يعتد به سواء منفردة أو مجتمعة في طريق التحرير والاستقلال ,ثم إنها في تطوراتها ,والتغيرات التي تطرأ عليها إنما تعبر عن تعقيدات المرحلة. ومن جانب آخر أيضا ,وهو ليس جانب مواجه للحراك أبدا ,تقف مجموعة ارتبطت بالوظيفة وليس بالنظام في صنعاء ,ويوميا تنقص وتتذبذب هذه المجموعة المشدودة إلى حدين:الماضي اللعين ومصلحتها في الظرف الذي توفره لها الوظيفة الحكومية بدلا من البحث عن المجهول ,والحد الثاني هو أمكانية تعرض مصالحها المباشرة للخطر بسبب إجراءات سلطات الاحتلال...والنسبة الساحقة منهم تخضع لحالة من التردد الناجم عن الصراع ما بين أخلاصهم لوطنهم وأهلهم في الجنوب من جهة ,وخشيتهم على وظائفهم من جهة أخرى.ولكن ,يتضح أن نظام الاحتلال لا يراهن عليهم ولا على مواقفهم أبدا...فهم أقرب إلى أهلهم في الجنوب من حبل الوريد.
هكذا يتضح مدى أهمية البنية الجديدة في تصليب عود الحراك/الثورة السلمية واستمراره.لذلك ,فأن مهمة تطوير وحدة الصف الجنوبي ينبغي أن تظل بندا ثابتا في جدول أعمال الحراك ,انسجاما ,بالقول والفعل ,مع الشعار المرفوع:لا صوت يعلو فوق صوت التصالح والتسامح.
التطورات الأخيرة في الجنوب:
تشهد الجنوب اليوم ,وبالأخص منذ "انفرجت" على أحزاب اللقاء المشترك بفعل الثورة الشبابية والشعبية ضد الأنظمة البوليسية العربية ,وتحاول اليوم أن تستفيد من هذه اليقظة الشعبية التي لا حدود لها ..وفعلا فقد أثرت هذه التحولات على مجرى الحراك الجنوبي السلمي الذي كان قد وصل إلى قاب قوسين أو أدنى من قضية استعادة دولته شعبيا ومعنويا ,فدخلت عليه نفس أحلام عام 1990م , حيث تصاعدت وتيرة أحزاب المشترك في الجنوب واتخذت أشكالا تنظيمية وسياسية وإعلامية عديدة وجديدة ,وفي المقابل تصاعد إرهاب قوات الاحتلال وأتخذ أشكالا أكثر عنفا ضد قوى الاستقلال الجنوبية. حاولنا التواصل مع المشترك في عدن وطرحنا ضرورة التنسيق بين الشعارين{ إسقاط النظام ,والاستقلال}في أطار عدن. وما بين فريق يؤكد على سلامة القصد وحسن النوايا من جانب أيجاد النظام البديل ,ويركز على تعقيدات المشكلة وأبعادها التي تواجه النظام.وفريق آخر يرى أن هناك ظروفا موضوعية ,وتحولات نوعية أجبرت النظام والمشترك على سلوك هذا المسلك شبه المتباين ,دونما وجود هدف استراتيجي يكمن خلف مواقف الاثنين {النظام والمشترك} اللهم إلا السعي لتأكيد سيادة الشمال على الجنوب ,وتأمين استمرار هذه السيادة بعد سقوط نظام صنعاء...وتحاول أحزاب المشترك السيطرة على الحراك وعلى السلطة في صنعاء ,وذلك بتحريض الشباب كي يتمكن نظامهم البديل من التقاط أنفاسه ,ومواجهة أزماته الداخلية ,وحصوله على قدر من الشرعية الدولية في الجنوب بعيدا عن صوت الشارع تجعله أكثر قدرة على مواجهة قوى الاستقلال. وهكذا بات نظام الاحتلال وأحزاب المشترك يواجهان أزمتين على جانب كبير من الخطورة فيما يتعلق باحتمالات بقاءهما في الجنوب المحتل ,وهما:أزمة عدم الاستقرار ,وأزمة الشرعية...وهكذا فأن محاولات المشترك لإضفاء مشروعية على سياساته في الجنوب تؤهله لضرب قوى الاستقلال ستفشل كما فشل نظام صنعاء في ذلك بعد احتلاله الجنوب عام 1994م.وانطلاقا من ذلك فأن الشعب الجنوبي يرفض على أحزاب المشترك أي حق لها بعد سقوط نظام صنعاء في ضرب الجنوب ,وأن الشعب الشمالي لن يكون طرفا فيها.علاوة على أن الحراك الجنوبي السلمي لديه برنامج سياسي واضح , ويستند في نضاله على الركائز الثلاث الآتية:
