صلاح السقلدي
لطالما راهنا في هذا البلد ولا زلنا على مبدأ الحوار كقيمة إنسانية وحضارية راقية يلوذ له كل من يروم ان يجعل شوكة الميزان بمكانها الطبيعي بعد أن استطاعت يد الفوضى ان تحيدها نحو احدى الكفتين. فالقضية الجنوبية كمولود شرعي لحرب عبثية شنت من قبل تلك القوى الرجعية المغردة خارج سرب التاريخ طالت الجنوب أرضا وإنسانا في صيف ذلك العام القائظ لابد ان تكون هي المستهدفة الأولى من أي حوار جاد بين شريكي الوحدة. فالانفتاح الأخير لقوى المعارضة المتمثلة بأحزاب المشترك على الجنوب وقضيته السياسية بعث لدى السواد الأعظم من الجنوبيين بصيص أمل مفاده أن ثمة من يشاطرهم أوجاع وتبعات حرب ظالمة شنت عليهم كشركاء بالوحدة من قبل من كانوا يضنونه شريك وحدوي قبل ان يجالدهم بسيف الإقصاء حتى أدمى أعماقهم.ولكن حتى ذلك البصيص من الأمل الخافت هاهو يخبو وهجه شيئا فشيئا. فما ان انحنت السلطة الحاكمة في صنعاء للعاصفة التى توشك أن تقتلعها من الجذور سرعان ما أدارت هذه الأحزاب ظهرها للجنوب بكل منتسبيه ( حراك سلمي- قيادات بالخارج-شخصيات مستقلة..) بعد سيل من الوعود من أن أي حوار بينها أي (أحزاب المشترك) وبين الحزب الحاكم سوف لن يكون ذو جدوى ان لم يكون الجنوب في صميم أي حوار وذهبت تلك الأحزاب إلى ابعد من ذلك في أحايين كثيرة حين كانت تشترط لأي حوار ان يكون اعتراف السلطات الحاكمة بالقضية الجنوبية كمدخل لأي حوار مستقبلي. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل ذهب ممثلي تلك الأحزاب إلى خارج الحدود لأجراء حوارات مع قيادات جنوبية بالخارج للوقوف على الأوضاع بالجنوب وتم بالفعل التوقيع على اتفاق بينهما أثار عاصفة من الانتقادات من قبل الجنوبيين بالداخل والخارج لهذا الاتفاق لما اعتبروه حينئذ استدراج للقيادات الجنوبية بالخارج من قبل أحزاب المشترك الى حيلة يتم من خلالها القضاء على الحراك الجنوبي بالاتفاق مع الحاكم حسب اعتقاد الكثيرون؛ وبصرف النظر عن صواب أو خطا ذلك التفسير نقول انه حتى هذا الاتفاق على سوءاته ان صح ان نسميه اتفاق لم تفي أحزاب المشترك ونكصت عنه ببرودة أعصاب؛ وذهبت تطلعات القيادات الجنوبية بالخارج أدراج الرياح وهي تعلق أملها على حل القضية الجنوبية من بوابة أحزاب المشترك مما أثار ذلك حفيظتها؛ وذهب عوضا عن ذلك الى ترميم الجبهة الجنوبية -الجنوبية بالخارج وتنسيق المواقف فيما بينها البين وبين الداخل بعد ان رأت هذه القيادات ان الرهان على حوار لا يكون طرفيه( شمال- وجنوب) ما هو إلا مضيعة للوقت؛ وهذا الاستنتاج كانت القيادات الجنوبية بالداخل قد فطنت له مبكرا ربما لقربها من مجريات الأحداث بالجنوب ولمعرفتها بالطرق المخاتلة التي يتبعها الطرف الأخر .
فبعد كل هذه التجارب الفاشلة وخيبات الأمل المتلاحقة منذ عقدين من الزمن في جعل الحوار هدفا راقيا لحل الاختلافات والخلافات قد تبخر وأصبح هشيما تذروه الرياح؟ أو بلغة كرة القدم : (إن هدفنا بالحوار قد طلع للأسف تسلل.....)؟!
Bka951753@yahoo.com
