نقلاً عن الوسط اليمنية
إن الشباب هم طاقة الثوره في كل مكان و زمان في العالم ، و لكن طاقة الشباب بدون خبرة القدامى تظل عمياء ، و خبرة القدامى بدون طاقة الشباب تظل ميته . فقد ظلت خبرة القدامى في تونس و مصر ميته الى ان جاءت ثورة الشباب ، و على الشباب الان ان يدركوا حاجتهم اللاحقه لخبرة القدامى حتى لا تكون طاقتهم هذه عمياء و تؤدي الى الخطأ . فالشباب الثائرون في البلدان العربيه قد لا يكونوا مدركين بان ثوراتهم هذه هي تعبير عن تناقض موضوعي بين الفقر و الغنى ، و تعبير عن ازمه دستوريه تتعلق بشكل الدوله المركزيه و بشكل النظام السياسي ما إذا كان رئاسيا ام برلمانيا ، و كل ذلك تغذيه التناقضات الدوليه على مصالحها في المنطقه بإستثناء ليبيا التي يحرك احداثها الاستبداد الفردي من الداخل و اللعبه الدوليه من الخارج . و بالتالي فان عدم الادراك لكل ذلك سيؤدي الى الفوضى الهدامه و ليس الخلاقه . كما ان عدم ادراكهم لذلك و عدم التوافق بين المخابرات الدوليه على مصالح بلدانها في المنطقه سيؤدي الى حروب اهليه ما لم تكن لثورة الشباب هذه قيادات سياسيه وطنيه من اصحاب الخبره و الدرايه بالصراعات الدوليه ، خاصة و ان اجهزة و مؤسسات الانظمه العربيه هي اجهزة و مؤسسات حكام (سلطه) و ليست اجهزة و مؤسسات دوله .اما في اليمن فان الامر مختلف تماما وأكثر تعقيدا . فرغم وجود التناقض بين الفقر و الغنى ، و رغم وجود الازمه الدستوريه المشار اليها اعلاه ، الا ان ما يحرك الشارع الجنوبي هي قضية الجنوب ، و ما يحرك الشارع الشمالي هي المقايضه برأس النظام لدفنها . و لذلك فانني اود ان اقول لثورة الشباب في الجنوب ، و لثورة الشباب و اللقاء المشترك في الشمال ، و لاصحاب السلطه ما يلي:
اولا: لثورة الشباب في الجنوب ، اقول : انني اريد ان اعلمكم بان اللقاء المشترك منذ عام 2006م و هو يحاول اقناع الجنوبيين في الخارج بحصر قضية الجنوب في رأس النظام و المقايضه به ، و ان الجنوبيين في الخارج اشترطوا ذلك بالاتفاق اولا على حل قضية الجنوب ، و لكن اللقاء المشترك حاليا يحاول الانفراد بكم و اقناعكم باستبدال شعار قضية الجنوب بشعار اسقاط النظام للهدف ذاته ، بينما شعار قضية الجنوب اكثر شرعيه بما لا يقاس من شرعية شعار اسقاط النظام . كما ان استبدال شعار قضية الجنوب بشعار اسقاط النظام يعتبر تنازلا ضمنيا عن قضية الجنوب و تنازلا ضمنيا عن قراري مجلس الامن الدولي المتخذين اثناء الحرب ، و هي الخديعه التي ظلت تجرنا اليها كل الاطراف السياسيه في صنعاء .
ثانيا: لثورة الشباب و اللقاء المشترك في الشمال ، اقول : ان توحيد الشارع الجنوبي مع الشارع الشمالي تحت شعار اسقاط النظام يتطلب شروطا اربعه اذا ما كنتم صادقين مع وحدة الشعار ، و اول هذه الشروط هو : الاعتراف بقضية الجنوب كقضية وحده سياسيه بين دولتين اسقطها النظام بالحرب و حولها الى احتلال استيطاني أسواء من الاحتلال البريطاني . و ثانيها : انكم بعد اسقاط النظام مستعدون للحوار مع الجنوبيين لحلها تحت اشراف دولي . و ثالثها : ان يكون تضامنكم مع ضحايا عدن في مناطقكم و ليس في عدن ، لان الزحف نحو عدن يوحي لنا بان الهدف اسقاط الحراك قبل اسقاط النظام ، خاصة و ان اسقاط النظام يتطلب الزحف نحو العاصمه صنعاء كما فعل التونسيون و المصريون و ليس نحو عدن . و رابعها : ان تكون التضحيات متساويه بين الشمال و الجنوب بحسب نسبة السكان ، لان تضحيات عدن في اسبوع واحد على شعاركم كانت اكثر من 20 شهيدا و مئات الجرحى و المعتقلين ، مقا بل شهيد واحد او اثنين في الشمال و بعض الجرحى و المعتقلين و هو شعاركم ، بينما لم يسقط شهيد او جريح او معتقل واحد من الشمال على شعار الجنوب ، بل بالعكس ظللتم و مازلتم تحاربونه . فما لم تقبلوا بالشروط الاربعه فإننا سندعوا ثورة الشباب في الجنوب الى التمسك بشعار قضية الجنوب المستنده على قراري مجلس الامن الدولي الداعيين الى عدم فرض الوحده بالقوه ، و هو ما يعني حق تقرير المصير لشعب الجنوب ، و التضامن مع شعاركم كدعم لكم و عدم رفعه او تبنيه.