الركيزة الأولى:هي ركيزة سياسية – وهي تعني استعادة الدولة والاستقلال ,مع الأخذ في الاعتبار أن كل مواطن جنوبي يجعل ولاءه الوحيد لوطنه الجنوب ,ويقبل الحكم الفيدرالي – البرلماني – الديمقراطي لدولة الجنوب القادمة بأذن الله ,مع خلق أفضل علاقة مميزة مع الجمهورية العربية اليمنية. الركيزة الثانية:هي التعددية الحزبية والسياسية وتداول السلطة سلميا وتحديد فترة رئاسة الحكومة بدورتين كل دورة أربع سنوات شمسية. أما الركيزة الثالثة:فهي ركيزة اجتماعية – وهي تعني تحقيق التطور الشامل والكامل للمواطن الجنوبي.
الانتفاضة الوطنية الجنوبية التحررية المتواصلة: تشكل اليوم الانتفاضة الشبابية في عدن والمكلا وكل أنحاء الجنوب المحتل منذ دعوة رئيس دولة الجنوب ورئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي لتحرير الجنوب في 18 يناير 2011م (ثلاثاء الغضب),وحتى الآن المنعطف التاريخي الثاني في حركة التحرر الوطني الجنوبية .وهو منعطف بات واضحا أن آثاره لن تنحصر في عدن الصمود والتحدي ,بل ستمتد لتعطي مفاعيلها على مستوى الجنوب العربي برمته.
ومن جهة أخرى ,فأن روح شيخ المناضلين حسن أحمد باعوم وتضحياته ,كما روح الانتفاضة الشبابية في عدن وتضحياتها ,الرافضين للبقاء في أسر الصيغ الجاهزة ,والتسابق على المناصب الوهمية ,والقوالب التنظيمية الجامدة ,كان وراء الانتصارات المذهلة التي حققها شباب الجنوب في عدن المحتلة ,الذين استطاعوا خلال هذه الأيام أن يبنوا لجان ميدانية في مديريات وأحياء عدن والمكلا ,وهذه هي البنية التحتية للانتفاضة الشعبية التحررية الجنوبية.
إن انتفاضة الشباب في عدن خاصة لا يمكن أن تقوم على الأشكال التقليدية من العمل الحزبي أو التنظيمي أو تقسيمها أو تجزئتها شعاريا ,بل لابد لها من أوعية شبابية- شعبية تستوعب طاقات العطاء الوطني بأسرها وتنظم شئون حياتها اليومية....ونأمل في هذه المرحلة التحررية السير في التنوع في أشكال النضال السلمي ضد المحتل اليمني ,والترابط في وسائل العمل الميداني ,والقبول والتواصل حيال النضال السلمي المتعدد ,فعلينا في هذا المنعطف التاريخي في حركة التحرر الوطني الجنوبي أن نراعي الذي يدعوا إلى "إسقاط نظام صنعاء" إذا أعترف بالنضال الوطني التحرري الجنوبي الذي ظهر بعد الاحتلال وقدم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين . والتعايش مع هذا الشعار الذي أستمر ثلاثة أسابيع في عدن بحكم خصوصيتها , والذي أتى مع موجة عربية عارمة هو من أبرز مزايا العقل الوطني الجنوبي الذي يجب أن نمتلكه في الوقت الحالي في عدن (وليس في محافظات الجنوب الأخرى) ,خاصة وأن الذي يحرك اليوم الانتفاضة الشعبية في عدن ويشكل مصدر قوتها الرئيسية هو الحراك الجنوبي الذي قدم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين في سبيل التحرير والاستقلال... أن روح