في كتابه القيم والثمين، أفرد الكاتب أحمد طاهر مقبل مساحة للصحافة العدنية في سرد تاريخي فريد، طرزه في كتابه الموسوم "عدن التاريخ والشموخ"، وهو الكتاب الوثائقي المهم لكل قارئ، لأن به معلومات هامة وغالية.
ومن نظرة بسيطة لوضع الثقافة والإعلام يتضح أن إذاعة عدن بدأت إرسالها عام 1954 ، أما التلفزيون فبدأ إرساله بعد عقد من الزمان في 1964، واستمر يتضاعف عطاؤه حتى يوم 22 مايو 1990، لكن عدن لم تجاز إلا "جزاء سنّمار"، وحرمت حتى من إطلاق اسمها على محطة التلفزيون التي كانت باسمها ردحاً من الزمان.. وهو ما استنكره الساسة والمثقفون والأدباء والكتاب وعامة الناس.. ما يعني أنه لابد من عودة اسم القناة - عدن، بدل الاسم المستنسخ الحالي والمكرر في أربع قنوات تحمل نفس المعنى. وهذه إشارة ملحة لإعادة الاسم إلى موقعه احتراماً للمدينة وأبنائها وأهلها ولتاريخها وسبقها أيضاً، مثلما أعيد النصب التذكاري لفيكتوريا إلى حديقة التواهي مؤخراً، وصحح موقعه مرتين!
أما الصحافة فلها شأن عجيب، وقد تفردت بها عدن، وسبب هذا التفرد هو قرار الاستعمار الذي صدر بموجبه قانون الصحافة رقم 27 لعام 1939، والذي بموجبه انتشرت حرية الصحافة والمراكز الثقافية والمنتديات (النوادي /المراكز).. إلخ.
ويهمنا هنا، الكم الكبير والنوع من الصحف التي كانت تصدر في عدن، وآخر ما تبقى منها كوريث تنوير وتثوير هو صحيفة «الأيام» التي افتقدناها منذ قرابة ستة أشهر من عامنا هذا 200٩، عام الألفية الثالثة التي شهدت تطوراً وازدهاراً في كل أنحاء العالم ما عدا بلادنا التي لم يعجب وزارة إعلامها ووزيرها المحسوب على الدبلوماسية والأدب والثقافة.. وهي منه براء لأن تصرفاته ووزارته لا تبشر بانفراج أو حسن نية أو حتى استحياء!
انظروا معنا إلى صحف كانت في عهد ما يسمونه "المستعمر البغيض"، فقرابة 40 صحيفة كانت سيارة في عدن وفقاً للقانون (27/1939)، وازدهرت الصحف ونبغ الصحافيون وأصحاب دور النشر، حتى غدت الصحافة في عدن لا تضاهى بأي بلد عربي. واقرأوا معنا سفر الصحف التي نوردها بحسب المصدر، لتكون شاهداً على واقعنا الماضي، والحاضر.
ففي الأعوام 39 - 1950، صدرت 11 صحيفة هي: جريدة محمية عدن، بالإنكليزية، فتاة الجزيرة، خدمة الصحافة العدنية، النهضة، أفكار، أدن كرونيكل، صوت اليمن، الفضول، الشباب، المستقبل، العروبة. وكان أصحابها على التوالي: حكومية، محمد علي لقمان، حكومية، عبدالرحمن جرجرة، محمد علي باشراحيل، محمد علي لقمان، محمد محمود الزبيري، عبدالله عبدالوهاب نعمان، يوسف مهيوب سلطان، عايض سالمين باسنيد، عبدالرحمن سعيد عمر.
وصدرت الصحف الآتية في 51 - 1959 وهي: الجنوب العربي، أخبار الجنوب، القلم العدني، الرقيب، الفكر، العامل، الأيام، أنغام، الكفاح، البعث، العدني، وكان أصحابها هم: محمد عمر بافقيه، عيدروس الكامل، أحمد محمد بركات، علي محمد لقمان، علي ناصر محسن، عبده خليل سليمان، محمد علي باشراحيل، علي عبدالله أمان، حسن علي بيومي، سالم علي عبده، محمد علي باحميش.
تلى ذلك الصحف التالية: اليمانية، الشعب، الفاروق، الشعب أيضاً، الجنبية، الحقيقة، الركوردر، المصير، المعلم، فتاة شمسان، الغد، الصباح، الحق، الطريق، الزمان، إيفنج جلو، وأصحابها هم: اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، محمد سعيد الحصيني، عمر الجابري، حسين إسماعيل خدابخش خان، الحرس الوطني الاتحادي، الحزب الاشتراكي، محمد علي باشراحيل، حسن مسعد الحمزي، حامد الصافي، ماهية نجيب ومحمد عمر جرجرة، حسن علي عمر، سعيد علي الجريك، عبداللطيف كتبي، محمد ناصر محمد، محمد حسن عوبلي، الجالية الهندية.
هذه شذرات من تاريخ الصحافة العدنية التي أوردناها مع أصحابها أو من هم رؤساء تحريرها، لتبقى الذكرى عطرة، ولنهدي على إثرها التحية لصحيفتين عدنيتين هما: «الأيام» الرائدة ثم «الطريق»، وللمتوقفة لظروف صعبة الآن وهي «أنغام»، «الحق»، «الصباح»، مع اعترافنا بالأثر والتأثير لبقية الصحف التي لا نمتلك تاريخاً محدداً لتوقفها أو إيقافها، لكنها تظل المؤسسة والرائدة في فترة (حالكة السواد) من ذلك العهد، بحسب بعض الساسة والنقاد.. أما نحن فلا نملك إلا أن نحني هاماتنا إجلالاً لذلك التاريخ وأصحابه (أحياءً وأمواتاً أم شهداء). والتحية لصاحب الأثر الهام والكبير، وصاحب الباع في إرث الصحافة، المرحوم محمد علي باشراحيل وابنيه العزيزين: هشام وتمام، اللذين واصلا المسيرة ويدفعان اليوم ثمناً باهظاً لها بفخر واعتزاز. لكن، إن بعد العسر يسراً.. إن شاء الله تعالى.. وإنها لحقيقة ناصعة تؤكد أن الصحافة العدنية، رمزها وأسها «الأيام» دون جدال! ولن تشهد إلا تألقاً.. طال الزمن أم قصر!
عن صحيفة النداء 14/12/2009م