خامسا:- البسط بقوة النفوذ على مزارع الدولة والتعاونيات الزراعية.
لم تقتصر عمليات التخريب والاستيلاء ومظاهر النهب الهمجي على مباني وأراضي ومحتويات أكثر من 88 مؤسستا ومصنعا حكوميا كانت مملوكة للقطاع العام والقطاع الخاص والمختلط فحسب،
(انظر الاستدراك) ولكن لقد طالت عناصر الجريمة ونوايا الحقد والانتقام كل القطاعات الاقتصادية المنتجة بخيراتها المادية والغذائية للشعب الجنوبي، فعمت مظاهر النهب البنية القاعدية للاقتصاد الوطني الزراعية والصناعية والسمكية لنظام دولة جمهورية اليمن الديمقراطية، فبرغم من تواضع مستوى قدراتها في الطاقة وكمية الإنتاج، إلا أنها كانت تتكفل بتأمين مستوى الدخل الاجتماعي لحياة شريحة واسعة من العاملين والموظفين فيها. وبعد كارثة الانتصار العظيم وتدمير ونهب المنجزات الحكومية في العاصمة عدن وعواصم المحافظات الجنوبية الأخرى، فقد وجد حوالي 68 ألف عاملا وموظفا في القطاع الصناعي وحوالي 22 ألف عاملا وموظفا في قطاع مزارع الدولة وتعاونياتها ومحطات التأجير وفي الجمعيات التابعة لها أنفسهم بين عشية وضحاها في رصيف البطالة يبحثون عن لقمة عيشهم الكريمة، ومن تعاسة حظ هذه اليد العاملة المدربة والمؤهلة في مختلف القطاعات الاقتصادية، أنهم حاولوا تشكيل لجان لمتابعة حقوقهم والمطالبة برواتهم من المتنفذين في سلطة نظام صنعاء، غير أنهم وجدوا الصد والظلم والجفاء، لم تشفع لهم الاحتجاجات والاعتصامات السلمية، فبادلتهم قوى الشر والاحتلال بالقمع والتعسف والحرمان. حيث وصلت بها عنجهية الاستقوى إلى اتخاذ إجراءات الإبادة بحقهم في الفصل والإقصاء والتحويل إلى المعاش الإجباري الزهيد !!؟؟.
وما يحز في النفس والضمير، هو أن تتعرض عدن عاصمة الجنوب لعمليات التدمير والسطو والتخريب بنفس الطريقة التي تعرضت لها مدينة بغداد عاصمة بلاد الرافدين (العراق) عام 656 ﻫ الموافق 1258ﻡ عندما غزتها واجتاحت أراضيها ونهبت ممتلكاتها جيوش التتار وقبائل المغول القادمة من أدغال وبراري وسط قارة آسيا، وبرغم من الفارق الزمني الكبير بين (الحالتين) لما قبل حوالي 736 سنة ، إلا أن طبيعة (القرين بالقرين يهتدي) فقد تشابهت وتطابقت الإحداث والوقائع بكل ملامحها وصورها العدوانية وفي أهدافها الإجرامية، فمن كان يتصور من أبناء الجنوب أن من يدعون بالوحدة وروابط الدم والأرض والتاريخ زورا وبهتانا سيفعلون كما فعلت جيوش القبائل اليمنية !؟. فهل يعقل أن تدمر مصانع ومعامل مملوكة للشعب بتلك الأساليب الوحشية ؟؟ وهل يقبل الإنسان لأخيه أو شقيقه أن يسلبه حقه ويستبيح كرامته وينهب ممتلكاته كما فعل (....؟؟). أنها دوافع الجريمة المبيتة التي عصفت بأرض وشعب الجنوب، وما الحقائق والبراهين التي نكشف ما تيس منها على نظام سلطة صنعاء، تثبت بالدليل القاطع على صحة ما نقصده ونعبر فيه من عبارات ومرادفات اللغة سواء كانت متوافقة أو مستفزه لمزاج الطرف الآخر.. فالحقيقة هي جوهر الإقناع والمطابقة للواقع، والتي منها نستمد معطياتنا البيانية حول عمليات النهب والتخريب لممتلكات العامة للدولة في الجنوب ، والتي طالت الجانب الزراعي وعلى وجه الخصوص البسط والاستيلاء على حوالي 33 مزرعة دولة تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 27.991 ألف (فدان) أي ما يعادل نحو 11,280 هكتارا، وهي مبينة حسب الجدول رقم (7).
جدول رقم (7) يبين عدد مزارع الدولة ومساحتها الإجمالية (فدان) والتي تم البسط عليها بالقوة من قبل المتنفذين وزعماء الحرب في 94م .