الانتفاضة التي أبرزتها تجربة الشباب النضالية في عدن ,كما أبرزتها مسيرة الحراك الجنوبي السلمي منذ الاحتلال اليمني للجنوب عام 1994م ,فهي الايجابية في التعامل مع الجميع ,والتعامل مع ايجابيات الجنوبيين بغض النظر عن الشعارات المرفوعة التي أريد بها أن تكون فتنة في عدن ,وعلى "قوى الاستقلال"في عدن (التي قدمت خلال ثلاث أيام -23 -26 فبراير أكثر من 27 شهيد و105 جريح وآلاف المعتقلين ,وبعد أن قامت قوات الاحتلال بعمل طوق عسكري- أمني حول عدن التي عزلت مديرياتها عن بعضها البعض عزلا تاما) أن تنظم نفسها بعيدا عن الصدام مع فروع الأحزاب اليمنية ,كون الأحزاب المتواجدة اليوم في الوطن العربي سواء كانت في السلطة أم في المعارضة هي أحزاب عقائدية- سلطوية ,وأي ذريعة معها ممكن تؤدي إلى عواقب وخيمة. والمرحلة تفرض علينا التعامل معها والتنسيق معها في الميدان...وعلينا أن نعلم أن نظام الاحتلال اليمني وجوهر إستراتيجيته في الجنوب إنما يقوم على تحريك كل أنواع التناقضات والمتناقضات ,ونبش كل الأحقاد وعوامل التفكك داخل المجتمع الجنوبي بواسطة فروع أحزاب المشترك ,بحيث يصبح التناقض الرئيسي مع الاحتلال اليمني هو أقل التناقضات أهمية ,وآخر هموم الانتفاضة الشعبية التحررية الجنوبية ,هذا من جهة ,ومن جهة أخرى ,فأننا لا نخفي وجود إشكاليات واجتهادات حول كيفية طرد الاحتلال اليمني وكنا نتمنى أن تكون قضية فروع الأحزاب اليمنية في الجنوب وقضية وطننا قضية واحدة ,ليس فيها ثنائية ,ولكن مع الأسف هذا لم يحصل ولن يحصل... ومن المهم اليوم هو استنباط البرامج والوسائل والثقافة الوطنية الجنوبية الكفيلة بتعايش هذه الإشكاليات البسيطة جدا لمصلحة التناقض الرئيسي وهو طرد الاحتلال اليمني ,بل والقدرة على استيعاب كل الرافضين للاحتلال ولنظام صنعاء من أبناء الجنوب بغض النظر إلى أية بيئة ينتمون ,وأي وسط أتوا ,وأي شعار يحملون ,وأن تتاح للجميع الفرصة خاصة في عدن بحكم خصوصيتها ,للتفاعل والترابط والتكامل فيما بينهم بدلا من أن يحكم مخطط المحتل التفكك في العلاقات القائمة بينهم. ونحن بهذه الطريقة النضالية الجديدة النابعة من مبدأ التصالح والتسامح والتضامن ,نقدم للعالم كله فيه شهادة حية ,ونموذجا واضحا ,عما يمكن أن يفعله العقل الجنوبي الجديد القادر على أن يجمع بين التعدد في الشعارات في خدمة قضية التحرير الوطني...ولا ننسى أن الحراك الجنوبي قد جاء بصورة انفتاح على كل إنسان جنوبي ,سواء كان في ميدان التحرير أم حزبيا أم مازال موظفا ..ونجزم القول أن نظام الاحتلال يعمل على "الفرز بين أبناء الجنوب" ,وقد يكون هذا أيضا مرضا من أمراض الجنوب الذي دائما ما تستثمره صنعاء ,وهو ما يصب مباشرة أو مداورة في جوهر مشروع الاحتلال اليمني القائم على التفتيت والتشرذم والتمزق... فلو قام اليوم داخل الحراك الجنوبي في عدن خاصة ,من يدعو إلى "الفرز"على أساس من الأعتناقات الحزبية أو الشعارات ,حتما ستشكل دعوته هذه أكبر خدمة لمشروع الاحتلال اليمني؟؟ ,الذي يكاد يستنفد كل وسائلة لقمع الحراك السلمي الجنوبي وإخماد جذوته؟ . بل ستشكل مثل هذه الدعوة اليوم أسهاما مجانيا في خدمة نظام صنعاء وإخراجه من مأزقه لأشهر قادمة لا سمح الله؟ ...ولا يوجد سدا حقيقيا بوجه هذه المحاولات إلا وحدة الحراك الجنوبي ,وتعايش الشعارات التي يرفعها الجنوبيون ,ووحدة الشعب ,ووحدة التوجه السلمي ,ولكننا نحذر من مجيء البعض من خارج الجنوب{ البشمرجه}, ليرفع شعار "إسقاط النظام"في عدن ,أو عمل مخيمات يرفع علم الاحتلال ,فهذه فتنه نحذر الساعيين فيها ...بل لابد أن يفهم الكل من أن الجنوب بأسره قد تحول إلى حزب واحد ,وإلى صوت واحد هو صوت: الاستقلال والتحرير , وستسقط أمام وحدته الوطنية كل محاولات التشرذم والانقسام والشعارات المؤقتة ... انطلاقا من كل ذلك ,نطالب شباب الجنوب في عدن والمكلا وفي كل عواصم محافظات الجنوب ,السير على أفكار وتضحيات قائد مسيرتهم المناضل حسن أحمد باعوم ,سواء في سلوكه الأخلاقي أو السياسي النموذجي الذي أنتهجه ,فهو في تفضيله الصمت على الضجيج الفردي ,والتفاني في سبيل القضية الجنوبية على الاتجار بها{ الاتجار بها يعني أكثر ما يعني البحث عن الجاه والمنصب} ,والعمل الهادئ والفعال على النزعات الاستعراضية ,قد وضع يده على حاجة عميقة تكمن في ضمير الناس المتعطشة إلى سلوك بهذا المستوى ,وإلى قيادة بهذه المواصفات...كما جاء في بيانه التاريخي الصادر في 20 فبراير 2011م. لقد بات واضحا أن الحراك الجنوبي يحتاج إلى مرحلة أعلى من مراحله السابقة ,وهي: 1- مرحلة الانتفاضة الشعبية الشاملة تحت راية ثقافة قبول الآخر والتمسك بأهداف الحراك –التحرير والاستقلال – والاستعداد السلمي لشل مؤسسات الاحتلال التي تنهب ثروات الجنوب. 2- وضع كل الجهود الوطنية الجنوبية الحاسمة لأقفال ملف التباينات التي تمونه أحزاب المشترك في صنعاء ,التي أريد لها أن تكون المعبر الخصب لبذرة التفتيت لأي مشروع وطني جنوبي كما كان حالها في ستينات القرن الماضي ,واستعادة وحدة الصف إلى ربوع هذا الوطن الغني بالتاريخ والحرية والمدنية والثروات.مع مد الأيدي لكل فروع الأحزاب في الجنوب للاتفاق على خارطة الطريق الجنوبية هذه للأشهر القادمة لإدارة الحياة في بعض مناطق الجنوب.
3- تعزيز الحراك الشعبي الجنوبي الذي تقوم به كافة شرائح المجتمع الذي يجب أن يتقوى في عدن والمكلا وأن ينتقل إلى كل عواصم محافظات الجنوب ,وأن يؤجل في هذه المرحلة في الأرياف النائية التي لعبت دور وطني جيد في حشد الناس طوال السنوات السابقة ,ولكنها بحكم ظروف كثيرة تحولت إلى أسفنجه لامتصاص الاندفاع منها إلى عدن والمكلا وعواصم المحافظات وخاصة للشباب المندفع إلى عواصم المدن الجنوبية الرئيسية...وهذا أدى بدوره إلى ظهور التسابق على قيادة الحراك المخل بشرف الواجب الوطني بحكم الأمان الذي تشعر به تلك القيادات بعيدا عن التصادم في عدن الباسلة والمكلا الصامدة. 4-لابد أن يسعى المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب لتعميق مسيرة التقارب والتنسيق بين كافة قوى الاستقلال عبر الائتلاف أو الاندماج ,وتحويلها إلى تحالف نضالي وطني تاريخي ,يشكل قاعدة أخرى لمواجهة مخططات نظام الاحتلال اليمني ,ومنطلق تجديد النهوض الجنوبي الموحد.فثورة الجنوب السلمية هي ثورة شعب ضد الاحتلال اليمني.