ثالثا: لاصحاب السلطه ، اقول : انكم لستم بحاجه الى تقديم مليون شهيد على الوحده كما تقولون ، و انما انتم بحاجه الى دوره فكريه و سياسيه تجعلكم تتجاوزون جهلكم بها . و لو كنتم قد قلتم بانكم ستقدمون مليون شهيد على الاحتلال لكان استقام منطقكم ، لانكم حاليا تدافعون عن الاحتلال و ليس عن الوحده بكل تأكيد . فانا متاكد انكم لم تفهموا ابجدية معنى الوحده و انها ضحية جهلكم بها ، لان فاقد الشي لا يعطيه . فلو كنتم تفهمون معنى الوحده لما قمتم بالحرب بعد اعلانها ، و لما اسقطتم شرعية اتفاقياتها قبل تنفيذها ، و لما استبدلتم دستورها بعد الحرب . و لو كنتم ايضا تفهمون معنى الوحده لما نهبتم الارض و الثروه في الجنوب و حرمتم اهلها منها ، و لما طمستم الهويه و التاريخ السياسي للجنوب لصالح الشمال ، و لما قمتم بحل اجهزة و مؤسسات دولة الجنوب النزيهه و المتطوره لصالح اجهزة و مؤسسات دولة الشمال الفاسده و المتخلفه خلافا لاتفاقيات الوحده و دستورها . و لو كنتم كذلك تفهمون معنى الوحده لما رفضتم ازالة اثار الحرب و اصلاح مسار الوحده رغم بديهيته ، و لما خالفتم المنطق و اصريتم على واحدية الشمال و الجنوب بعد الحرب و قلتم ان الوحده هي وحدة الواحد و اثبتم عدم فهمكم لها . فكما قال العالم الالماني الشهير (( انيشتاين )) ان من خالف المنطق اثبت عجز تفكيره ، و هو ما ينطبق تماما عليكم . فانتم لا تميزون بين الوحده و الاحتلال ، و لا تدركون بان ميزة الاحتلال هي سلب سيادة الناس على ارضهم كما تفعلون بنا منذ حرب 1994م ، و لا تدركون ايضا بأن ميزة الاحتلال الاستيطاني هي التملك بالارض و الثروه بدلا عن اهلها كما تفعلون بنا كذلك منذ حرب 1994م . و لو كنتم تدركون ذلك لما فعلتم ما فعلتموه بشعب الجنوب . هذا و في الختام اود ان اقول لكم بان عناصر تنظيم القاعده الذين ادخلتموهم الى عدن ليبرروا لكم قمع الشعب المسالم هناك او للقيام بأغتيال قيادات جنوبيه هناك ، هم سيف ذ و حدين و سوف تكتوون بنارهم قبل غيركم ، و لذلك فانني انصحكم بان تبتعدوا عن هذه اللعبه القذره و ان تسلموا بحل قضية الجنوب قبل غيرها . فقد سبق و ان قلت في صحيفة الوسط بان كل مشاكل اليمن ذاتيه باستثناء قضية الجنوب التي هي موضوعيه . فعلى سبيل المثال لو اختفى اللقاء المشترك لاختفت مطالبه ، و لو اختفى الحوثيون لاختفت قضيتهم ، و لو اختفى الارهابيون لاختفى شرهم ، و لو اختفى الفاسدون لاختفى الفساد ... الخ ، لان كل هذه المشاكل هي من صنع اصحابها ، و هي لذلك مشاكل ذاتيه و ليست موضوعيه . اما قضية الجنوب فهي قضيه موضوعيه لم يخلقها الحراك ، و انما هي من خلق الحراك . و لو اختفى الحراك لما اختفت ، بل ستظل قائمه بقوة الواقع الى ان يأتي من يعبر عنها بدلا عن الحراك . فهي قضيه موضعيه ، و هي ام القضايا كلها في البلد ، و بحلها تحل بقية القضايا الاخرى تلقائيا ، لانها ستأتي بنظام سياسي جديد يرضي المعارضه و الحوثيين و يزيل الفساد و يقفل الابواب امام تنظيم القاعده . اما بدون حلها فلن تحل اي مشكله في البلد ، بل سيظل كل طرف يوظفها لصالحه .
انتهى
4/3/2011م