المصدر:- جمعت من مكتب الزراعة بمحافظة لحج ومن بعض مدراء مكاتب الزراعة والري ومصادر أخرى.
(*) اسم المزارع المذكورة في الجدول هي مزارع الدولة المعروفة حتى عام 1994م. وفيما يخص مساحة كل منها فإن معظمها كانت عبارة عن أرقام تقريبية يعتقد أن المساحة أكبر من ذلك، وهناك مزارع لم نذكرها بسبب عم توفر المعلومات الكافية حولها..
نستنتج من بيانات جدول مزارع الدولة بأن ما تعرضت له من بسط واستحواذ قد شملت محتوياتها من آبار ومضخات ارتوازية معظمها ذات محركات كهربائية، وأيضا معداتها الآلية من حراثات وشيولات ورافعات وسيارات نقل متعددة الأغراض، ومن وسائل تقنية للري والوقاية وأجهزة مختبريه لفحص التربة وجودة المحاصيل، بالإضافة إلى مباني الإدارات ومساكن العمال. وتتوزع مزارع الدولة حسب المحافظات كما في الجدول رقم (
.
جدول رقم (
يبين توزيع مزارع الدولة المنهوبة ومساحتها ونسبة كل محافظة.
http://www6.0zz0.com/thumbs/2011/04/22/20/858616349.jpg
إن ما يهمنا الإشارة إلية في هذا الأمر المتصل بالمزارع التي تم الاستيلاء عليها أو صرفت بطرق غير مشروعة للمتنفذين من قبل (علي عبد الله صالح) وأعوانه المحتلين.. هو أن هذه المزارع تتميز بوقوعها في السهول الدلتاوية لمجاري الوديان الموسمية كوادي تبن وبنا وميفعة وبيحان ووادي المسيلة/ حضرموت. وتشتهر بخصوبة تربتها الفيضية وجودة إنتاجها من المحاصيل الغذائية (حبوب وفواكه وخضروات) ومحاصيل نقدية كالقطن والسمسم والتبغ والأعلاف وغيرها. وبحسب بعض المعلومات (غير المؤكدة) فأن المتنفذين الذين مارسوا أساليب البسط والاستحواذ بالقوة على تلك المزارع ومحتوياتها قد توسعوا في زيادة مساحاتها باستصلاح مساحات مضاعفة على حساب أراضي الدولة والمواطنين وأقاموا حولها الأسوار المحصنة بالحراسات العسكرية، وحفروا العديد من الآبار الجوفية غير المرخصة والعشوائية، كما عمقوا الآبار المحفورة منذ سنوات طويلة، وأن المتوسط العام لعمق الآبار قد تجاوز الـ 500 مترا، بينما المسموح به حسب طبيعة التغذية لمخزون المياه الجوفية لا يزيد عن 320 مترا. وهنا تكن الخطورة وتستوفي عناصر الجريمة !!. كما أن الإنتاج الوفير من تلك المزارع يتم تصديره إلى أسواق البلدان المجاورة بطرق متعددة أهمها طريقة التهريب المحترفين عليها !!.
سادسا:- التعاونيات والجمعيات الزراعية.
يقدر عدد التعاونيات الزراعية التي هي الأخرى لم تنجو من غارات البسط ونهم الاستحواذ وعبثية النهب المرخص به والمدعوم بالحماية الرسمية من قبل نظام سلطة صنعاء بحوالي 86 تعاونية زراعية خدماتية كانت منتشرة في عموم مديريات محافظات الجنوب، وحوالي 15 محطة تأجير وإصلاح الآليات الراعية مهمتهما دعم المزارعين بالآلات والمعدات الخاصة بالعمل الزراعي. ومن أبرز المهام المناطة بالتعاونيات هو العمل الإشرافي على النشاط الزراعي وتقديم البذور المحسنة للفلاحين بما يتناسب وجودة الإنتاج ونوعيته المرغوبة، وكانت الجمعيات الزراعية معنية بتحدد نوعية المخصبات الكيماوية من الأسمدة والمبيدات الممكن استيرادها وفق مواصفات وشروط تتناسب مع طبيعة التركيب العضوي لعناصر التربة وتتلاءم مع ظروف المناخ السائد في أراضي دولة الجنوب. حيث كان الخبراء والمهندسون الزراعيون المؤهلين علميا وفنيا وتقنيا في مختلف مجالات الإرشاد الزراعي هم المعنيون في عمليات إجراء التجارب على الأسمدة والمبيدات الحشرية المستوردة قبل الاستخدام، وجمع النتائج المتعلقة بصلاحية أو خطورة استخدام تلك الأسمدة والمبيدات تحت أشراف ومراقبة الأجهزة الفنية التابعة لوزارة الزراعة، وكان من الصعب على أية جهة أن تستورد أو تهرب مواد كيماوية كهذه أو غيرها بدون تراخيص رسمية من قبل الوزارة المعنية، رغم الحدود البرية والبحرية الطويلة والشاسعة لجمهورية اليمن الديمقراطية. أما اليوم وبفعل الفساد المستشري وانحطاط القيم الأخلاقية والإنسانية لدى من تحولوا نتيجة النهب لممتلكات وخيرات وثروات شعب الجنوب من زعامات قبلية أنهكتها حروب الثارات إلى أثرياء لهم وكالات تجارية وشركات ومكاتب استثمارية ومنافذ برية وبحرية لتهريب المخدرات والأسمدة والمبيدات المحرمة دوليا وأشياء يندى لها الجبين خجلا وندامة..