5- احتضان رافعي شعار "إسقاط النظام" المنتمين إلى أحزاب المشترك في حركتهم اليومية في عدن الرافضين لنظام صنعاء الحالي والتنسيق معهم وإن كانوا أقلية قليلة جدا ,منطلقين من الثقة الأكيدة بأن الجنوب بشعبها وفروع أحزابها وشرائح مجتمعها ستخرج متحررة من الاحتلال اليمني. 6- دعوة كل قيادات الحراك وفروع الأحزاب اليمنية في الجنوب إلى أجراء مراجعة جريئة وشاملة لأساليب نضالها وبرامج عملها ,ووسائل تحركها ,وصيغ علاقاتها بعضها بعضا وبالشعب الجنوبي وشرائحه الاجتماعية ,على ضوء دروس الحراك الجنوبي السلمي وتجربة القائد حسن أحمد باعوم.
7-إن التأكيد على الجذور الجنوبية للحراك هو الضمانة بوجه كل المحاولات التي تستهدف إجهاضه أو تجويفه أو تشويهه أو حرف مسيرته... أ- المحاولة الأولى:هي وضع شعار"إسقاط النظام" أي النضال "في أطار الوحدة" بوجه انتفاضة الشعب الجنوبي بهدف تمرير فكرة خطيرة وهي أن الحصول على هذا الشعار – أي بعد تحقيقه – ينقلنا إلى الهدف الآخر...والحقيقة أنه لا يوجد هدف آخر غير أن هذا الشعار"إسقاط النظام" يعني أعطاء الشرعية لنظام صنعاء الحالي والآتي باستمرار احتلاله الجنوب.والدليل الكبير في ذلك هو أن أي خروج على شعار"إسقاط النظام"يتحول إلى مجزرة ومذبحة كبرى يرتكبها الأمن المركزي في الجنوب ضد قوى الاستقلال. ب- المحاولة الثانية:هي وضع هذه المرحلة من النضال الوطني الجنوبي بوجه كل ما سبقها من تضحيات ومراحل ,بل بوجه كل ما سيتلوها من مراحل تحررية ,على نحو يجعل من وقف عقارب النضال الوطني التحرري الجنوبي مدخلا لوقف الحراك وقيمة وتضحياته برمته...
ج- المحاولة الثالثة:هي افتعال تناقض مزعوم بين رؤية وطنية جنوبية جذرية تاريخية للصراع مع اليمن نرى فيه امتداد لصراع تاريخي يمتد إلى عشرات القرون مع الطامعين في السيطرة على الأراضي الجنوبية ومصادرة دور أهلها الحضاري والإنساني والتاريخي وبين مصالح مرحلية تفرضها ظروف واعتبارات العمل السياسي والحزبي العابرة... إن هذه المحاولات الثلاث ,رغم أنه لا يوجد تعدد في الجهات التي تقف وراءها,وأحيانا رغم تناقضها الظاهري ,تصب في النهاية في طاحونة واحدة هي طاحونة الإجهاز على الحق الجنوبي بالاستقلال واستعادة الدولة ,بما هو بالفعل حق لشعب الجنوب. بل إن مثل هذه المحاولات ترمي في الوقت نفسه وفي النهاية إلى أن تربط بين مسألتين لا رابط بينهما سوى اعتبارات حزبية وسياسية عابرة لا شأن لشعب الجنوب بها ...وهما مسألة استقلال الجنوب واستعادة دولته ومسألة الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية التي أعلنت ليلة مايو من عام 1990م. وهذه المحاولات الثلاث لا تحفظ للجنوب هويته الوطنية ,وهي لا يمكن أن تكون مقبولة شعبيا ومبدئيا لأنها تكرس احتلالا غير شرعي ,وتتنازل عن حق تاريخي وطبيعي لشعب لا تملك أية جهة صلاحية التنازل عنه ,بل أنها توقف حركة نضال شعب بأسره دفاعا عن وجوده ودورة ومستقبله... ونحن في الحراك الجنوبي السلمي الذين راهنا على الوحدة الوطنية الجنوبية منذ البداية لن نفرط بدماء 700 شهيد وأكثر من ألفي جريح ومائة ألف سجين ...والتي علينا أن ندرك أنه بعد احتلال الجنوب وما ارتكبت بحقنا من جرائم بربرية بشعة ,لا يجوز لنا أن نستسلم لمعادلات مفروضة أو لحسابات جامدة...فالعاصفة التي بدأت في تونس استمدت قبسها من الحراك الجنوبي السلمي. مهما كان وزن الأقوال التي تقال جزافا في أعتصامات صنعاء التاريخ وكافة محافظات الشمال من قبل شعب أبي ومقهور برنامجه الأولي إسقاط النظام ,فأننا هنا لا نتعرض إلى تمحيصها ,بل نكتفي بأن نقول أن سنتنا في الجنوب في تطبيق مبادئنا وتنفيذ أهدافنا ليست عدائية لهذا الشعب اليمني العظيم ,ولا لأي قوة حزبية أو قبلية شمالية كانت ممن تخالفنا في هدف أو مبدأ أو تنازعنا بحقوقنا شأنها شأن نظام الاحتلال الحالي ,بل سنتنا على ضد ذلك ,هي السعي في تطهير النفوس من الأحقاد التي يولدها عادة فهم حقوق الشعوب على غير ما يجب أن تفهم عليه ,ونصيحتنا لأحزاب المشترك إلا يحرضوا هذا الشعب الأبي الذي يطالب بإسقاط النظام علينا ,وإلا تدفعكم حب الظفر بتملك الجنوب بالقوة التي أختارها النظام السابق إلى الخروج عن القصد الذي ضحى من أجله الشعب اليمني أو في الترويج لنفس سياسات نظام صنعاء في بقاء الاحتلال .إن هذا المذهب ,فضلا على أنه غير لائق بالشرفاء ,فأنه لا يجر وراءه إلا التنافر من جديد والحروب ,ونحن أحوج ما نكون إلى الاستقرار والتعاون. وانطلاقا من ذلك ,ووفق خارطة الطريق هذه نطالب قادة ثورة إسقاط النظام في الشمال{ونطلب منكم بصفتكم عارفين للجنوب مطلعين على أحوالها وتضحياتها أن تساعدونا للحصول على هذه المطالب سلميا} بالتالي: أ- أن تشكل لجنه من رئاسة صنعاء الجديدة يكون لها تفويض للحوار أو التفاوض مع الرئيس علي سالم البيض ورئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب الأخ/حسن أحمد باعوم حول القضية الجنوبية.بحضور ممثل عن مجلس التعاون الخليجي ومندوب عن الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي.
ب- أن تسحب القوات العسكرية من مدن الجنوب وقراه ,وأن تسقط الأجهزة الأمنية التي أسسها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لحمايته ,وأن يقدم مرتكبي الجرائم والمذابح التي مورست ضد الجنوبيين إلى القضاء المحلي والإنساني.