وفي ما يتعلق بالجمعيات الزراعية، فقد بلغ عددها حوالي سبعين (70 جمعية زراعية) كانت تقدر مساحتها الزراعية بحوالي 63,672 فدانا(1)، بما يساوي (25,469 هكتارا) وتضم في عضويتها حوالي 16,449 عضوا، حيث تعتبر هذه الجمعيات من الملكيات الخاصة التي يشترك منتسبيها في عمليات النشاط الزراعي، وتحضي بالدعم والرعاية من قبل السلطات الرسمية لدولة اليمن الديمقراطية المنهوبة..
ولكي تتضح صورة الكارثة التي حلت بشعب الجنوب من قبل الأطماع الاحتلالية، فقد استولى قادة جيوش التتار اليمنية على مساحة مزارع الدولة المقدرة بـ(27,991 فدانا + مساحة الجمعيات الزراعية المقدرة بـ(63,672 فدانا) فصارت المساحة المنهوبة بطريقة البسط بالقوة هي (91,663 فدانا) وتعادل (36,665 هكتارا) ستة وثلاثون وست مئة وثلاثة وستون هكتارا.{أرجو قراءة الأرقام مرات عدة} !؟. وعلى أساس هذه البيانات والحقائق فقد استحوذ المحتلون اليمنيون على ثلاثة أرباع المساحة الزراعية الخصبة في محافظات الجنوب، مع العلم أن الكثير منهم قد باع ما بسط واستحوذ عليه من الأراضي الزراعية بمبالغ خيالية وبالعملة الصعبة.. فهذه هي الوحدة التي ما زال البعض للأسف يعتقد بكل غباء وسذاجة أنه بالإمكان الحفاظ عليها والبقاء تحت رحمة الأطماع والاستبداد، ومن المستحيل معالجة هذه التصرفات الهمجية والمشاكل المترتبة عليها حتى بعد سقوط النظام وخلع ورحيل كل رموز الفساد اليمني وعلى رأسهم الأفندم علي ص ع وحاشيته؟؟ لأن معالجتها مرهون فقط بأصحاب الأرض فور استعادتهم لدولتهم المسلوبة منهم .. وفي الحلقات القادمة سنكشف فضائح أخرى وجرائم فضيعة (فانتظرونا) مع التحية..
استدراك:
تبين لنا بعد الاعتذار للقارئ الكريم، بأن هناك مؤسسات هامة للقطاع العام لم نذكرها في الحلقة الثانية، تعرضت للنهب والاستيلاء ومنها (المؤسسة العامة للأقمشة والكهربائيات وفروعها بالمحافظات، المؤسسة العامة للمسالخ وفروعها بالمحافظات، والمؤسسة العامة للمطاحن وخزن الغلال). أما المصانع المنهوبة فهي (مصنع المباني الجاهزة، مصنع الطوب والبلاط، مصنع الثورة للحديد، مصنع الأدوات المنزلية والمعدن، مصنع الجندي للمواد البلاستيكية، مصنع الفلاح للكبريت والتبغ، مصنع بذرة قطن، مصنع تعبئة التمور، مصنع التونة (شقرة) مصنع التونة (الغويزي) مصنع غاز الطبخ، مصنع الإسفلت، مصنع قطع غيار الآليات الزراعية، مصنع الأكسجين، مصنع الشهداء للملابس الجاهزة. وبالتالي فإن عدد مؤسسات القطاع العام والمصانع المدمرة والمنهوبة تقدر بحوالي 47 مؤسسة عامة ونحو 41 مصنعا للقطاعين العام والخاص والمختلط. {وما نسي آسي}..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: المرصد اليمني لحقوق الإنسان YOHR، التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، صنعاء يونيو 2010، ص112-113.
إعداد الدكتور/ حسين مثنى العاقل
d_aqeel2010@yahoo.com