ج- علينا أن نصرح بأنه لا يسوغ لأحد أن يطلب طلبات غير مطابقة لمشيئة الشعب الجنوبي الذي عبر عنها بتضحياته الكبرى. من هنا ترون أنه يستحيل علينا أن ندرك غرضنا بواسطة تبليغات تقدم في صنعاء من قبل أفراد لا يعرفون شيئا عن الحراك الجنوبي ,ما دامت القضية التي ندافع عنها يجب عرضها بادئ ذي بدء على نظام صنعاء الجديد أن أراد ذلك ,وهو لا يمكنه أن يحيط علما بتفاصيلها إلا من مصادرها الطبيعية. د- أن ثورة الشمال السلمية وهي خارجة بأذن الله تعالى تحمل أكاليل النصر من انتفاضة كبرى لم تخض غمارها إلا دفاعا عن الحرية والعدالة لا يمكن أن تقبل أن يغرس باسمها سهم في قلب الجنوب.و نناشدها إلا تسمح للذين سيكون بيدهم السلطة أن يمارسوا باسم "الوحدة" قتل الشعب الجنوبي من جديد. إن هذه المبادئ التي نطرحها هي لرسم خارطة طريق للحراك الجنوبي للمضي قدما في سبيل الاستقلال والتحرر الوطني.ونحن على يقين من أن هذا المنهاج يوافق المقاصد التي مازال الحراك يصبو إليها.
وانطلاقا من كل ذلك فأننا ممكن أن نحدد لهذه المرحلة أهدافا ثلاثة يمكن استنتاجها من الواقع الحالي ,وبعيدا أن التأويلات أو الألغاءت والتشويهات بحق المناضلين من أبنا الجنوب ,بالإضافة ,- وهذا هو الأساس – لضرورة استيعاب كل الاجتهادات والتوجهات السلمية الجنوبية:
1- بعودة تيار الاستقلال والتحرير برئاسة الأخ/ علي سالم البيض وأحمد عبد الله الحسني ومحمد عبد الرحمن ألعبادي وأحمد عمر بن فريد والشيخ محمد بن عجرومة إلى عدن ليلة سقوط نظام صنعاء يتم التشاور في عاصمة الجنوب مع رئيس المجلس الأعلى للحراك وأعضاء هيئة رئاسة المجلس الأعلى والمجلس الاستشاري وأعضاء الهيئة التنفيذية والقيادة الميدانية العليا ورؤوسا الدوائر ,وبمواكبة وطنية مسئولة لما يجري في الجنوب والشمال ,ولصياغة المهمات في نضال سلمي متواصل ليس إسقاط نظام صنعاء فيها إلا شكلا وليس نتيجة فقط ,لكل ما تنطوي عليه من الاختلافات المتداخلة والمعقدة والمصيرية.
2- أن تعطى فرصة زمنية للأستاذ علي ناصر محمد وحيدر العطاس ومحمد علي أحمد وأنيس المفلحي وصالح عبيد أحمد ورؤوسا فروع أحزاب المشترك في الجنوب وبعض الشخصيات القيادية في الحراك التي ترفع شعار "إسقاط النظام" ,مسك زمام الحوار مع سلطة صنعاء الجديدة المعترف بها من قبل شباب الثورة هناك خلال هذه المرحلة الانتقالية.
3- أما هدفنا الثالث بأن يبقى أبناء الجنوب الموظفين في مختلف سلطات الدولة الحالية في مواقعهم الوظيفية ابتداء من نائب الرئيس الأستاذ عبد ربه منصور هادي ,ورئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس النواب ,وإلى أبسط موظف.وهذا الأمر لا يحتاج إلى نقاش أو تعليق ,إذ لم تكتسب دولة الجنوب مشروعية وقوة وجود كما هي عليه الآن إذا حافظنا على بعضنا البعض واحترمنا آراء الآخرين ,وأعطينا الزمن دورة في امتصاص التباينات.
4- وبديهي إن نظام صنعاء الساقط وقد عجز عن التقرير بشأن وجوده في الجنوب حربا واحتلالا ,فلن يكون النظام الجديد إلا في آخر قائمة من يقرر بشأن وجودة في الجنوب.
5- لمواجهة صعوبات بناء دولة الجنوب بعد انتشار الفقر والجهل وحتى التطرف فيه طوال عشرين عاما فأن القوى الرئيسية التي ذكرت في البنود الثلاثة (1 ,2 و3 )ستمارس واجب الاستقرار وزرع الأمان والتهيئة التشريعية والقانونية لبناء الدولة الجنوبية بشكل لم يتوقعه أحد.وخلا أشهر فقط حتما سيستعيد الجنوب وحدته التي فقدها منذ الاستقلال الأول عام 1967م.
ولاشك إن هذا الموقف التوحيدي في أطار التنوع السياسي الجنوبي سيشكل ذروة التأييد الفعال أطموحات وآمال شعبنا ,وسيفرض على الطامعين بأرضنا تغييرا في اللهجة الدموية والطموحات الفاشلة...إن انعقاد هذه الصلة الطبيعية ما بين القوى الجنوبية هي العامل الأهم في وحدة الجنوب ,ودفن السلبيات السابقة وإلى غير رجعة ,وفي إيجاد شروط بناء الدولة الجنوبية ,والعيش الكريم فيها.أذ ذاك تتوفر الشروط لكي ننتصر مرتين:مرة على الأخطاء ومرة على الطامعين بأرضنا.
ونحن على يقين كامل من تحقيق هذه الآمال التي ضحى من أجلها خيرة رجال شعبنا الأبي والصابر والعظيم.هذا لأن الشعب الجنوبي قد أثبت في كل عصر أنه شعب قانون ونظام ,وهذه الميزة كفيلة بنجاح النظام الدستوري والقانوني فيه ,ونحن وضعنا خارطة الطريق هذه لأننا نتوقع رجة قد تكون عنيفة ,والتي قد تقترن بها عادة الانتقال من حال إلى حال ,والتي كثيرا ما تكون فرصة لنمو أضرار الشهوات والطموحات الذاتية والسياسية.وبهذا نلفت نظر الشعب الجنوبي ,فيشد من عزائمه ,ويتكاتف للقضاء على كل النزعات المفسدة ,خصوصا متى لوحظ أن بعد سقوط نظام صنعاء ستعرض قضية تقرير مصيرنا السياسي , وفي بداية بناء الدولة ستظهر الصعوبات ,وهذا من شأنه أن يضاعف واجبنا في الحذر من العواقب.
موقفنا وفهمنا للأحزاب:
أما بشأن موقفنا من فروع الأحزاب في الجنوب ,فنحن نتمنى أن تستند جهودها إلى أهداف وطنها وشعبها ,وأن تفك ارتباطها بدولة الاحتلال ,فالآن بالمفهوم الوطني والسياسي هي جزء من الاحتلال...على أن يعتزم أبناء الجنوب تأليف الأحزاب الجديدة أو نقل فروع الأحزاب اليمنية إلى أحزاب جنوبية لها برامجها ومبادئها ,وأن تكون عونا في إزالة العوائق التي تعوق تمتع الشعب الجنوبي باستقلاله الذي كسبه بتضحيات غالية.فالحراك الجنوبي السلمي لم يفرز حتى الآن الأحزاب المعبرة عنه. ولا نرى أن هناك عوائق تحول دون ذلك ,كذلك لا نجد مبررا لبقاء فروع الأحزاب مرتبطة بالأحزاب اليمنية التي هي معطلة من غير شك لاستقلال الجنوب العربي. أن القيام ببناء الدولة الجنوبية لا تغني فيه جهود الأفراد شيئا ,بل لابد من جهود الجماعات التي تتحقق من خلال الأحزاب ,التي تمتلك برامج محدودة ومبادئ معينة ,أو بعبارة أخرى لابد من جهود الأحزاب الجنوبية هوية وتاريخا ,كون الأحزاب أثبت من الأفراد رأيا ,وآمن بقاء ,وأعسر على العواصف منقلبا.وفوق ذلك فأن الأحزاب هي أدوات التفاهم السريع في سلطات الدولة...فحاجتنا إلى الأحزاب الجنوبية هوية وتاريخا حاجة حالية يدعو إليها واجبنا في تنظيم صفوف شعبنا ,وتوحيد كلمتنا وتوجيه مجهودنا وتداول رئاسة الدولة والبرلمان وغيرها من سلطات الدولة العليا.
واله سبحانه وتعالى هو الموفق
علي هيثم الغريب المحامي
عضو هيئة رئاسة المجلس الأعلى-مستشار رئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب
1 مارس 2011م
الجمعة 8 أبريل - 18:43 من طرف شمسان الثورة